طريق كركوك ـ بغداد ..؟! / عبد السادة البصري

وأنت تستقل سيارة بين بغداد وكركوك عليك أن تحمل قلباً ميتاً وتنسى انك إنسان من دمٍ ولحمٍ وأعصاب ، لأنك ستمشي في طريق أقل ما يقال عنه انه موحش ومخيف ..أو طريق موت !!
في ستينات القرن المنصرم كان الطريق الواصل بين مركز قضاء الفاو ورأس البيشة غير معبد، و تملؤه الأطيان والأوحال شتاءً ويتصاعد منه الغبار والتراب صيفاً. وحينما شرعوا في تبليطه كان أول ما قامت به الشركة المنفذة هو فحص الجسور وترميمها بالشكل الصحيح، حيث أُعيد بناؤها لتستوعب ثقل العربات وحمولتها عند مرورها عليه. وبعد ذلك تم تبليط الشارع بالشكل الأمثل ليكون خاليا من المطبات والحفر، وصرنا نتمشى عليه وكأننا في نزهة ، لا وحل في الشتاء ، ولا غبار في الصيف !
تذكرت ذلك قبل يومين ونحن الثلاثة (د. عمار المسعودي ، رياض الغريب ، وانا) عائدون من كركوك بعد الإشراف على انتخابات أدبائها. كنا نمسك بقلوبنا فيما تسير بنا السيارة على طريق كركوك ـ بغداد وكأننا في سفينة وسط بحر متلاطم الموج وإعصار مخيف. إذ لا يمكن أن يسمى طريقا أبداً، فالجسور مهدمة وتكثر في سطحها الحفر والمطبات الكبيرة التي أودت وستودي حتماً بالكثير من السيارات والأرواح والبضائع. ثم ان الطريق مشترك بين الذاهب والآيب، وخطر جدا حتى كدنا نتصادم مرتين لولا انتباه د. عمار في السياقة وبراعته. ثم ان هناك تحويلات كثيرة وغير منظمة أبدا بين الجانبين، لكثرة الحفر والتكسرات والأخاديد التي أحدثتها شاحنات الحمل ( التريلات) بحمولاتها الأكثر من المسموح به طبعا. ناهيك عن الازدحام الذي تسببه الشاحنات المتوقفة والمقلوبة، والجسور المتقطعة والمهدمة، والحوادث المرعبة.
الحديث عن هذا الطريق وما فيه من خراب ودمار، طويل ومتشعب. لكنني أتساءل وحتما يتساءل معي الجميع :
هل من المعقول أن يكون الطريق الدولي الذي يربط كردستان العراق بوسطه وجنوبه على هذه الحال من الخراب والدمار ؟!
وهل يعقل أن السادة المسؤولين لم يسمعوا بما يحدث من إزهاق أرواح وانقلاب عربات وتعطيل وصول المسافرين والشاحنات نتيجة الأضرار الموجودة فيه ؟!
وهل يعقل أن أحداً لم يفكر أبداً بكيفية ترميمه أو تعديله ، إذا لم يكن بالإمكان تبليطه من جديد وجعله طريقا دوليا صالحا للاستخدام ؟!
وهل يعقل أن يظل طريقا للموت والرعب والتعطيل؟!
تساؤلات نضعها أمام كل من يحب العراق وناسه ويشعر بحقيقة انتمائه لهذا الوطن ، عسى أن يتحرك ضميره ويفتح بابا لإعادة هذا الطريق الى الحياة.
انه طريق يربط العراق قلبا وأطرافا!