ادب وفن

العبور إلى ممـالكِ مؤيـد الراوي* / حميد الخاقاني

العارفُ بمؤيدٍ حقاً تتعـدَّدُ مَداخلُ عبوره إليه، وإلى عوالمه.
ممالكه الشعرية أوسع المداخل إليه، وأكثرها سحراً وغِنىً، وتعقيداً كذلك، لمن يَلِجُ دنياها ويقتربُ إلى روحها. أعني، في الأصل، قصائد السنوات العشر الأخيرة تحديداً، حيث سطوعُ الشعر وتَجَلِّيه، وهو يتأمل في تصَـدُّع الوجود وقلقهِ وأوجاعهِ. يتأملُ "ملائكةً" تريد أن توقفَ الحياةَ وتستعيدَ الزمنَ الذي رحلَ، بينما الأنهارُ تجِفُّ والروحُ تغيبُ والأرضُ تتشَقَّق. يتأملُ رحيل الأصدقاء واحداً تِلْوَ الآخر في المنافي البعيدة. يتأملُ زمنَ البحارِ تصبحُ أعماقُها مقابرَ للمهاجرين. ولا يظلُّ لديه ما يندبُ فيه هذا الضائعَ المفقودَ كلَّهُ غيرُ عواء ذئبٍ جريح. عِواءُ روحٍ ترَدِّدُهُ الأيام.
قصائد (ممالك) وكذلك (سرد المفرد)، على تنوُّعِ تجاربها، ينتظمُها خيطٌ أساسي، هو رثاءُ هذا الضائع المفقود: رثاءُ الوطن ـ المكانِ الأول، وأهلِهِ المفقودين معه. رثاءُ الزمن، ما مضى منه وما تبَقّى. رثاءُ الأشياء تفقدُ معانيها. رثاءُ أصدقاء الصبا الراحلين. رثاءُ الشاعر نفسَه، ورثاؤه لنا نحنُ الباقين إلى أجلٍ ما، نتأملُ كيف الشموسُ تغربُ، وكيف الوحوشُ تأتي مع العتمة. تخرجُ من جُحور بربريتها ورجوعيتها وتصبح سيدةَ المكان والمشهد.
حين وصلت مؤيد نُسَخُ (ممالك) الأولى خطَّ لي في إحداها كلمات صغيرة تقول: "عزيزي حميد. آملُ أن تجدَ لك مملكةً في هذا الديوان". بعد قراءتي له هاتفتُ مؤيداً ذاكراً له أنني عثرتُ على ممالكَ لي في ممالكه.
ومع هذا المدخل الهام والساحرِ ثمةَ سُـبُلٌ أخرى تأخذنا إلى مؤيد: نصوصه النثرية. ما يرويه منها شفاهاً في جلسات الأصدقاء وملتقياتهم، أو يسردُهُ كتابةً. وهو، في الحالَيْن، حَكّـاءٌ حاذقٌ يصوغ حكاياته عن الأصدقاء والأمكنة والأحداث، وتجاربه فيها، بروح شعرية غالباً، ذاتِ حِسِّ فكاهي، ظاهرٍ حيناً وخَفِيٍّ حيناً. هذه الحكايات تختزنها ذاكرةٌ يقِظَةٌ لا يكاد يفلت من مداها حتى التفصيل الدقيق، ما دام صاحبُها يرى أنّ هذا التفصيلَ جوهريٌ لاستكمال السرد وكمال الصورة. وليس نادراً أن تتجاورَ الحدوثةُ، في هذه النصوص المروية والمكتوبة، وتتداخلَ مع الهوامش والاستطرادات في نسَقٍ سـرديٍّ واحدٍ يصبحُ فيه الهامشُ مَتْناً يجعلنا نتلمس ملامحَ الأحداث والأمكنة والشخوص ونشُمُّ روائحَها، ونستجلي معانيها.
