المنبرالحر

اعداء الحرية والتقدم يمنعون القبلة باسم الدين والآداب !! / أحمد رجب

استطاعت قوى الشر والظلام للإسلاميين المتشددين والسلفيين ضرب مدينة اربيل لزعزعة الأمن والإستقرار في كوردستان التي شهدت إنتخابات في ظل أوضاع أمنية لا وجود لها في الدول العربية التي تمول الإرهاب والأحزاب الإسلامية التي تتحرك في فلكها وتٌصدر الحجاب والعباءة السوداء لتقيد حرية المرأة وتشل من قوة المجتمع لمواجهة التطرف والجهل لدى الظلاميين والجهلة الرعاع.
وبعد الإنتخابات البرلمانية التي جرت في كوردستان وبيان النتائج انتهز نفر ضال من القوى الإرهابية والظلامية المتطرفة والإسلاميين المتشددين وأقدم على حرق تمثال {العشق} في حديقة الحرية {پارك ئازادی} في مدينة السليمانية ممّا أدى إلى إحراقه وإتلافه بالكامل الامر الذي دفع الناس وخاصةً الشباب إلى الإحتجاج ووسط سخطهم على هذا العمل الجبان صعد شاب مع حبيبته إلى منصة التمثال المحروقة وأخذ يُقبلٌها امام الحضور في مشهد رائع يُعّبر عن الرفض القاطع لمثل هذه الأعمال الشنيعة.
بعد عدة أيام من قيام القوى الظلامية الحاقدة بحرق تمثال العشق، وفي اليوم الاول من ايام عيد الأضحى قامت زٌمرة أخرى من الشواذ الحاقدين والإسلاميين المتطرفين بعمل قذر، وذلك بكسر وتحطيم أجزاء من قبر الشاعر الكوردي المعروف شێركۆ بێكه‌س، والذي يقع هو الآخر في {پارك ئازادی} حديقة الحرية بمدينة السليمانية إضافةً إلى محاولة حرقه، ولكن فشلت المحاولة نظراً لهروب الزٌمرة من خفافيش الليل التي قامت بهذا العمل الإرهابي الدنيء.
وجرّاء هذا العمل الإرهابي الخسيس قامت القيامة إذ اجتمع ابناء مدينة السليمانية، هذه المدينة التي اصبحت بقرار من البرلمان الكوردستاني عاصمة للثقافة في اقليم كوردستان مُنددين بالزُمرة الإرهابية المٌنفذة للعمل الإرهابي المٌقزز الذي أثار فيهم مشاعر الحزن والغضب، وقد عبّر عدد من المُثقفين والصحفيين والأدباء
والشعراء والكتاب والفنانين عن غضبهم وأمتعاضهم للأعمال التخريبية التي تتعرض لها معالم المدينة وشخصياتها الثقافية على يد السلفيين والتكفيريين والإسلاميين
الجهاديين، وأن مثل هذا العمل الارعن" هو نتیجةً لإفلاس المجموعات الإرهابية التي تتبنى العنف منهجا لسلوكها وتعاملهاالفظ والمُشين مع الآخرين.
ان العصابات الإسلامية المُتطرفة والمُتمثلة بيوسف القرضاوي ""رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين"" والداعية الشيخ محمد العريفي رمز التيار السلفي تُجيز لنفسها إصدار الفتاوي التي من شأنها نحر البشر بالسيوف أو الرمي بالرصاص، والفتاوي التي تحط من كرامة المرأة كجهاد المناكحة او فتوى جهاد النكاح، هذه الفتاوي التي تُجيز سفر وذهاب النساء المُسلمات إلى سوريا حيث يتواجد إرهابيون قتلة، ومجرمون سفلة من مُجاهدي جبهة النصرة ودولة الشام والعراق الإسلامية لتلبية الرغبات الجنسية للمشعوذين والشواذ (فتوى إمرأة واحدة لعشرين رجل في ليلة واحدة)، ومثل هذه الأعمال إستمرار لمنهج الزمر الإسلامية أو الأخوان المسلمين وتنظيم القاعدة وبدفع من الحكومات الرجعية في السعودية وقطر وتركيا، ولدى هذه الزمر من خلال ممارساتها وسلوكها وتفكيرها الرغبة العارمة في التدمير والترويع وإشاعة الفزع والخوف في كل مكان.
ان ثقافة الجهل والظلام لدى العصابات الحاقدة هي إستهداف للمعالم الجميلة في مدينة ثقافية ومجتمع متحرر، ويأتي هذا الإستهداف وبهذا الشكل المُبرمج في حرق تمثال العشق وكسر وتحطيم قبر الشاعر شيركو بيكه س كجزء من حملة هوجاء غايتها الإساءة لتراث وثقافة وتاريخ مدينة عريقة وحضارية كمدينة السليمانية، وهنا من الضروري التأكيد على محاربة ثقافة القرون الوسطى، ثقافة الجهل والظلام للمتوحشين وعدم فسح المجال امامها من قبل المجتمعات والحكومات، ولجمها، وان أي إغفال لها سيكتوي بنيرانها الجميع.
ان تمثال العشق تم تشيده من قبل الفنّان {زاهر صدیق} سنة 2009 في حدیقه‌ الحریه‌{پارك ئازادی}، ولهذه الحديقة رواية طويلة، ففي السابق وفي ظل النظام الدكتاتوري البغيض كان موقعاً عسكرياً لحامية السليمانية، وفي هذه الحامية تم تصفية خيرة أبناء وبنات السليمانية خاصةً والمناطق الأخرى عامةً، وقد زاد ضباط جيش صدام حسين من جرائمهم حين وضعوا الشهداء بعد تصفيتهم في حفر تم تحضيرها مُسبقاً وفي ارض الحامية، ولكن بعد إنتفاضة الشعب الكوردستاني في آذار عام 1991

