جند خراسان / زهير كاظم عبود

حين يأتي ذكر ( خراسان ) يتبادر الى الذهن المنطقة التي برز منها أبو مسلم الخراساني احد مؤسسي دولة بني العباس وأهم دعاتها ، ومن بين الذين ساهموا في هزيمة الجيش الاموي والقضاء على الدولة الاموية ، وخراسان أحد أقاليم ايران الذي يضم ثلاث محافظات ، هي كل من محافظة خراسان الشمالية وخراسان الجنوبية وخراسان رضوي . وتحادد افغانستان من جهة الشمال الشرقي .
ويبدو ان اسم ابو مسلم الخراساني وراياته السوداء لنصرة العباسيين وقيام دولتهم في العام 132 هجرية ، نالت اعجاب بعض المتشددين من التكفيريين ، ودعاة قيام الدولة الإسلامية على الأسس المتطرفة والمتشددة وفق تفكيرهم وعقائدهم ، فاتخذوا من اسم ( جند خراسان ) شعارا لحركتهم ، على أساس انهم يرفعون تلك الرايات لفتح البلدان واخضاعها لنفوذهم وحكمهم وتطبيق تطرفهم وتكفيرهم ، ولوجود بؤرة مناسبة وحاضنة في الكويت التي انتشر فيها التنظيم التكفيري والمتطرف ، فانطلقوا من الكويت ينشرون افكارهم ويؤسسون تنظيمهم بقيادة ( محسن أياد فاضل الفضلي ) أحد انشط مؤسسي التنظيم.
وبالنظر لتوافق وانسجام أفكار مؤسسي تنظيم جند خراسان مع افكار تنظيم القاعدة الإرهابي ، فقد أنضم التنظيم الى القاعدة في قتاله ضمن افغانستان ، ، وباندماج التنظيم مع القاعدة أصبح الفضلي أحد ابرز قياديي القاعدة ، والفضلي هو مواطن كويتي من أصول عراقية ، اتهم بتورطه في محاولة تفجير مؤتمر التجارة العالمي في الدوحة عام 2000 ، وتم تقديمه للمحاكمة واخلي سبيله لعدم كفاية الأدلة ، أصبح الفضلي مطلوباً للسلطات السعودية والأمريكية وأدرِج اسمه في قائمة مجلس الأمن الارهابية في 2005 .
وأدرِج اسمه في قائمة مجلس الأمن الارهابية الصادرة في فبراير 2005 ، وظل متوارياً عن الأنظار حتى نوفمبر 2008 ، حيث اعترف أحد الناشطين المتشددين لجهات الأمن الكويتية بأنه زوّر وثائق سفر ساعدت محسن على الخروج من الكويت في أكتوبر 2008 متوجهاً عبر البحر الى ايران ومنها الى أفغانستان.
عمل الفضلي في افغانستان في العام 2008 بالقرب من الارهابي ابن لادن ونسق معه ، وقد كان مقربا منه لدرجة أنه كان من بين مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين يعلمون بشأن هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001 قبل وقوعها. وهو في الخامسة والثلاثين من العمر ، أنتقل من افغانستان الى الخليج متخذا من قطر ملاذا ومكانا للاستقرار والحركة لما يتوفر فيها من دعم وانسجام مع التنظيمات الارهابية المتطرفة ، ولسهولة الانتقال منها الى مناطق أخرى ، وقبل عام 2003 ألقت قوات الأمن الكويتية القبض عليه مجدداً مع آخرين بتهمة التورط في تفجير الناقلة الأمريكية (كول) قبالة السواحل اليمنية من خلال دعم الشبكة التي نفذت العملية بالتمويل المالي، وحكمت محكمة الجنايات الكويتية بسجنه خمس سنوات وأيدتها محكمة الاستئناف، لكن محكمة التمييز الكويتية برأته وتم اطلاق سراحه.
أنتقل للعمل مع مجموعته الى سوريا في منتصف عام 2013 بعد نشوب القتال بين الجيش السوري والتنظيمات التكفيرية والمتشددة والمعارضة التي دعمتها الولايات المتحدة لأسقاط نظام بشار الأسد ، وبعد تنقله في العديد من المناطق السورية استقر به المقام في منطقة ( الرقة ) التي اتخذها التنظيم المتطرف مقرا له بعد ان سيطر عليها ، وتم رصد جائزة مالية قيمتها سبعة ملايين دولار رصدها المركز القومي الأمريكي لمكافحة الارهاب لمن يدلي بمعلومة تفيد بالقبض عليه ، بالنظر لخطورته الإجرامية .
اثناء عودته للكويت اعتقل مرة أخرى بعد ورود تقارير استخباراتية تفيد بتورطه في مقتل عضو مجلس الحكم العراقي السابق الشهيد عزالدين سليم وكذلك تقديم دعم مادي لمنفذي عملية اغتيال الشهيد محمد باقر الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، لكن القضاء الكويتي برّأه من جديد.