هذا الأسلوبُ الذي يتشكل، كما يبدو، باسترسال وتلقائية في النثر المَحكِيِّ والمكتوب، يغدو، في بعض قصائد (ممالك)، خاصة في (أعمى من قرطبة)، تكنيكاً مُركَّباً بوعيٍّ ودرايةٍ، يتوسط فيه الهامشُ مشاهدَ السرد الشعري، يقطعها عن بعضها ليصلَها ببعضها ثانية. لحظة القطع ـ الوصْل هذه تجعل منه متنَ القصيدة الأساس وعمودَها المعرفي الذي لن يكون لها كل هذا الدَفَق والعمق وجمالية الشعر دونه.
أحدُ مداخل العبور إلى مؤيد حكايةُ تلك الثـلَّة من أصدقاءَ صار يُطلَق عليهم في التاريخ الثقافي العراقي المعاصر توصيفَ (جماعة كركوك) التي تقاربت مواقفُ أدبائها : أنور الغساني، جليل القيسي، سركون بولص، جان دمو، فاضل العزواي ومؤيد الراوي، من قضايا الابداع والحرية ولبرالية الثقافة. وهي مواقف أثارت، في حينها، غضبَ المحافظين وحرّاس الثقافة التلقيدية في المؤسسة الرسمية وفي الوسط الثقافي على السواء، خاصة وأنّ أصحابَ هذه المواقف الحرَّة من أهل (اليسار)، وهم في عُرْفِ أهل التقليد والبقاء على الموروث "شعوبيون!" و"زنادقة!"، مثلما نعرف.
ومما يؤسَفُ له أنّ بعضاً من مثقفي اليسار وسياسييه، ممن كان حبيسَ فَـهمٍ تقليدي، من نوع آخر، لمعاني الابداع والحرية، أسقطَ نفسَهُ، آنذاك، في فخِّ حساسيةٍ مفرطةٍ من مواقف الجماعة تلك، ومَيْلِـها إلى تجريبية في الكتابة، بَدَتْ حادَّةً وراديكاليةً وصادمةً لم يتَّسِـعْ لها صدرُ هذا اليسار، حينَذاك، ولا وَعْـيُهُ أيضاً. وإذا به يلتقى، في غفلةٍ منه، مع مَنْ لا ينبغي أن يلتقيَ وإياهم في موقف كهذا، دون أن يدركَ أنَّ التجريب في الفنون والآداب خاصة، ولكن في العلوم وتجارب العيش جميعها كذلك، هو فِعْلُ حريةٍ في الجوهر، ومُحَرِّكٌ أساسٌ للتطور الحضاري. والتجريبُ تعبيرٌ عن حركيَّة العقل ومُحرِّكٌ له في الآن نفسه.
التجريب مسارُ طريقٍ في كل شيئ، قد لا يُفضي دائماً إلى ما يُغَيِّرُ حقاً، لكنَّ ركوبه يظل جوهرياً وضرورياً لإحداث التغيير. أستعيد هنا تعبيراً أتى في قصيدة لسركون بولص يجسِّدُ معنى هذا الطريق: "البضاعةُ الوحيدة التي تُشيه الذهبَ الحُرًّ، هي الطريق".
أليس مشروع اليسار في الأصل، وعبر التاريخ كله، مشروع حرية وعدالة وحركيّةُ عقلٍ وتغيير دائب؟ وهل ثمةَ من معنى لليسار دون هذا المشروع؟
مؤيد نفسه يُفَضِّلُ للجماعة تسميةً أخرى غيرَ ما شاعَ، فهي في توصيفه، حين يتحدث عنها، أو يكتبُ (خلية كركوك الثقافية). والخليةُ، كما هو معروف، أساسُ كلِّ خَلْقٍ حيٍّ ونواتُهُ، في الحياة وفي السياسة كذلك.
غالباً ما يكون حديثُ مؤيدٍ عن (خليته الثقافية) هذه وصحبه فيها، حديثاً عن كركوك وأيامها وحاراتها ووجوه أهلها. وهو حديثٌ يستعيدُ فيه الصوتُ، حتى في اشتداد المرض، حيويتَهُ، والجسدُ عنفوانَهُ، والذاكرةُ اتِّقادَها، واللغةُ ألقَـها. حديثٌ لا يريد له صاحبُهُ أن ينتهي، وكأني بمؤيدٍ يستحضرُ فيه صحبَهُ إليه، ومعهم كركوك تلك الأيام.
