المنبرالحر

خلط الأوراق ... مهمة صعبة !!‏ / سامي سلطان

موضوع الأزمة التي أثيرت بسبب اختراق الحدود العراقية من قبل القوات التركية، الذي اثار جدلاً واسعا حوله، حمل في طياته العديد من الجوانب، قد لايتسع المجال هنا لتغطيتها كونه يحمل العديد من التفسيرات، لكن السؤال المهم يكمن كما نعتقد، في بعده السياسي بالدرجة الأولى، على صعيد الصراع الدائر في المنطقة، وحول جدلية العلاقة والمسؤولية التي يتحملها كل طرف من أطراف اللعبة التي يمارسها، في قربه أو بعده من الإرهاب الذي يضرب يمينا وشمالا في أرجاء مختلفة من العالم ، وبالأخص في العراق وسوريا، فحين دار الحديث عن تورط تركيا في دعم إرهابي داعش وتمهيد الطريق لهم، لم تكن هناك أدلة ملموسة،رغم وجود العديد من المؤشرات التي تؤكد ذلك، ولكن كما يقول المثل. .. رب ضارة نافعة... إذ كُشفت الأوراق والمخططات بعد أن تورطت تركيا في إسقاط الطائرة الروسية، فجاءت البراهين الدامغة والملموسة التي قطعت الشك باليقين، وهنا صار لزاماً على الأتراك إثبات العكس، ولكن كيف..؟ لاشك أن أبعاد الشبهات يحتاج إلى براهين مقنعة، ليس للاستهلاك المحلي فقط وإنما الخارجي ايضاً .. إذ لا يكفي أن تقول انها غير ضالعة في هذا المخطط الذي تمدد أذاه إلى خارج حدود المنطقة، وأخذ يتخذ مديات أكثر خطورة حتى اكتوى بناره الأصدقاء قبل الأعداء.
هنا لابد من ذكر حقيقة، أن المصلحة الخاصة لسلطة الاتراك ، تجيز لهم ارتكاب أي حماقة، وهم من جُبل على ذلك منذ أيام إمبراطوريتهم المنهارة التي عاثت فساداً على مدى قرون .
قدمت تركيا نفسها باعتبارها طرفاً في التحالف ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى أن قواتها متواجدة لتدريب قوات البيشمركة وان هناك اتفاقات مسبقة في هذا السياق، هذا التصريح دعمته أطراف عراقية متهمة بمولاتها للإرهاب ونفته جهات حكومية، وهنا لابد من اعادة النظر في الدوافع الرئيسية لكل طرف من اطراف اللعبة على الصعيد الدولي والاقليمي وبالطبع الداخلي، وهو الاهم بالنسبة لابناء شعبنا العراقي.
يبقى علينا أن نتسائل.. لماذا تأخر الروس في الكشف عن الحقائق التي وثقوها، بخصوص تورط السلطات التركية في تقديم الدعم اللوجستي لداعش؟وهم من واكب الاحداث الدائرة في سوريا منذ البدء.
ولماذا أقدم الأتراك على إسقاط الطائرة الروسية؟ رغم ارتباطهم بعلاقات اقتصادية وثيقة، آخرها كان توقيع عقد ضخم بخصوص بناء محطات استقبال وتصدير الغاز، لم يجف حبرها بعد ، ولماذا تحركت القوات التركية على المكشوف لتخترق الحدود الشمالية العراقية؟ في خطوة يمكن تفسيرها على أنها عملية لتغطية انسحاب داعش، في الوقت الذي يجري الحديث فيه عن خسائر فادحة يتعرض لها هذا التنظيم الارهابي على أيدي القوات العراقية، وقرب تحرير الرمادي ومحافظة الموصل، كما يمكن تفسير ذلك أيضا على اعتباره خطوة باتجاه دعم الطابور الخامس الذي تآمر على احتلال أجزاء واسعة من العراق وسوريا .
مما لاشك فيه لقد أسهم كل هذا في حرف الأنظار عن الهدف الأساسي للحراك الجماهيري، الذي اتسع وأصبح أكثر تأثيرا بعد 31/7 ليصب في مصلحة الحكومة والقوى المناهضة للإصلاح، إذ أصبح الحديث الرائج هو كيف يمكن التصدي للقوات التركية، وضرورة الحفاظ على سيادة البلاد، التي لم تكن كاملة، وهي مخترقة من الاساس، رغم ان ذلك يمكن توضيفه لرفع سقف مطالب الجماهير المنتفضة، إلا أن الطاقم الحاكم أخذ يستثمرها باتجاه تقوية مواقعه وهيبته المهزوزة ، على الصعيدين الداخلي والخارجي، وهنا نخشى من أن تتحول القوى المناهضة للإصلاح إلى الهجوم، وسحب البساط من تحت أقدام القوى الشعبية الطامحة للإصلاح الجذري، وإن تتحول المرجعية من داعم للإصلاح والقوى المطالبة به إلى دعم الطبقة السياسية السائدة في الحكم، بحجة الدفاع عن السيادة، التي تحولت في أحسن أحوالها إلى سلاح ذو حدين.
لم تكن تركيا وحدها من سلك طريق ذر الرماد في العيون للتغطية على انغماسها في المخططات الطائفية، بل خرجت علينا المملكة العربية السعودية بمشروع جديد وهو تشكيل تحالف جديد لمكافحة الإرهاب !!! يا للعجب ماذا حدا مما بدا؟!!!، إعطاء حق للنساء السعوديات بالانتخاب، في سابقة هي الاولى من نوعها في دولة ال سعود !!؟ هل نحن في طريقنا للانقلاب الجذري، أم أن هناك لعبة جديدة هدفها التضليل وإبعاد الشبهات عن تحمل مسؤولية ارتكاب الجرائم التي راح ضحيتها الاف الابرياء.