وكان له الدور البارز والحاسم في انحياز الظواهري إلى جانب (( جبهة النصرة )) بقيادة ((أبو محمد الجولاني )) ، في خلافها مع تنظيم داعش بقيادة أبو بكر البغدادي، واعتبارها الذراع الرسمي لـتنظيم القاعدة في سوريا، وهو ما يؤكد أن الفضلي رجل الظواهري الأول في سوريا وموضع ثقته.
وفي عام 2012، ذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن الفضلي هو أحد قادة تنظيم القاعدة ، وانه شخصيا يوجه حركة الأموال والعملاء في جميع منطقة الشرق الأوسط . حيث أصبح مسؤولاً عن نقل الأموال والمقاتلين لتنفيذ العمليات الارهابية في المنطقة. وأوضحت المعلومات أن الفضلي يعد من أخطر الإرهابيين على مستوى العالم ، وارتكب وجماعته عددا لا يحصى من الجرائم ضد الانسانية ، مشاركا التنظيمات المتطرفة في سيطرتها على مناطق عديدة من سوريا ، والتنسيق مع بقية الأطراف المشاركة في ارتكاب هذه الجرائم بحق المواطنين السوريين .
وحال اعلان ( ابو بكر البغدادي ) قائد تنظيم داعش الإرهابي قيام دولته المزعومة ( الدولة الإسلامية في العراق والشام !!) ، قام تنظيم جند خراسان بمبايعته على لسان المدعو أبو دجانة الأفغاني المتحدث الرسمي باسمه، وكان البغدادي انشق عن تنظيم القاعدة عام 2013 بسبب توسعه في سوريا، إذ قام وأتباعه بأعمال ذبح وصلب وتعذيب وعمليات إعدام جماعية . ويسلط انشقاق هذه الجماعة الضوء على تزايد المنافسة بين قيادة ( القاعدة ) و( داعش) ، على زعامة حركة التشدد وقال أبو دجانة الأفغاني في شريط صوتي بثه موقع ( أبطال الإسلام ) تحت عنوان بعنوان ( مد الأيادي لبيعة البغدادي) وتناقلته مواقع التواصل الاجتماعي : من إن الشيخ أبا يزيد قاهر الخراساني ومن معه من الإخوة قد بايعوا أبا بكر البغدادي . ووجه نداء للمقاتلين بالبيعة للبغدادي، وقال إن (( (داعش) يحارب اليوم ما سماه تحالف الغرب والحكومات المرتدة والرافضة !!)) .
ويعد تنظيم (( جند خراسان )) أحدث فصيل بعد تنظيم جند الخلافة يبايع البغدادي، بعد أن حقق تنظيم داعش مكاسب على الأرض في العراق وسوريا .
ويقارن بعض المتشددين بين نجاح تنظيم داعش في إقامة معقل يمتد بين غرب العراق وشرق سوريا، في حين فشل تنظيم القاعدة في شن هجوم كبير على الغرب منذ أكثر من 10 سنوات ، كدليل على حيوية التنظيم وقدراته وفاعليته في المنطقة . ويعد تنظيم جند خراسان من الفصائل الإسلامية المسلحة المتشددة في المنطقة ، التي تعتمد العمل العسكري المسلح والارهابي ، وكان مصدرا لتجنيد آلاف الشبان الذين سافروا من ليبيا وتونس والمغرب إلى سوريا والعراق. وكان الفضلي قليل الظهور في الاعلام ، ويعتمد تنظيمه على عناصر أغلب قياداتها من الأجانب المتشددين ، من الأفغان والشيشان والأفارقة .
واعتمادا على الرواية التي تقول بأن الرايات السود التي تأتي من المشرق ، من مناطق أفغانستان حيث تعمل مجموعة الفضلي أو من خراسان نفسها ، هي التي ستسيطر على المنطقة وتخضعها لحكمها ، وحسب المصادر الاستخبارية الأجنبية يتم تمويل تنظيم جند خراسان من بعض الشخصيات القطرية المتطرفة التي انكشفت علاقتها بزعيم التنظيم خلال التحقيق في الكويت ، وزاد من هذا الدعم تنسيقه مع الحكومة القطرية والجهات الامنية فيها لغرض المساهمة بأسقاط نظام بشار الأسد ، ومن ثم العبور الى العراق لمساعدة تنظيم البغدادي ومبايعته ، وهذا الأمر لم يجد ترحيبا لدى الظواهري .
وكان تنظيم البغدادي قد وجه رسالة الى الظواهري شديدة اللهجة وبلغة قاسية ، مما شكل سببا جديدا لنشوب القتال بين التنظيم وبين جبهة النصرة التابع للقاعدة .