أتظلّ كركوك ـ الأمكنة الأولى، والوجوه الأولى، والتجارب الأولى، والاكتشافات الأولى، هي مقصد الروح وموئلها، حتى وإنْ تعددت الأمكنةُ والوجوه والتجارب بعدها، يا مؤيد؟
أهي كركوك المستعادة صحباً وزماناً، مشاهدَ وحكاياتٍ، ما يجعل شجرةَ الروح تَيْـنَعُ وتورقُ أغصانُها ثانيةً، حتى في صقيع المرض؟ هل عادتِ الشجرةُ تستقي، في تلك اللحظات، من مياه آبارها القديمة، يا مؤيد؟
الرسم والتشكيل وكتابات مؤيد فيهما، على نُدرتها، هي أحدُ سبُلِ العبور إليه. ومثله فن الصحافة كتابةً وتصميماً وإدارةً.
ومع هذه المداخل والطُرُق إليه يجيئ مدخلُ السياسة والانتماء الفكري ليكونَ معبراً آخر لمعرفة الراحل والاقتراب إلى جوانب في سيرته الشخصية والثقافية على السواء.
مضى مؤيد في وقت مبكر من العمر، شأن غالبية رفقته في (خلية كركوك الثقافية)، إلى السياسة مُختاراً، مثلهم، الشيوعيةَ واليسار. وكان لهذا الانتماء أثمانه الباهظة، كما هو الحال دائماً عندنا : الاعتقال ثلاث مرات، في أعوام 1959 ، و 1963 و 1974، الهجرة من الوطن، ومواجهة خطر الاغتيال في بيروت، مع مثقفين شيوعيين ويساريين عراقيين آخرين، اغتالت فرقُ القتل البعثية منهم الشهيد (خالد العراقي). ولم يكن لخروج مؤيد إلى ألمانيا من دافع سوى محاولة درء خطر القتل هذا.
في انتمائه الفكري والسياسي هذا ظلّ مؤيد، طوال الوقت وحتى رحيله عنا، حريصاً على الاحتفاظ باستقلالية المثقف العقلية وروحه النقدية، حتى لمن، أو لما، تطابقَ حلُمهُ الانساني مع حلمه حتى النهاية.
قلتُ إن مواطن العبور إلى مؤيد تتعدد لمن يعرفه. ولكنني ما كنت أحسبُ، أبداً، أن يكون مدخلي إليه اليومَ هو الموت. ما كنت أنتظرُ هذا، لا لهُ ولا لي. أن أتحدث عنه وهو غائبٌ عنا.
قبلَ اسبوع من غيابه وردني، متأخراً، فُقدانُنا المفاجئ للصديق الشاعر (رياض قاسم)، وقد جمعتني وإياه خيارات الشعر والفكر، وصُحبةُ (حسين مردان) ومحبته. محبتنا له ومحبته لنا. وهما صحبةٌ ومحبةٌ شاركنا فيهما أحبة آخرون : فوزي كريم، أحمد خلف، عبد الستار ناصر ومنهل نعمة المهدي.
وقبل غياب مؤيد بيومين أتاني نبأُ رحيل ابن أخٍ لي، قريبٍ إلى روحي، ما كنت أظن أنه سيمضي قبلَ أن أمضي. وما كدتُ أنتهي من تلَقّي العزاء فيه، حتى داهمني رحيلُ مؤيدٍ، فاعتكر الهواء حولي، وانغلقت ممراته. أخذَ يتبلبلُ ويتعثَّرُ حتى لم يعدُ يعرفُ السبيلَ، لا إليَّ، ولا إلى نفسه. وما عدتُ أعرفُ بمنْ يكون العزاء، وممن يأتي.
هل نلعنُ هذا الموتَ ونلومُهُ إذْ يفاجئُنا بتسلسلهِ الفوضويّ والغريب هذا يا مؤيد؟
موتٌ كثيرٌ يجتمعُ في شقوق الروح، هذه الأيامَ، ويتراكمُ هناك يا صديقي.
