المحرر السياسي: العمليات الارهابية الأخيرة والتحدي الأمني

اقدمت قوى الارهاب امس الأول الثلاثاء على ارتكاب جرائم نكراء وحشية جديدة في بغداد وفي المقدادية، اللتين شهدتا عمليات ارهابية وتفجيرات انتحارية راح ضحيتها العشرات من الأبرياء ومن رجال القوى الأمنية بين شهيد وجريح، إضافة إلى تسببها في اضرار مادية كبيرة.
وجاءت هذه الهجمات الإجرامية كمحاولة للرد على الانتصارات التي حققتها قواتنا الأمنية في محافظة الانبار، واستعادتها مدنا استباحها تنظيم داعش الارهابي، وبهدف تشتيت جهود القوى الأمنية، وإثارة الفتنة الطائفية، واستثمار تداعياتها في تنفيذ مخططات الجماعات الآثمة الخبيثة.
واكدت هذه الهجمات، خاصة الهجوم على مول الجوهرة في منطقة بغداد الجديدة، قدرة التنظيمات الارهابية على الانتقال السريع من المواجهة المباشرة - التقليدية إلى أشكال الهجمات الشبحية المباغتة، وامتلاكها قدرة كبيرة على تنويع اساليب العمل الارهابي، واستحداث الجديد منها بهدف الحاق اكبر قدر من الاصابات والاضرار ومن الضحايا، من دون رادع انساني واخلاقي. الامر الذي يتطلب من القوى الأمنية التحلي باليقظة العالية، والمراجعة المستمرة لخططها الأمنية، والارتقاء بمنظوماتها وقدراتها الاستخبارية لحفظ الأمن وصيانة أرواح الناس وممتلكاتهم. كما يتطلب زيادة كفاءة قوى الأمن الداخلي وإمكاناتها، وتعزيز ضبطها ومهنيتها، وتزويدها بالمعدات الحديثة اللازمة لتسهيل مهمتها، إلى جانب محاسبة العناصر المسيئة والمقصرة.
كذلك جاءت هذه العمليات الدموية لتشدد التنبيه على أن الانتصارات التي تحققت في مدينة الرمادي، وقبلها في تكريت وبيجي وغيرهما من المدن المحررة، تفرض علينا مزيداً من الحرص واليقظة، لا التراخي والاسترخاء؛ حفاظا على ما تحقق ولتعزيزه بانتصارات أخرى حتى استعادة كامل الأراضي العراقية.
وما كان بمستطاع داعش واعوانها القيام بمثل هذه العمليات لولا وجود خلايا نائمة تقوم حاليا بتفعيلها. ومن جانب ثانٍ ليس خافيا ان قدرة التنظيمات الارهابية على اجتذاب عناصر جديدة، ترتبط وثيقا بتنامي الاحتقان والتوتر الطائفيين والاثنيين في المجتمع، وبتعمق اجواء عدم الثقة. ومن هنا تركيزها على اثارة الفتنة الطائفية، واشاعة مشاعر الخوف وعدم الثقة والعداء بين اطياف المجتمع المتنوعة.
ولا يمكن ان نتجاهل خلال ذلك إحصائيات ضحايا العنف والارهاب في عام 2015، التي سجلت أكثر من 33 ألف قتيل وجريح في عموم البلاد، وهي ارقام عالية مروعة، تعكس هشاشة الوضع الأمني.
في ضوء كل ما تقدم ، لا بد وان تعي سائر القوى السياسية المتنفذة ان السعي الجاد لتحقيق المصالحة الوطنية، ونبذ اساليب الشحن والتأليب الطائفيين والأثنيين، والاسراع في حل مشاكل النازحين والمهجرين واعادة الحياة الطبيعية إلى المناطق المحررة من قبضة داعش، والمضي في عملية الأصلاح، إنما تشكل جزءا اساسيا من عملية مواجهة الارهاب، وتمثل دعما اساسيا لجهد القوى الأمنية واستكمالا له.
وفي هذا السياق ايضا يتوجب تأكيد أهمية حصر السلاح بيد الدولة، ووضع حد لانتشار السلاح في المدن، وأهمية تفعيل أشكال التعاون والتنسيق بين الأجهزة الأمنية والمواطنين، ليكون الجهد مثمراً في مواجهة الارهاب والجريمة المنظمة، التي انتشرت في الايام الماضية بشكل ملحوظ.
لذا فاننا إذ نؤكد مسؤولية الحكومة وجهازها الأمني عن حفظ حياة المواطنين وسلامتهم، لا نعفي بقية السلطات من هذه المسؤولية، مثلما لا نعفي القوى السياسية كافة، وبالأخص تلك المتنفذة في السلطة، من السعي الجاد الى العمل المشترك لوقف جريان الدم الغالي.
مع تعازينا الحارة لأهالي الضحايا من المدنيين العزل ورجال الأمن، وتمنياتنا الشفاء العاجل للجرحى.
وللإرهابيين المجرمين الخزي والعار.