المنبرالحر

إنه الصراع الطبقي .... يا سادة / تحسين المنذري

لم تألوا الحكومات العراقية المتعاقبة منذ العام 2003 والى الان جهدا الا وبذلته في سبيل توجيه دفة الاقتصاد العراقي نحو الاقتصاد الحر ، وعملت كل مايتطلبه الامر بما فيها محاولاتها الجادة بتصفية المنشآت الحكومية وتحويلها الى القطاع الخاص ، مبتدأة بتحويلها الى منشآت تمويل ذاتي ، لكنها في الوقت نفسه لم توفر الارضية القانونية أو الاقتصادية لنجاح عملية التمويل هذه ، وفي الوقت عينه وفي خضم الانفتاح الاقتصادي المنفلت والفساد المالي الذي يرافق عادة عمليات الانفتاح الاقتصادي هذه ، تكونت شرائح طبقية من القيادات السياسية المتنفذة ، بعضها برجوازية بيروقراطية ، أو عقارية ، أو تجارية والبعض الاخر كومبرادورية إرتبطت بشكل خاص بالكارتلات النفطية العالمية ، كما إستطاع البعض من ذوي النفوذ المالي وشرائح طبقية برجوازية أخرى من إمتلاك وسائل التأثير في صناعة القرار السياسي والتوجهات الاقتصادية للجكومات العراقية بما فيها الحكومة الحالية التي ينص برنامجها صراحة على دعم سياسة التوجه نحو القطاع الخاص ، وبالتالي فقد تشكلت مصالح طبقية للفئات الحاكمة من مصلحتها أن تتخلى الدولة العراقية عن ملكية المنشآت الاقتصادية والصناعية التي بحوزتها ، وذلك أيضا ما ينسجم مع شروط العولمة الرأسمالية وأذرعها كي تمنح نظرة الرضا عن القائمين على الوضع العراقي وتحنو على الاقتصاد العراقي ببعض القروض أوالمشورات وربما بعض الاستثمارات خاصة في القطاع النفطي .
لقد تشكلت تلك الشرائح الطبقية للمتنفذين في الحكم بغض النظر عن إنتماءاتها الطائفية والاثنية ، وصارت لها مصالح إقتصادية تعلو على أشكال الصراعات السياسية بل وحتى المسلحة منها تحت يافطات طائفية في الاغلب . وللمراقب أن يكتشف أسباب الخلاف بين حكومتي الاقليم والمركز حول قانون النفط والغاز .وبالتأكيد فإن المصالح الطبقية بمختلف مجالاتها لتلك الشرائح تتعارض كليا مع الضفة الاخرى من المجتمع العراقي من كادحين بمختلف المجالات ، عمال وفلاحين وكسبة ومتقاعدين وغيرها ، وما شهدته الساحة العراقية من حراكات عمالية وإضرابات ومظاهرات للفلاحين في البصرة ومطالبات شعبية بمحاربة الفساد المالي والاداري متمثلا بمطاليب تخفيض رواتب موظفي الدرجات العليا والبرلمانيين وغيرها ، إن هي إلا أشكالا من التناقضات الطبقية ، تلك الصراعات التي تحاول قوى العولمة الرأسمالية غمطها أو تصويرها بمظاهر أخرى كصراع الحضارات، أو الصراعات الطائفية التي تسود مناطق الشرق الاوسط ،أو خلق بؤر إرهابية هنا وهناك وغيرها من المحاولات التي تثبت الحوادث والايام إن هي الا محاولات فاشلة للتغطية على الصراع الطبقي كمحرك رئيسي لتوجهات الحكم والسياسة الاقتصادية لمختلف الحكومات الموالية لتوجهات الغرب الاقتصادية .
إن العمال العراقيين الذين إنتفضوا من أجل حقوقهم المشروعة ليسوا مجموعة مساكين أو فقراء أو شحاذين ، بل هم جزء من الطبقة العاملة العراقية لهم حقوقهم ومصالحهم ، وما كسبوه من نتيجة أخيرة بصرف مستحقاتهم ليس منّة من أحد أو تصدق أو فضل قدمته السلطات العراقية لهؤلاء ، بل هو نصر في جولة من جولات الصراع وتأكيد لوجود تحاول السلطات منذ عقود للتغطية عليه بتسميات شتى ، وحق إنتزعوه من مخالب البرجوازية العراقية بكل تلاوينها وتوجهاتها ، ولابد من إدامة زخم نضال الطبقة العاملة العراقية وتدعيمه بصياغة الشعارات والبرامج وتنظيم صفوفها بما يتلاءم مع أشكال النضال الحالية . إن العمال الذين إنتفضوا لم يسأل أي منهم صاحبه عن هويته الطائفية أو الاثنية ،ولم تثن ِ عزيمتهم تشابه هوياتهم الفرعية مع هويات الحكام ، بل كانت المصالح الطبقية من تحركهم ومن وحّدتهم ... إنه الصراع الطبقي .... يا سادة .