الرفيق يعقوب قوجمان (ابو سلام) .. وداعاً ايها الإبن البار للعراق وحزبنا الشيوعي *

بعميق الحزن والأسى نعى حزبنا الشيوعي العراقي الرفيق يعقوب قوجمان (ابو سلام) الذي توقف قلبه عن الخفقان ظهر أمس الاربعاء 28 تشرين الأول (اكتوبر) 2015 في لندن، عن عمر يناهز 88 عاماً، بعد صراعٍ مرير مع المرض.
وبرحيل ابو سلام فقدنا رفيقاً عُرف بإخلاصه اللامتناهي لقضية الشيوعية، قضية الشعب والوطن، ومناضلا اممياً صادقاً من اجل الحرية والسلام والديمقراطية والاشتراكية.
انضم الرفيق الراحل الى حزبنا الشيوعي منذ صباه في الأربعينيات، وعمل مع الرفيق الخالد فهد مؤسس الحزب، فانغمس بحماس في النضال الوطني والطبقي وساهم بنشاط في "عصبة مكافحة الصهيونية" منذ تأسيسها في 1945، وشارك في تظاهرات وثبة كانون عام 1948، وتعرض الى الاعتقال والتعذيب فصمد ببسالة. وفي أعقاب إعدام قادة الحزب الأماجد فهد وحازم وصارم في 14 شباط 1949 ساهم ابو سلام في التصدي للهجمة الشرسة على حزبنا بجرأة وإقدام فاحتل بجدارة موقعه في قيادة الحزب رغم صغر سنّه. وبعد ملاحقته من قبل أجهزة الأمن اُضطر الى مغادرة العراق سراً الى ايران واستقر به الأمر في وقت لاحق مبعداً الى اسرائيل رغماً عن إرادته. وهناك باشر عمله النضالي وسط أعداد غفيرة من اليهود العراقيين، ومن ضمنهم سجناء شيوعيين كانوا ضحية التسفير الاجباري من العراق بتواطؤ مشين بين النظام الملكي الرجعي وحكام اسرائيل. وعُرف ابو سلام ببسالته في التصدي لعصابات الصهاينة، وجسّد موقف الشيوعيين العراقيين الثابت في التضامن مع الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الاسرائيلي وجرائمه. واصبح عضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الاسرائيلي حتى منتصف السبعينات.
وفي مطلع 1979، انتقل ابو سلام مع عائلته الى بريطانيا. وهناك، في منفاه الثاني، لم يتوان عن وضع كل امكاناته تحت تصرف حزبنا الشيوعي العراقي الذي كان يتعرض آنذاك الى أعتى هجمة دموية شنتها دكتاتورية صدام الفاشية. وساهم بدور مشرف في دعم حملة التضامن العالمية مع الشعب العراقي ضد الارهاب والقمع التي انطلقت من بريطانيا. وتحولت المطبعة الصغيرة التي أنشأها في لندن الى ملتقى للشيوعيين العراقيين والعرب ولكل المعارضين الوطنيين والديمقراطيين. ومن تلك المطبعة عاودت مجلة "رسالة العراق" صدورها عن إعلام الخارج للحزب واستمرت على مدى عشر سنوات. كما احتضنت داره وعائلته رفاق الحزب واصدقائهم في المناسبات والاعياد الوطنية والحزبية في اجواء عراقية حميمة عوضتهم عن مرارات الغربة، وكان ابو سلام دوماً بمثابة الأب والأخ الكبير لهم.
لن ننسى للرفيق أبو سلام مواقفه النبيلة وما قدمه بنكران ذات وروحٍ مفعمة بشوقٍ عارم الى الوطن وحبٍ صادق لحزبه وثبات على المبادىء التي اعتنقها وقيم الشيوعية ومثلها التي نشأ عليها منذ بواكير وعيه السياسي. وكان مدافعاً أميناً عن الحزب، حازماً في التصدي لأعدائه، ومبدئياً في علاقاته وأحكامه، ونال بذلك ثقة رفاقه واصدقائه الكثر وحبهم الكبير له. وحظي بتثمين الحزب وقيادته في مناسبات عدة، كان آخرها تقليده وسام الذكرى الثمانين لتأسيس الحزب.
بقي الرفيق الراحل حتى أيامه الأخيرة يتابع أخبار الوطن والحزب باهتمام كبير، مبتهجاً من أعماقه بتظاهرات الحراك الشعبي كل يوم جمعة، ويشيع وسط زائريه، رغم معاناته من المرض، أجواء الثقة والتفاؤل بانتصار قضية الشعب، دون أن يخفي مشاعر الحنين والشوق الى وطنه العراق.
لقد رحل عنا فقيدنا الغالي ابو سلام، لكن مآثره وسيرته الكفاحية ستبقى مثالاً ملهماً للشيوعيين ولكل الوطنيين والديمقراطيين في النضال من اجل "وطن حر وشعب سعيد".
في مناسبة هذا المصاب الأليم والخسارة الكبيرة برحيل الرفيق (ابو سلام) نقدم أحر تعازينا الى رفيقة دربه العزيزة حبيبة، وابنه سلام وابنته إيتيل، ونعبر عن مشاعر المواساة لبقية أفراد العائلة الكريمة ولرفاق الفقيد واصدقائه.
وداعاً الرفيق يعقوب قوجمان (ابو سلام) .. الإبن البار للعراق والحزب الشيوعي العراقي
*كلمة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي التي اُلقاها الرفيق سلم علي خلال مراسم جنازة الرفيق الراحل يعقوب قوجمان (ابو سلام) في لندن – الاثنين 2 تشرين الثاني 2015