بلاغ عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في 26 ايار 2016

عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي يوم الخميس 26 ايار 2016 اجتماعا بحثت فيه تطورات الاوضاع في البلاد ومستجداتها، وتابعت التحضيرات لعقد المؤتمر الوطني العاشر للحزب.
وفي بداية الاجتماع وقف الحاضرون دقيقة صمت تكريما لشهداء القتال ضد داعش، وضحايا العمليات الارهابية الجبانة، وشهداء الحراك الشعبي، وشهداء الحزب، والراحلين عنا من الرفاق والاصدقاء، الذين كان لهم دورهم في بناء الحزب وفي الدفاع عن قضايا الشعب والوطن ومصالح الكادحين.
وتوقف الاجتماع عند المستجدات السياسية في بلدنا، منذ الاجتماع السابق للجنة المركزية في آذار من هذه السنة 2016، وتداولها بالتفصيل، راسما توجهات الحزب للفترة القادمة، والمهام التي تنهض امامه وامام منظماته ورفاقه وجماهيره.
وأشر الاجتماع حقيقة ان اوضاع البلد العامة تتجه نحو المزيد من التعقيد والتأزم والاستعصاء، بعد ان لم تلق المبادرات العديدة التي قدمت لحلحلة الازمة آذانا صاغية من طرف المتنفذين الذين يصرون، حتى الان، على تقديم مصالحهم الانانية والذاتية على المصالح العليا للبلاد، ويرفضون ابداء المرونة وتقديم تنازلات متبادلة تنقذ الوطن مما هو فيه من تدهور يشمل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية جميعا.
واشار المجتمعون الى ضوء منعش وسط هذه العتمة يشع من ساحات القتال ضد الارهاب ومنظماته، وداعش في مقدمتها، حيث تحرز قواتنا المسلحة من جيش وشرطة وبيشمركة ومتطوعين في الحشد الشعبي وابناء المناطق التي ابتليت بطاعون داعش، الانتصار تلو الاخر، خصوصا ما احرز مؤخرا من نجاحات بارزة في الرمادي وكبيسة وهيت والرطبة، وفي محور مخمور وسهل نينوى، وما يحرز الآن من تقدم على طريق تحرير قضاء الفلوجة ونواحيه من قبضة الارهاب، بانت اولى علاماته في تحرير الكرمة.
وفي هذه المناسبة جدد الاجتماع موقف حزبنا الداعم للمعركة ضد الارهاب ولتخليص بلدنا من شروره وجرائمه، ودعوته الى اليقظة والحذر ازاء المتصيدين في الماء العكر، والذين لا يريدون لبلدنا التقدم في اتجاه ارساء الامن والاستقرار، لا سيما مثيرو الفتن من المروجين والمؤججين للمشاعر الطائفية ومنفذي الاجندات الخارجية. كذلك تشديده على ضرورة تفويت الفرصة على مخططاتهم، بالتكاتف ودعم المقاتلين ورعاية عوائل الشهداء والعناية بهم.
واكد الاجتماع واجب تجنيب المدنيين الابرياء اهوال الحرب وعواقبها، ورعاية النازحين وتأمين كل ما يحتاجونه من مأوى وغذاء ودواء، والعمل على ضمان عودتهم السريعة الى مدنهم وقراهم المحررة من داعش، الى جانب بدء حملة وطنية لاعمارها، ومناشدة دول العالم والمنظمات الدولية اسناد هذه الحملة، والحرص على ان تناط عمليات الاعمار بابناء المناطق المخلصين، ممن لم تمتد اياديهم الى المال العام، والبعيدين عن شبهات الفساد.
ودعا الاجتماع الحكومة والاجهزة الامنية الى توفير الامن والحماية للمواطنين وممتلكاتهم، والتحسب والحذر ازاء مخططات داعش العدوانية وروح الانتقام الشريرة عنده، بعد ما مني به من هزائم في ساحات القتال، وغداة افشال مخططات اعداء شعبنا لاثارة النعرات الطائفية وتأجيجها.
