ادب وفن

أمي / صبيح عمر


الى أُم الشهداء: أيوب ويوسف وعبدالكريم عمر الذين أعدمهم الدكتاتور المقبور
ما زلت أبحث عنك في زوايا البيت
مذ حطت خطاي
قريباً من ظلك،
لم يخبرني أحد الى الآن؛ أين كنت تنامين
لعلي
أنام بقربك !
افتش عن عينيك في حسي المبعثر
ابتسامة خاطفة
خائفة أم زائفة ...
لا أدري؟
لكني أعجب
كيف عاشت هنا أو هناك
لقد بددت الأعوام ...
أكلتها الحروب
عدت في آخر الأيام
في آخر الأحلام
أبحث عن هاجس ما ...
والى جانبك
أبحث عن أعواد المشانق
في مقابر سرية
ترى من كتب التقرير
أو علق المشنقة؟ ...
في كل يوم أبصق بوجه الخوف
أجلس في أي مكان في البيت
أحس أنك كنت هنا
تتوسدين بقربي
وفي وجوه الجيران
أفتش عن أحد يذكرني بك ...
لم يبق
منهم الا الصامت القابض على وجع
الماضي
ما زلت أراك تتفحصين
كل الوجوه
ببراءة طبعك الرقراق
وحزنك الصامت
وأنتظارك المفجوع
لأمل يعيش بين الأضلاع
شده نحول طويل من حزن
يوسف
الذي ظل يقاوم قرش البحر
حتى سما بصبر أيوب..
أخيراً
عثرتُ على عدسةٍ يتيمة
لنظارة ...
يقال أنها لك رغم نظرك الثاقب
أطلتُ النظرَ فيها
لعلي أرى عينيك مرسومة من خلالها
كم أعطيتُ أحلامنا، اشارة جديدة على الطريق
منذ كنا صغاراً
والى الآن
كانت أمنية يتيمة أن تحسك عيني ولو للحظة
هاربة..
عند عودتي .....
تأخرت طويلاً
تأخرت طويلاً
فماذا يفعل المحكومون بالموت .....؟
هل يعودون
للسماء
قبل سقوط التماثيل ....؟!
أم بعد رحيلك المفجع
هل يقبضون
على جمرة الأيام والليالي
أم يرسمون حظهم بأصابع الاحتراق؟
ويجيئون على عجل
في الصف الأخير
من الفرح القديم ؟
لا أقول لك وداعاً
لأنني لم أودع حضورك الدائم لي
حضورك الشامخ لنا
بين طيات السجون
بين الأحمر والأسود
تعبرين "نقرة السلمان"
وتوديعين أعواد المشانق
تقولين لي ....
هنا قد رسمت وجهاً واحداً
لأبنائي
وهم يصعدون الى يوسف الأبدي
وسادة البلد المنهوب ....