نشوء ملكية الارض الزراعية في العراق ومراحل تطورها (2-2) / حمدي فؤاد العاني

تطرقنا وبشكل مفصل عن تطور ملكية الارض في العراق من العصر الاسلامي الاول مرورا بالعصر الأموي والعباسي والتركي وما بعدها الاحتلال البريطاني للعراق، كما وثقنا هذه الفترات باحصاءات عن مختلف المساحات الزراعية وطرق اروائها وما آلت اليه الاجراءات التي اتخذها النظام الملكي في حصر المساحة الزراعية بيد قلة ضئيلة مستغلة لا تتجاوز 1من المئة من السكان وهي تمتلك 75 بالمئة من الاراضي الزراعية وتفرض ارادتها على الجماهير الفلاحية وتضطهدهم بقسوة وهم الغالبية الساحقة من السكان، اذ يشكلون 85 من المئة من سكانه الا انهم لا يملكون شبرا واحدا من الارض، وحيث ان العراق بلد زراعي فان 75 من المئة من مجموع سكانه هم من االفلاحين.
فسكان الريف حسب احصاء 1957 بلغ ما يربو على 3.853 مليون نسمة والقادرون على العمل من بين هؤلاء كانوا 1.814 مليون نسمة. ويمارس العمل منهم 852.000 الفاً فقط أي ان اكثر من نصف القادرين على العمل 962 الف نسمة بدون فرصة عمل، وبلغ مجموع الاراضي المفوضة بالطابو والممنوحة باللزمة 20.800 مليون دونم اضافة الى ذلك فان ما يقارب من اربعة ملايين ونصف المليون دونم من الاراضي الأميرية الصرفة في لواء العمارة وغيرها قد تحولت من الناحية العملية الى حيازات فعلية، يتصرف بها الاقطاعيون باسم الأجارة وكأنها أراضيهم الخاصة وليس هناك?من يجرؤ على منافستهم عليها.
لقد غدا مئات الالوف من الفلاحين قبل الثورة محرومين من الاراضي ولا يملكون شبرا واحدا منها، في الوقت الذي تمتلك 8 ثمانية عوائل في الموصل 946.297 الف دونم وكما مفصل ادناه:
1- عائلة الياور شيوخ شمر 346.747 دونم
2- عائلة الفرحان 310.314 دونم
3- عائلة الشلال 620367 دونم
4- عائلة الخضير 84.592 دونم
5- عائلة ناصر الميرزا 47.358 دونم
6- عائلة كشمولة 42.178 دونم
7- عائلة أغوات باب البيض 39.509 دونم
8- عائلة مصطفى العمري 12.732 دونم
المجموع 946.297 دونم
ومن بين 2.126 مليون دونم من الاراضي الصرفة جرى استصلاحها بعد انشاء سدة الكوت واتمام مشروع الدجيلة وزع منها على المزارعين الصغار من 1952- 1954 ما يقل عن 250 الف دونم، بينما ذهبت جميع الاراضي الاخرى المستصلحة الى الاقطاعيين الكبار في المنطقة. تدرجت زراعة المساحة الزراعية من سنة الى اخرى بحيث وصلت المساحة المزروعة الى 16 مليون دونم ما بين عامي 1957- 1958.
وفي عام 1955 صدر قانون تصحيح صنف الارض ، يقضي بتمليك الاراضي ملكية صرفة لمن فوضت له بالطابو او منحت له باللزمة بعد فرز حصة الحكومة منها، ولذلك قطع الطريق على كل أجتهاد يمكن ان تتخذه اية حكومة مقبلة لتعيد الارض الى مالكها الاصلي أي الدولة. كما أوصى مجلس الاعمار بان يتحمل ملاكو الارض جزءاً من تكاليف مشاريع البزل (الصرف) التي ينوي مجلس الاعمار تنفيذه.
على العموم فان المسألة الزراعية مشكلة متعددة الجوانب، اقتصادية واجتماعية وسياسة، تنكشف في التخلف الشامل الذي يلف الريف عامة، تخلف في قوى الانتاج واساليب ومستوى التكنيك المستخدم في الزراعة، والتطور المشوه والضعيف في الانتاجية، وفي الكيانين الكبيرين المدينة والريف، وبؤس المنتجين الزراعيين.