وفي شأن الازمة السياسية المستعصية القائمة، دعا الاجتماع الى كسر الحلقة المغلقة، والى ان تدرك الاطراف جميعا مخاطر الوضع وامكانية انحداره الى ما هو اسوأ، ووجوب تجنيب شعبنا ووطننا الخيارات السيئة والخطرة، وما يترتب عليها من عودة الى الوراء. وفي هذا السياق جدد الدعوة الى عقد جلسة للبرلمان بنصاب قانوني ومن دون شروط مسبقة، وانجاز تشكيل الحكومة بعد استكمال قوامها، والبدء بتنفيذ الاستحقاقات القائمة. اما موضوع هيئة رئاسة البرلمان فيمكن مناقشته والبت فيه وفقا للدستور وآليات عمل البرلمان، وعدم جعل ذلك حجة لأطالة أمد الازمة والهروب الى امام من ملاقاة مطالب الجماهير وحراكها.
وهذا ما يشكل بداية السير على طريق الاصلاح والتغيير. فدوام الحال من المحال، والتغيير غدا مطلبا شعبيا وحاجة ملحة، وليس شعارا يرفع للاستهلاك السياسي. وان من واجب القوى المتنفذة ان تدرك ان طريق المماطلة والتسويف لن يقود إلا الى المزيد من التعقيد والاحتقان الاجتماعيين والسياسيين، الامر الذي ترفضه الجماهير وهي تزداد ادراكا لضرورة مباشرة اصلاحات جدية، فيما تزداد معاناتها بفعل تردي الحياة المعيشية والخدمية وما يفرض عليها من ضرائب غير مباشرة، وبتأثير ركود الاقتصاد وانخفاض موارد النفط، وما تركه العامل الاخير من آثار على الانفاق العام للدولة، فضلا عن تقلص مشاريع الاستثمار وارتفاع معدلات البطالة ونسبة الفقر.
ان هذا كله ناجم عن نهج الحكم الخاطيء ونمط التفكير غير الديمقراطي، وعن سوء ادارة البلد والتمسك بالمحاصصة المقيتة وغياب التخطيط المنطقي والعلمي. وفي هذا السياق رفض الاجتماع إلقاء اعباء الازمة المالية والاقتصادية على عاتق الكادحين والفقراء وذوي الدخل المحدود، الذين تقلصت امكاناتهم كثيرا جراء عوامل عدة، منها تدهور القيمة الفعلية للدينار العراقي وارتفاع الاسعار وشحة او ندرة ما تقدمه الدولة من خدمات، خاصة في مجالات الكهرباء والنقل والمياه والصحة.
ورأى الاجتماع ان الاصلاح المطلوب يتوجب ان يكون شاملا، وان يبدأ بتشكيل حكومة كفاءات نزيهة وقادرة على ادارة البلاد في هذه الظروف الصعبة، وان يمتد الاصلاح من ثم الى كافة الهيئات المستقلة والدرجات الخاصة ومؤسسات الدولة، وان يتم فتح ملفات الفساد وتقديم الفاسدين الى المحاكم، واصلاح القضاء، والتوجه حقا وفعلا صوب تعميق المسيرة الديمقراطية وبناء دولة المواطنة والقانون والمؤسسات والعدالة الاجتماعية.
وتوصل الاجتماع الى ان تحقيق ذلك يتطلب المزيد من الضغط الجماهيري، ما يوجب الارتقاء بالحراك وتنسيق فاعلياته، وتنويع ادواته ونشاطاته وتكثيرها، والاهتمام بالقطاعية والمناطقية منها، والحفاظ على سلمية الحراك والحذر من مساعي البعض الى توريطه في العنف، مما يسهل عملية تطويقه وضربه في نهاية المطاف. وذلك ما تسعى اليه بدأب القوى المعادية للاصلاح، التي لا توفر وسيلة لتحقيقه. لذلك تتوجب ادامة سلمية الحراك والتمسك بها، وعدم الانجرار الى الاستفزازات وما يخطط له الساعون الى الحفاظ على مواقعهم ونفوذهم ومصالحهم، فيما البلد ينحدر دون انقطاع نحو الاسوأ.
