ضيّف ملتقى الخميس الابداعي في 13 / 11 الأديب المبدع ناجح المعموري ليتحدث عن الشيخ عبد الكريم الماشطة، أدار الجلسة الموسيقي الاعلامي ستار الناصر الذي قال ان جلسة اليوم تأتي بشكل مميز، كون الشيخ عبد الكريم الماشطة من رواد التنوير، كما ان المتحدث عنه هو أديب وباحث ومفكر، وبهذه الفعالية نسجل نقلة نوعية في ملتقى الخميس الابداعي.
وقال ناجح المعموري ان هذه الفعالية مغايرة ومختلفة، لأنها تتحدث عن عبد الكريم الماشطة، وهو الشخصية التقدمية المعروفة منذ العشرينيات وحتى وفاته، والعوامل التي ساعدت على بلورة شخصيته هي العوامل نفسها التي ساعدت على النهضة.
وأشار المعموري ان تلك البيئة، أثّر فيها ظهور شيوخ أجلاء نادوا بضرورة سماع الآخر، مثل رفاعة الطهطاوي الذي ذهب بمهمة دينية، وتعلم اللغة الفرنسية، واستكمل المهمة الأساسية التي أوفد من أجلها، وحين عاد الى مصر، قدم عددا من الكتب، منها العقل الاجتماعي، وأهم فلاسفة الإغريق، وهذا التنوع من العوامل المهمة التي استند عليها الطهطاوي في مجال المعرفة، وقام بترجمة كتاب تلخيص الابريز، ونقل الدكتور غالب شكري بعضا من أساسيات هذا الكتاب، ومقولة "العدل أساس العمران" من المقولات المشهورة لابن خلدون، اعتمد عليها رجال الدين، وم? أشهرهم الشيخ عبد الكريم الماشطة، وقد قاد المسلمون النهضة في مصر والتي أخذت تتسع بعد عودة الطهطاوي من فرنسا..
وأضاف: ولد الشيخ الماشطة عام 1880، وكان وجوده في عائلة تتمتع بوجاهة اجتماعية بسبب الوظيفة التجارية، منحت الطفل الاطلاع على ما يحصل، وتعلم في الكتاتيب الدروس المقررة، وتميز بالنبوغ، ومن المعروف حينذاك ان العوائل المتنفذة تدخل أبناءها الكتاتيب، ثم تعدهم للالتحاق بالحوزة العلمية بالنجف، وفي الوقت الذي كان فيه الشيخ الماشطة في الحوزة، حدث صراع بين مجالين مهمين، وهما التيار الوطني الديمقراطي والتيار التقليدي، وأشار الدكتور رسول محمد رسول ان العراق عرف بعد العشرينيات، بنماذج من المثقفين الدينيين، والحلة مدينة تخ?لف عن المدن الأخرى، وكانت قلب الحركة اليسارية، وهذه الخصائص جعلت الشيخ الماشطة اسما بارزا في الحركة الديمقراطية، ولم يكن شيوعيا، بل كان مقربا من الحزب، الذي كان وما يزال يعتمد على الوجوه الديمقراطية، وهذه الأجواء ساعدت الشيخ الماشطة، ان يتصدر النشاط السياسي والثقافي، داخل مدينتي الحلة والنجف، أسس شبكات ممثلة لحاضر الحلة، وموضوعة الشيخ الماشطة والشيوخ لم يستمر احدهم، فكيف يمكن لأحد الباحثين من الوصول الى تأثيرات الأسماء في التيارين الدينين المتصارعين، وفي الدراسات الكثير من الجرأة، تبدو متقدمة قياسا للمرحلة?التا ريخية.
وقد استكملت الحلقات الماركسية أسبابها الموضوعية، ونما نشاط الطبقة العاملة، وهناك عناصر أساسية ساعدت على التحول السياسي، وتكون المشروع الاصلاحي الذي تضمن اثنتي عشرة مادة، بإطلاق الحريات للصحافة ورفع القيود الادارية ،وحرية ابداء الرأي والنشر، والاجتماع وحرية انشاء الجمعيات، فساعد ذلك على عودة الماشطة الى الحلة، وفتح مدرسة تنويرية..
وطرح الباحث ناجح المعموري سؤالا: لماذا لم يستطع أحد أبناء الحلة من اكمال الدراسة العلمية؟، والأسماء تمتلك عقلا نقديا ولم يتوقف اي منهم عن مجال عمله الثقافي والسياسي، وكان الشيخ الماشطة ابرز هذه الأسماء، والذي رشح عام 1954 ممثلا لجبهة الاتحاد الوطني، وبسبب ادانته للتزوير تم اعتقاله، وبسبب مكانة اسرته لم يبق كثيرا في الاعتقال. وقد ذكر جورجيس عواد ان للشيخ الماشطة كراسا صغيرا يدلل فيه ان الشيوعية لا تتعارض مع الدين، وارسل تيار الفكر الحديث من مصر دفقات، وما توفر من تمثلات فكر النهضة في العراق، جعلت الشيخ ال?اشطة يدعو الى العقد الاجتماعي بديلا عن الحق الالهي، وكرس حقوق الانسان ومفهوم المواطنة، وناصر العدل الاجتماعي، طالب بوجود هيئة تراقب عمل الدوائر، وتحاسب من يسيء الى الدولة، وبيّن ان حرية الصحافي شرط لنجاحه في عمله، والماشطة أول شخصية دينية تطالب بالمساواة، ولم يدع إلى التسامح، وكان منفتحا على الحياة والمستقبل ومشاركا في هيئة السلم العالمي، وأحد الموقعين على نداء ستوكهولم، مما سبب في اندفاع الكثير من رجال الدين على التوقيع، مرض الشيخ الماشطة وسافر الى موسكو للعلاج ومات في3 ايلول عام 1959.
يعتبر الماشطة من الشخصيات التنويرية الفعالة، لعب دورا مهما في تاريخ الحلة والعراق، والسؤال الذي يمكن ان نطرحه: لماذا كانت المؤسسات الدينية قادرة على ايجاد شخصيات فذة، ولم تستطع هذه المؤسسات ان تنتج ما يمنح الدين وجها مغايرا.