تدني مستويات حياتهم الاجتماعية وفي التوزيع غير العادل للفائض الاقتصادي المتحقق في الزراعة لصالح الفئات الطفيلية والمستغلة في الريف لصالح المدينة عامة.
وفي البلدان النامية ومنها العراق، يضاف الى هذه تخلف في نمو الزراعة قياسا الى نمو السكان وعجز عن تأمين المستويات المطلوبة في التغذية.
والاعتماد الزائد على الاستيراد، وتعدد في نمط العلاقات الاجتماعية وتفشي البطالة المكشوفة والمقنعة في الريف.
والوجه الآخر للقضية التي نطرحها هو ما من باحث جاد ينبري لدراسة المسألة الزراعية في العراق باطارها التاريخي والصراع الذي دار حولها الا ويعد نفسه وجها لوجه أمام الدور الكبير الذي لعبه الحزب الشيوعي في هذا الصراع، ماضيا وحاضرا. ان اهمية هذا الدور لا ينبثق فقط من الوزن النوعي الكبير الذي اكتسبه نضال الحزب الشيوعي في التاريخ الحديث للعراق، كون نضال الحزب هذا قد ترك بصماته في كل التطورات التي مر بها العراق، وكونه يشغل موقعا متميزا في الصراع السياسي والاجتماعي الدائر لحسم مستقبل البلاد. وانما لكونه ايضا نابعا من وقف طبقي محدد يضع نفسه قبالة المواقف الطبقية الاخرى.
فمهما تباينت المواقف الأخرى في منطلقاتها وفي ابعادها والاهداف التي تنشدها، فانها تظل محصورة في حدود المنطلقات البرجوازية ومصالح مراتبها وتطوراتها. بينما يظل موقف الحزب الشيوعي وحده يعبر عن وجهة نظر لا تقيدها مصلحة معينة في الحفاظ على الملكية الخاصة من أي شكل كانت.
وسنجد فيما بعد ان هذا التميز ينعكس في برامج وسياسات القوى المختلفة، بما يجعل الحزب الشيوعي وحده قبالة القوى السياسية الأخرى، دفاعا عن المصالح الجذرية لكادحي الريف.
لقد مرت المسألة الزراعية في العراق، بمراحل مختلفة لكنها مع ذلك لا تتوغل كثيرا في التاريخ، فان المشاكل التي ارتبطت بملكية الارض باعتبارها لب المسألة الزراعية، لا تزيد عن قرابة قرن ونصف. ان الملكيات الضخمة للارض التي عرفها العراق الحديث لم يكن لها وجود قبل ذلك العهد. ونظام العلاقات شبه الاقطاعية، قد فرض بوسائل القهر والارهاب منذ ذلك الحين.
عالج مؤسسا الماركسية في اكثر من بحث، المسألة الزراعية من جوانبها المختلفة، فقد خص كارل ماركس جزءا كبيرا من "الرأسمال" لدراسة (الدور الذي لعبه انتزاع الارض من سكان الريف، في ايجاد التراكم الابتدائي الذي قام على أساسه النظام الراسمالي ومصدر ريع الارض المطلق والدور الذي يلعبه ريع الارض المطلق هذا في الاقتصاد الرأسمالي.
وفي الوثيقة المهمة التي وضعها ماركس عن الارض، حدد بشكل قاطع الأسس التي يبني عليها الشيوعيون دعوتهم الى تأميم الارض عامة.
- وكرس انجلز مبحثه، مسألة الفلاحين في فرنسا لتحديد موقف السلطة الماركسية من ملكية الفلاح الصغير وموقف السلطة الاشتراكية من استثمار الفلاح الصغير والسبيل الى قيادتهم نحو التعاون الزراعي.
أن مؤسسي الماركسية لم يحددوا بالتفصيل السبيل الذي يتعين على الزراعة أن تسلكها بعد الثورة الاشتراكية وتحقق التحول المطلوب ولم يناقشا القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي يستلزمها هذا التحويل. كان واضحا لديها، كما رأينا تحويل ملكية الارض جميعها، سواء كانت ملكية واسعة ام ملكية صغيرة الى ملكية جماعية، ملكية الامة باسرها باعتبار ان التمركز الوطني لوسائل الانتاج الاساسي الوطني لمجتمع مؤلف من منتجين احرار ومتساوين يقومون بالعمل الاجتماعي حسب خطة عامة وعقلانية، كما يقول ماركس.