وطرد النظام الدكتاتوري وفلوله ومرتزقته، أقدمت محافظة السليمانية على إنشاء حديقة كبيرة وتسميتها بحديقة الحرية {پارك ئازادی}، وفيها اماكن للراحة وكفتريات
ومطاعم والعاب للصغار والكبار وتماثيل ومنها تمثال العشق.
ان حرق تمثال العشق وفيما بعد كسر وتحطيم قبر الشاعر الكوردي شيركو بيكه س عمل قذر ومُدان ونهج عدواني، وان اختيار هذين الرمزين إعتداء صارخ لمشاعر الناس وتطاول فظ على حقوقهم وحرياتهم، وان مثل هذه الاعمال يرتبط بلا أدنى شك بذوي الإتجاه الرجعي وحملة الفكر الظلامي، وان هؤلاء، وبمدى الوحشية التي تمثلت في سلوكهم الإرهابي المتمرد على الإساءة للرموز التي يحترمها مواطنو المدينة، ويتخذون من الدين والاسلام ذريعة للإنقضاض على ثمة بصيص أمل نحو بناء مجتمع يؤمن بالديموقراطية وحرية الفرد، والظاهر ان هذه الزمر تقف ضد الحرية والحب والمدنية وكل ماهو جميل في المجتمع الكوردستاني، وبالمقابل تنتهج الإرهاب والقتل والإساءة للإنسان وطمس معالم الجمال في كل مكان وزمان.
لا ينكر احد بأن الخير والشر والعلمانية ونقيضها موجودة في الكثير من المجتمعات البشرية، وممّا لا ريب فيه انّ التقدميين والديموقراطيين يختارون العلمانية في توجهاتهم، ويناضلون في سبيل دولة علمانية تضمن مساواة جميع المواطنين امام القانون، وعدم التمييز بين الرجال والنساء، او بين المسلمين والمسيحيين ومُعتنقي الأديان الأخرى، ويقف بالضد من هؤلاء من يتحدث باسم الدين، علماً ان العلمانية لا تُعادي الدين ولا تتدخل في الشأن الديني، ولا تسمح لرجال الدين بالتدخل في الشأن السياسي، والعلمانية تكفل لجميع المواطنين على إختلاف أديانهم ، حرية العبادة، ولهذا فهى دائما ما تكون موضوعاً لعداء من يريد أن يتسلط على الناس ويسلبهم حرياتهم باسم الدين، وهذا يفسر الهجوم الذى لاقته ومازالت تلاقيه من تيارات الإسلام السياسى.
ان حرق تمثال العشق وكسر وتحطيم قبر الشاعر شێركۆ بێكه‌س في حديقة الحرية {پارك ئازادی} في السليمانية أثارت موجة من المواقف المتناقضة فأصحاب الموقف الاول استنكروا وأدانوا بشدة هذا العمل الجبان وسط إندهاشهم أن يصل الأمر بالبعض من الظلاميين لحرق عمل فني رائع يرمز للحب والعشق منذ سنة 2009 والإعتداء على قبر لشاعر كوردي، وعلى النقيض قام اصحاب الموقف الثاني بالإستبشار بالفتح والإنتصار بحرقهم للتمثال ، وفي هذا السياق إشتكى شخص اسمه (محمد سان) على شبكة التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) عند الإدعاء العام في كوردستان الذي كان متحمسا جدا أن يحيل القضية إلى القضاء في السليمانية واصدار امر بإعتقال العاشقين اللذين تبادلا القبلة التي ستُنشر بلاشك في كل مكان.. ان استعجال الادعاء العام غريب جدا، لانه استجاب لشخص اشتكى على شبكة التواصل الاجتماعي، ولكن الادعاء العام امامه في مكتبه العشرات بل المئات من القضايا المهمة تتعلق بالنزاهة والفساد والاختلاس والرشوة وغيرها وهو ساكت ولا يُحرك شيئاً، ويظهر انه مسرورلما آل عليه الوضع، وان القوى الظلامية والإرهابية والرجعية تعتبر حماسة الادعاء العام في إلقاء القبض على العاشقين إنتصاراً لها.
ان هذه البادرة الخطرة بالهجوم على الرموز التي يحبها الناس، رموز الحب والعشق، والتطاول على كسر وتحطيم قبر لشاعر داخل حديقة الحرية، تتطلب تدخل السيد رئيس اقليم كوردستان وأن يكون له موقف، وينبغي على حكومة كوردستان بيان موقفها وعدم التهاون مع من بحتمي بالدين ويتحدث باسم الإسلام ويُحارب الحريات الشخصية للمواطنين تحت غطاء الآداب.
24/10/20013