لم يكن الموتُ الشخصي مادةً ننشغلُ بها في لقاءاتنا، حتى الأخيرة منها. كنا نتحدثُ في كلّ شيئ : في الشعر والكتابة. نتحدث عن الأصدقاء والأمكنة الأولى. عن الأبناء والأحفاد. عن طبائع الكلاب، وقد اقتنينا بعضَها وصاحبناها. عن مزاياها وذكائها وخصالها الانسانية الحميدة، وفضائلها التي تتفوق فيها على الكثير الكثير من بني آدم. عن الموروث الثقافي والاجتماعي والديني نتقصى فيه جذورَ البلوى التي تُلِـمُّ ببلداننا وأهلها منذ عقود. عن أحوال الركود في العقل والتفكير الجَمعيَين في غالب مجتمعات العرب والمسلمين، حيث أُجهِضتْ كافة محاولات الاصلاح والتجديد الحقيقيين. عن العراق ما عاد عراقاً أبداً. عراق ظلَّ له الاسمُ وغابَ عنه المُسَمّى. عن الوطن، أو ما كان وطناً، فأخذه ملوكُ الطوائف وساستُها وسادتُها وطناً لهم وحدهم، يتناهشون أشلاءه كما تتناهبُ وحوشٌ كاسرةٌ عظامَ فرائسها.
فُقدانُ الأوطان هذا، فقدانُ أهلها لها، وفقدانُها هي لنفسها، أخذنا إلى تجربة موتٍ من طينة أخرى، أشدَّ فجائعيةً وأوجاعاً. موت يتواشج فيه الشخصي بالجَمعي. هجرةُ الشعوب التي نشهد بعض مظاهرها هذه الايام، ووجدت لها أصداء في بعض قصائد (ممالك)، ليست سوى تجسيد مأساوي لموت الأوطان هذا.
قلت مرةً لمؤيد : حين نفقد الأوطان والأمكنة الأولى لا يعود لنا في مغترباتنا هذه من أوطان وأمكنة غير الأهل والأصدقاء الحقيقيين. ومؤيد كان لي أحد هذه الأوطان، وأحد هذه الأمكنة.
وبغيابه هو، وغيابِ أحبةٍ آخرين سبقوه يزدادُ الفراغ حولي، وتتسعُ مهاويه.
في لقائي ما قبل الأخير معه تحادثنا قليلاً عن مرضه، وهما مَرَضان فاتكان في الحقيقة. مضيتُ في حديثي إلى امكانية الانتصار على مثل هذه الأمراض عبرَ التآلف معها، ومصالحتها والقبول بها. أذكر أنني أشرتُ إلى أنَّ هذه الأمراض التي نصفُها بأنها (عضال) هي بضعةٌ منا. هي بعض تكوينات الجسد تخرجُ عليه يوماً ما. خليةٌ فيه تستيقظُ بعد سبات طويل ربما. تستيقظ جائعة فلا تجد من سبيل لإشباع جوعها غير أن تفترس ما يحيط بها. هذا المخلوق فينا، ومنا، لا يعرف شيئاً آخر غيرَ هذا. هو يشبهنا تماماً، فنحن لكي نحيا نسلبُ مخلوقات أخرى، حيواناً ونباتاً، حياتَها أيضاً.
رويتُ لمؤيد، أثناء الحديث، حكاية شخص ألماني سطَّرَ يومياته مع مرضه في كتاب. كان يحاور مرضه كلَّ يوم، حتى انتهى إلى الاتفاق معه بأنْ يواصلا العيشَ معاً، إذ أنَّ وجودَ أحدهما شرطٌ لوجود الآخر، وفي موت أحدهما (الرجل) موتُ الاثنين. في حينها أطلق مؤيد ضحكةً عالية. وتلك عادة فيه حين يجد في أمرٍ ما نوعاً من فُكاهة.