ويحدد ماركس الأسس التي يبني عليها الاشتراكيون دعوتهم الى تأمين الارض، فيشير الى: انه إلا اذا كان الاستيلاء على الارض حقا طبيعيا للاقلية، كما يزعم دعاة الملكية الخاصة فان للاكثرية بالطبع مثل هذا الحق اذا استطاعت ذلك..
ان استخدام العمل الجماعي الواسع المنظم ومراقبة الزراعة من جانب الامة ولخيرها، وحاجات السكان المتنامية الى الغذاء، والاستعانة بالالات وغيرها مما يوفر التكنيك الحديث، يجعل من التأميم ضرورة اجتماعية، اخيرا، فان للمنافع الاقتصادية الكبيرة للزراعة الواسعة المتقدمة ترجح كفة التأميم.
قد يكون هذا الرأي واضحا امام الشيوعيين العراقيين وملزما للتوجه نحو حل جذري لمشكلة الارض الزراعية في العراق، وهذا ما حدا بهم الى النضال المتواصل من اجل اقرار قانون اصلاح زراعي جذري في الريف بعد ثورة 14 تموز المجيدة.
ورغم التباين الفكري بين القوى السياسية التي هيمنت على السلطة بعد ثورة 14 تموز المجيدة وتوجهها نحو حل المسألة الزراعية، الا ان الحزب الشيوعي نهض بهذه المهمة، والقضاء على الملكية الاقطاعية وملكية الملاكين الكبار، ولعب دورا كبيرا في تشريع قانوني الاصلاح الزراعي الاول والثاني رغم تحفظاته التي وردت على بعض بنود هذه التشريعات.
الحزب لم يترك مناسبة تهم الفلاحين، إلا ووضع بصماته عليها من خلال اشراك رفاقه واصدقاء الحزب بكل ما يحدث في الريف من احتجاجات والانتفاضات التي حدثت في الريف، وكان من ابرزها انتفاضة آل ازيرج في العمارة، وانتفاضة قلعة ده زى في اربيل وبالتعاون مع الحزب الديمقراطي الكردستاني كما شارك في انتفاضة الشامية مع الحزب الوطني الديمقراطي في نيسان عام 1958، اضافة الى النشاط اليومي عبر تنظيماته السرية المهنية والحزبية والمنتشرة في الريف للدفاع عن مصالح الفلاحين المعدمين، وهي المهمة المركزية في سياسته.
وبعد ثورة 14 تموز الخالدة، برزت المسألة الفلاحية الى السطح امام كافة القوى السياسية التي ناضلت من أجل اسقاط النظام الملكي، وكانت هذه القوى قد ادرجت في مناهجها مشكلة ملكية الارض الزراعية وتوزيع الاراضي على الفلاحين، ولكن حدث اختلاف في وجهات النظر حول تجديد مساحة الملكية الزراعية ورغم التباين الحاصل الذي طرأ على تحديد رقم الملكية الزراعية لكل الاطراف، إلا ان الحزب الشيوعي ابدى وجهة نظره المتضمنة تصفية الملكية الزراعية جذريا وذلك بمصادرة ملكية الاقطاعيين وكبار الملاكين، وتوزيع الاراضي على الفلاحين ومحاكمة من اساء الى الفلاحين خلال فترة الحكم الملكي ومحاكمة العملاء منهم.
وعلى كل حال فان قانون الاصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 قد وضع حدا للاقطاع في العراق بتحديد الملكية الزراعية فقد جاء في مادته الاولى، أنه لا يجوز ان تزيد مساحة الاراضي التي تكون مملوكة لشخص او مفوضة او ممنوحة له باللزمة عن الف دونم من الاراضي التي تسقى سيحا او بالواسطة او الفي دونم من الاراضي التي تسقى ديما، وعند الجمع بين النوعين يكون الدونم الواحد من النوع الاول مقابلا لدونمين من النوع الثاني. وقد استثنى الشركات والجمعيات، حيث جوزت المادة الثالثة في القانون المذكور ان يكون لها من الارض، بعد موافقة الهيئة ?لعليا للاصلاح الزراعي اكثر من الحد الاعلى المذكور، اذا كانت هذه الارض غير مزروعة اصلا، وكان في تنفيذ اغراض الشركة او الجمعية زيادة بقعة الارض المزروعة او تنمية الاقتصاد القومي.
