المنبرالحر

بلابوش انتخابات/ احسان جواد كاظم

تتعرض نتائج الانتخابات البرلمانية للتشكيك والرفض من قوى متعددة، وخاصة من قوى السلطة المهيمنة، وتتصاعد تبعاً لذلك دعوات اعادة عدّ الاصوات بسبب خروقات مارستها الاحزاب المتنفذة ضد بعضها البعض وضد قوائم صاعدة اخرى، قبل اقرارها رسمياً من قبل المفوضية العليا للأنتخابات، وتنذر هذه الخلافات بتفتت ائتلافات وتحالفات خاضت الانتخابات، وهي لم توفر احداً، حتى انها طالت أكبر أئتلاف فائز فيها وهو ائتلاف دولة القانون، فقد اتهم بعض النواب الخاسرين في القائمة رئيس القائمة نوري المالكي " بتجيير الدولة ومؤسساتها لشخصه ولصهريه ولأقرباءه..." على حساب اسماء تاريخية في حزب الدعوة. كما اتهم بعض اعضاء كتلة " متحدون " قيادتها بالأرتباط بأجندة خارجية ".
وكان من أطرف ما افرزته النتائج التي أعلنتها المفوضية المستقلة للانتخابات عدم تسجيلها اي صوت لسبعة وعشرين مرشحاً ومرشحة، حتى انهم لم ينتخبوا أنفسهم، او فشل آخرين حصلوا عشرات الآلاف من الاصوات من عبور عتبة البرلمان مقابل فوز آخرين لم تتعد الأصوات التي حصلوا عليها المئات.
كما ان من أغرب التصريحات التي أطلقت كانت قد صدرت من المرشح مشعان الجبوري ونشرتها " اين " حيث قال : "سأذهب للبرلمان كنائب بغض النظر عن خسارتي". وكان هذا المرشح قد مثل امام محكمة بتهمة الأختلاس والأرهاب ولكن جرى اعفاءه بصورة مريبة .

وطرقت الخلافات باب اكثر التحالفات تماسكاً الا وهو التحالف الكردستاني، حيث ثار سجال فيما بين أطرافه حول احتساب مقاعد لهذه الجهة على حساب الأخرى، لا بل وصل النقاش حد التشكيك بمواقف حادة من قيادة الأقليم ضد حكومة المركز والتهديد بأعلان استقلال الأقليم ، والتي كان العامل العاطفي المؤثر الذي أستندت اليه بعض القيادات الكردية لجذب التأييد الشعبي انتخابياً لصالحها. فقد صرح القيادي في الأتحاد الوطني الكردستاني عادل مراد ل" شفق نيوز" بأن : " ابتعاد الكورد عن العملية السياسية في بغداد تقف خلفه أجندة خارجية، تركية وسعودية وتنظيم داعش " . وذلك يشير الى اختلاف كبير في تقييم العلاقة بين المركز والأقليم، فأن ابتعاد القيادة الكردية عن العملية السياسية في بغداد سوف لن يلهب الوضع العام في العراق فقط بل ان نتائجه السلبية ستنعكس على الأوضاع العامة في كردستان العراق ذاتها.

وبينما استغلت قوى السلطة المهيمنة تصعيد الخلافات فيما بينها لأغراض انتخابية فأننا نراها، بعد ان حققت ما تريده من فوز مؤزر، قد تراجعت حدة خطابها الأعلامي عن اسباب خلافاتها والتي كانت تبدو وكأنها عصية على الحل، وبدأت تظهر مرونة سياسية مفاجئة، ففي الوقت الذي كان رئيس الوزراء نوري المالكي يبدي حزماً ازاء تجاوزات القيادات الكردية، صرح مستشاره الأعلامي السيد علي الموسوي ل " نينا " : " لا توجد لدى رئيس الوزراء ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي خطوط حمراء على اي كتلة سياسية للتحالف معها لتشكيل الحكومة المقبلة ". وعلى نفس المنوال كان الموقف المتشدد بالتهديد بالأنفصال ما قبل الانتخابات قد أنقلب جذرياً لصالح موقف مختلف تماماً لما بعدها، فحسب تصريح للنائب محمود عثمان اوردته " شفق نيوز " قال : " ان موقف الكتل الكردستانية الأخير لم يضع أي فيتو على أحد " وأكد على " الأنفتاح على جميع الأطراف ". وهذا يعني من بين ما يعني حتى قبول ولاية ثالثة للمالكي.
جاءت الانتخابات بوجوه جديدة واستبعدت اخرى من الاطراف المتحاصصة المهيمنة لكنها لم تأت بجديد على مستوى البرامج، فبرامجها هي ذاتها رغم ادعائاتها بالتغييرالتي صدّعت رؤوسنا بها، فأفعالها وتصريحات رموزها تدلل على استمرار النهج القديم .

ليس بوقت طويل ليصرخ من خُدع بشعاراتهم : " أي قدر، أية عناية ربانية هازئة، جعلتني انتخبهم ؟!!!