المنبرالحر

الحراك الجماهيري وعملية الاصلاح / باسم المنذري

يبدو للوهلة الاولى من توصيف الحراك الجماهيري انه تمرد على واقع بال وسيئ وهو وسيلة لتحقيق ما يمكن تحقيقه من حقوق ومطالب مشروعة بجرعات متتالية من السلطة الحاكمة سعيا منها (اي السلطة) إلى تذويب الحراك وتمييعه.
ونرى ان هذه النظرة خاطئة، فالحراك الجماهيري صيرورة دائمة وعملية تغيير واصلاح مستمرة ومتجددة، فالسلطة الحاكمة ترى ان لا شيء يجب تغييره في وضع يحتفظ لها بحصة الاسد. وقد قاموا بتبرير هذه المصالح بشتى التبريرات حينما شغلوا الناس عن كل محاولة تهدف إلى تغيير المجتمع. فهي تتجاهل حقوق الناس وتقديم الخدمات لهم وتعبث بشؤون البلاد وسياسته الداخلية والخارجية ورسخوا في النفوس (كما فعل النظام البائد) ان على الشخص ان يهتم بذاته وحياته الخاصة، وما سوى ذلك لا اهمية له. كذلك فكرة ان هناك دائما فقراء واغنياء وان المجتمع فاسد وسيظل كذلك فعلى كل منا ان يهتم بنفسه ولا يبالي بالآخرين ولا بمصلحة الوطن مادام يكسب عيشه بصورة افضل من الاخرين. لذلك كانت فكرة توزيع الاموال بدلا من استثمارها هي الفكرة الوحيدة لإرضاء الناس وكسبهم، وهي فكرة يتداولها البعض بعلم او من دون علم لكنها بمثابة السم الذي تحاول الطبقة المسيطرة بثه بين الناس لتفسد به الضمير الوطني والانساني.
الحراك الجماهيري اذن ضرورة موضوعية لعملية تغيير المجتمع واصلاح النظام السياسي وتحقيق المكتسبات المشروعة وتوزيع الثروات بشكل عادل بصورة الخدمات وتطوير الصناعة والزراعة والاستثمار وتصحيح نهج السياسة الداخلية ووضع رؤية سليمة للاقتصاد وتنميته وايجاد نهج مغاير للتعامل مع الدول في السياسة الخارجية للبلاد وبناء علاقات مبنية على اساس المصالح المشتركة وتعزيز سيادة البلد. والحراك الجماهيري هو احد وسائل النضال المهمة للشعوب التي تعاني من الفوارق الطبقية الواسعة بين الحاكم والمحكوم وهو ايضا احد الوسائل في التغيير النوعي للوعي الطبقي والسياسي لديهم، وهو يمثل قوة الشعب وامكانيته في تحقيق حياة آمنة ومستقرة تضمن مستقبلاً افضل للاجيال القادمة.
ولا يقتصر الحراك الجماهيري بصورته النمطية على التظاهرات او التجمعات التي تطالب بحقوقها، رغم اهميتها. فللحراك اوجه متعددة واشكال متنوعة تبدأ من ساحات التظاهر وتنتهي بصناديق الاقتراع التي تحدد شكل النظام السياسي القادم ومؤسساته التشريعية والتنفيذية والقضائية.
فلا مناص من ديمومة هذا الحراك واستمراريته واغنائه وعدم التخلي عنه، مهما كانت الظروف التي تواجهه او التي تحيط به.