وقتها قال لي : "ياحميد، أنا أعيش حالةَ حيادٍ مع مرَضَيَّ هذين. أقف خارجَ لعبة الجسد معهما، وأراقب بحيادية مطلقة ما يجري بينه وبينهما. أنزعُ نفسي عنه. أنتقل معها خارجَهُ لنشهدَ معاً كيف يواجه هذا الجسدُ موتاً صار يسكنهُ. كيف يسعى للإفلات منه".
أخبرتني فخرية البرزنجي، حبيبتُه ورفيقة دربه الطويل، أنه، ومثلما روى لها الأطباء، كان هادئاً تماماً في لحظاته الأخيرة. كان أشبهَ بمن يتمتع بنومه.
هل كنتَ واقفاً في تلك اللحظات خارجَ اللعبة كلِّها، كما قلت لي، يا مؤيد؟ هل كنت تراقب، بحيادٍ، كيفَ الجسدُ يمُـدُّ يديه إلى مخلوقَيْه القاتلَيْن هذيْن مُصطحباً إياهما إلى أمكنته الجديدة؟
في لقائنا الأخير كان مؤيد يستعينُ على وَهَن الجسد، وتثاقل الخُطى، بعكّازٍ مصقول ومُرَصَّع، يتكئُ عليه. حين غادرنا المقهى، بعد ساعات من أحاديث وجدالات في أحوالٍ شَـتّى، وهبطنا الرصيفَ إلى حيث تنتظره فخرية بسيارتهما الصغيرة، جعلتُ يدي اليمنى مُتَّكَئاً آخر له، يستند عليه جانبُه اليسار.
قُلْ لي : لأيٍّ منا ألقتِ الروحُ بعكازها المُرَصَّع ذاك، ساعةَ الرحيل، يا مؤيد؟
في الشهور الأخيرة لم يعد مؤيد مكترثاً بمرضَيْه. لم يعد معنياً بالانتصار عليهما، وقد حملهما معه، وصاحبهما هذه السنوات كلها. ما كان يعنيه شيئٌ آخر، أكثر أهميةً : إكمال ديوانه الشعري الثالث (سردُ المفرد)، الذي صدر قبل نومته الهادئة بيومين اثنَيْن، وإعداد نصوصه النثرية كذلك لنشرها في كتاب.
هل انتهيتَ، يا مؤيد، إلى أنَّ انتصارك على الموت يتحقق بالشعر والكتابة فقط، بوصفهما الحصنَ الأخيرَ إزاءَ غدر الزمان ودكتاتوريته؟
وهل اكتملتِ الآنَ رحلةُ التيهِ، ووصلتْ قاطرةُ الروح محطتها الأخيرةَ، وبدأ زمانُ وحشةٍ آخرُ طويلٌ، يامؤيد؟
أتُرانا سنعودُ، يوماً، لترويَ لنا، كيف تقضي الروح زمانَ وحشتها الطويل هذا، يا مؤيد؟
أنا ممتَنٌّ لك يا مؤيد على لحظات لقاءاتنا الغنية عبر هذه السنين الطويلة. على جدالاتنا، ما تطابقنا فيه منها، أو تناقَضْنا. على اتساع روحك لما صارَ يُقلقني، منذ أمدٍ، فصرتَ، على ما بك من أوجاع، تقلق معي على قلقي، وتُمْعِنُ في السؤال عنه.
أنا مُمتَنٌّ لك يا مؤيد على ما أورثتنا إياه من شعر غنيٍّ بروحه، بلغته، بتعدد أصواته، وبدعوته إيانا للتأمل، للمعرفة ، وللجدل مع النفس والعالم.
نصوصُك هذه، والذكريات معك، يا مؤيد، أمكنةٌ نقصدها للقائك، ونظلُّ نُكْثِرُ التَرَدُّدَ إليها، وكأننا نأتيك إلى البيت أو المقهى، كما كنا نأتي.
* مقاطعُ من هذه الكتابة أُلْقيتْ في جلسة استذكار للراحل أقامها الملتقى العراقي في مدينة لايبزيج في
السادس عشر من تشرين الأول الماضي