وفي الوقت الذي شدد فيه الاجتماع على سلمية وحضارية حركة الاحتجاج وضرورة حماية الممتلكات الخاصة والعامة، أدان بشدة افراط السلطات والاجهزة الحكومية في استخدام العنف ولجوئها الى استعمال الرصاص الحي والمطاطي والغاز المسيل للدموع والماء الساخن. فهذا يشكل مخالفة صريحة وواضحة للدستور وانتهاكا لحق المواطنين في التظاهر السلمي ولحقوق الانسان عامة. الامر الذي يتطلب فتح تحقيق محايد، على وفق ما طالبت به الامم المتحدة، وإحالة من تسببوا في ارتكاب جرائم قتل عن عمد الى القضاء. فيما يتوجب على الحكومة الاعتذار الى ذوي الضحايا، وعما اتخذت من مواقف واستخدمت في بياناتها من عبارات تتضمن شتما واساءة الى حركة الملايين من ابناء الشعب. واذا كان هناك بضعة مندسين، كما تقول، فان الواجب يلزمها القبض عليهم، واعلان ذلك بشفافية امام الشعب. كذالك يتوجب عليها تكريم الشهداء ورعاية الجرحى والمصابين وتعويضهم.
وتوقف اجتماع اللجنة المركزية عند الاوضاع في اقليم كردستان، وشدد على ضرورة تجنيب الاقليم واهله العواقب الممكنة للصراع المحتدم بين الاطراف الكردستانية الحاكمة، وآثار تفاقم الاوضاع المحتقنة فيه اصلا. فهذا كله يزيد معاناة الناس الناجمة عن الركود الاقتصادي، وعن تأمين استحقاقات الحرب ضد داعش، كما عن عدم دفع الرواتب، والنكوص في مسيرة التنمية وانعاش الاقتصاد ومكافحة الفساد، فضلا عن الترهل في المؤسسات الحكومية. وشدد على ضرورة مواصلة الحوار البناء بين مختلف الاطراف، واستحضار دروس الماضي والاستفادة من عبرها الغنية.
من جانب آخر شدد الاجتماع على تحسين اداء الحزب ومنظماته وتطوير عمله والارتقاء به، ومد الجسور مع اوسع الجماهير، وتبني مطالبها العادلة والدفاع عنها، وتوسيع علاقات الحزب مع مختلف فئات وشرائح المجتمع، وتكريس اهتمام اكبر بالتيار الديمقراطي والارتقاء بدوره، وتوسيع علاقات التعاون والتنسيق مع المدنيين والديمقراطيين عموما، ومع مختلف القوى والشخصيات الوطنية والاسلامية المعتدلة والمتنورة. بجانب السعي الى بناء اصطفاف واسع، شعبي وسياسي، لدعم الاصلاح والتغيير والخروج ببلدنا مما هو فيه، ونبذ المحاصصة الطائفية والاثنية، والعمل على بناء الدولة المدنية الديمقراطية.
وتابع الاجتماع التحضيرات الجارية لعقد المؤتمر الوطني العاشر للحزب، وما تم انجازه لملاقاة هذا الاستحقاق والحدث الكبير في حياة الحزب. واتخذ في هذا الخصوص مجموعة من الاجراءات الرامية الى استكمال الاستعدادت، وتهيئة وثائق المؤتمر ونشرها في منابر الحزب الاعلامية، وتدشين حوار واسع بشأنها بهدف تدقيقها واغنائها. ذلك انها لا تخص الحزب وحده، بل وعموم ابناء شعبنا الحريصين على تقدم البلد واستقراره. كذلك جرى تحديد اوقات بدء كونفرنسات منظمات الحزب والمؤتمرات المحلية، لمناقشة الخط السياسي العام للحزب وتدقيقه، وانتخاب المندوبين الى المؤتمر الوطني.
وأهاب الاجتماع بمنظمات الحزب ورفاقه ان يحولوا التحضيرات الى فعاليات ونشاطات ومبادرات غايتها تأمين حضور قوي للحزب في الحراك الجماهيري، واعلاء دوره في الحياة السياسية العامة، وتوفير الدعم والاسناد السياسيين والماديين له، بما يعزز من امكاناته على الصعد كافة.
انتهى