المنبرالحر

العراق : الإستفتاء بين الشرعية وأحكام الدستور والوحدة الوطنية..!! / باقر الفضلي

الإستفتاء الذي يطرحه الأخوة في إقليم كوردستان وبهذا الشكل المتواصل وفي تلك الظروف الساخنة والحرجة التي يتعرض لها العراق اليوم، لايمكن تفسيره بهذه البساطة التي تفترض إن واقع العراق اليوم هو في أحسن أحواله التي تسمح لمثل هذا الإستفتاء المفترض أن يجري في وقته المقترح من قبل الأخوة في الإقليم، وبهذا الشكل اليسير الذي يضع وراء ظهره كل ظروف العراق التي يمر بها اليوم، وكأن العراق يعيش في يحبوحة السعادة والإطمئنان، وكأن الشب الكوردي قد ضمن مستقبل ما يدعو اليه، وكأن كافة الأطراف الإقليمية والمجاورة تمتلكها السعادة والبشر وهي تنتظر مثل تلك الساعة المرتقبة، لما تصبو اليه من مستقبل للعراق، وهي تراه وقد كبلته أصفاد التقسيم، وأحاطت به سلاسل الفرقة والتناحر، وأعادت لذاكرته سنوات الإحتراب وسفك دماء الأخوة الإشقاء، والإنغماس في بحر من الدماء..!؟؟
الإستفتاء الذي يسعى اليه الأخوة الكورد في الإقليم، مبعثه المطالبة بحق الشعب الكوردي في تقرير مصيره، وكأن الدستور العراقي الذي جرى التصويت عليه في عام/ 2005 من قبل الشعب العراقي بكل مكوناته، قد أغفل تثبيت حق هذا الشعب في تقرير مصيره ، حينما أكد في الفقره الأولى من الدستور بأن العراق بلد فدرالي ونظام الحكم فيه جمهوري ديمقراطي." المادة (1) من الدستور العراقي:
[[جمهورية العراق دولةٌ اتحادية واحدة مستقلةٌ ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق"]]
فالإستفتاء يمكن أن يطرح في ظل ظروف الإضطهاد والعسف التي تتعرض لها الشعوب، والتي لا مناص خلالها من اللجوء الى الإستفتاء فيما إذا إستعصت الحلول، وتعقدت الوسائل، أما في ظل الظروف التي يمر بها العراق اليوم، فإن العراق، وأقل ما يقال بشأنه، فإنه يمر في ظروف أقل ما يقال فيها، أنها ظروف تتصف بالتعقيد، في وقت بات العراق مستهدفاً من قبل أكثر من جهة ، وهناك من السيناريوهات المعدة لمثل تلك الإستهدافات، ما يقلق المواطن العراقي بأي شكل من الأشكال، ولعل في مقدمة تلك السيناريوهات الحرب التي يشنها " الإرهاب " والتي تستهدف تقسيم العراق وتجزئة وحدة وتلاحم مكوناته الإجتماعية، الأمر الذي أدركته قواه الوطنية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي، الذي حدد في مذكرته السياسية بشأن إستفتاء الإقليم والمنوه عنها في بيان مكتبه السياسي الصادر بتأريخ 23/9/2017 (1) ، وفي لقاء السيد مفيد الجزائري مع رئيس الجمهورية السيد فؤاد معصوم في التاسع عشر من أيلول ، والذي أشار فيه" إلى ضرورة التركيز على تعميق التواصل والحوار الصريح كونه الطريق الأمثل لحل المشاكل القائمة، معربا عن أملة بأن تسود الروح الوطنية التي طالما كانت عاملا رئيسا وضامنا للتعايش السلمي بين كافة ابناء العراق." (2)
الإستفتاء الذي لم يحض بدعم وتأييد الموقف الإقليمي أو الدولي، ناهيك ما تميز به من فقدان الإجماع الكوردي، في الوقت الذي عبر فيه عن رفض قاطع من قبل السلطة الإتحادية العراقية، بكونه قد جاء في وقت غير مناسب، ولا يتناسب مع الظروف التي تحيط بالعراق اليوم، ويتعارض مع الوحدة الوطنية، وسيادة الدولة العراقية...!؟
فالنقاط السبع الذي تضمنتها مذكرة الحزب الشيوعي العراقي والمشار اليها في أعلاه ، جاءت واضحة في أهدافها وفي توقيتها، وتحديداتها المسؤولة، لمصلحة العراق والشعب العراقي في هذا الظرف العصيب، وتفاقم الأزمة والتصعيد المتواصل لها من قبل أطرافها..!؟
إن الوحدة الوطنية العراقية، ووحدة السيادة الوطنية ووحدة القوى السياسية، ومصلحة الشعب العراقي تقف جميعاً، في مقدمة القضايا المطروحة في الساحة السياسية العراقية اليوم، ولا سبيل من حل لجميع ما يقف في مواجهة القيادة العراقية من مصاعب أو عراقيل غير الحوار والمباحثات المشتركة، والخروج بالحلول التي تتماشى مع مصالح الشعب العراقي، ومع وحدة مكوناته الوطنية، وهناك متسع من الوقت لأن يعيد الأخوة في إقليم كوردستان النظر ، في دعوتهم للإستفتاء، بما يخدم مصالح الوطن المشترك، ويعيد اللحمة الوطنية الى صلابتها، والى وحدتها المعهودة..!!
(1) http://www.iraqicp.com/index.php/party/from-p/64124-2017-09-23-14-25-14
(2) http://www.iraqicp.com/index.php/party/from-p/63963-2017-