وتستولي الحكومة خلال السنوات الخمس التالية لتاريخ العمل بالقانون المذكور على ما يجاوز الحد الاعلى المقرر (المادة الرابعة).
ويكون لمن استولت الحكومة على أرضه الزائدة عن الحد المذكور الحق في تعويض يعادل بدل المثل للارض المستولى عليها مخصوما منه ما يقابل حق الحكومة في الارض الممنوحة بالطابو او الممنوحة باللزمة بالنسبة نصى التي عليها القانون رقم 61 لسنة 1956 بشأن بيع وتصحيح صنف الارض الأميرية او القانون رقم 40 لسنة 1952 بشأن حسم النزاع في اراضي لواء المنتفك (الناصرية) او القوانين الأخرى، ويضاف الى البدل المذكور التعويض عن قيمة المنشآت الثابتة والاشجار القائمة في الارض المستولى عليها وبقية ما ترى الحكومة الاستيلاء عليه من مضخات او الات أو أدوات زراعية مستعملة في استغلال الارض المفوضة بالطابو او الممنوحة باللزمة.
فاذا كانت ملكية رقبة الارض لشخص وحق المنفعة لآخر يستحق مالك الرقبة ثلثي التعويض، والمتنفع الثلث الآخر اذا كان هناك نص قانوني آخر، او اتفاق بين صاحب الرقبة وصاحب حق الانتفاع او عرف فيلزم به.
اما في اراضي البساتين فيستحق صاحب الارض النسبة التي تقسم على اساسها الارض والاشجار بين صاحب الارض وبين التعاب او المغارس طبقا لسند رسمي او اتفاق او عرف محلي، ويبقى للتعاب او المغارس حصته من الارض او الاشجار عيناً ما دامت حصته من الارض لا تتجاوز الحد الاعلى المقرر قانونا، ويعين بنظام خاص اجراءات دفع التعويض وتبرئة ذمة الحكومة أزاء الجميع في حدود ما يتم دفعه من التعويض طبقا للاجراءات المذكورة (المادة 6) وتتولى تقدير قيمة التعويض لجان تقدير تشكل بقرار من وزير الزراعة برئاسة حاكم وعضوية مدير طابو يعينها بالاتف?ق مع وزير العدلية، ومن مأمور املاك يعين بالاتفاق مع وزير المالية، وموظف زراعي لا تقل درجته عن معاون اختصاصي.
يؤدي التعويض المذكور بسندات على الحكومة بفائدة سعرها 3 من المئة تطفى خلال مدة لا تتجاوز عشرين عاما، وتكون هذه السندات شخصية ولا يجوز التصرف بها الا لشخص عراقي وتعين مواعيد شروط أطفائها وتداولها بنظام خاص (المادة الثانية).
لقد نظم هذا القانون طريقة توزيع الارض المستولى عليها، وكذلك الاراضي الأميرية الصرفة والاراضي المحلولة التي تحددها الهيئة العليا للاصلاح الزراعي وترى انها لازمة للتوزيع او مكبلة للاراضي المستولى عليها في اية منطقة.
فنصت المادة الحادية عشر منه:
على ان يكون التوزيع على الفلاحين، بحيث تتكون لكل منهم ملكية صغيرة لا تقل عن ثلاثين دونما ولا تزيد عن ستين دونما من الاراضي التي تسقى سيحا او بالواسطة.
ولا تقل عن ستين دونما ولا تزيد عن مائة وعشرين دونما ولا تزيد عن مائة وعشرين دونماًفي الاراضي التي تسقى ديماًوذلك تبعاً لجودة الارض . على ان الهيئة العليا للاصلاح الزراعي، ان تقوم بتوزيع وحدات تقل مساحتها عن الحد الأدنى اذا اقتضت ظروف التوزيع ذلك.
وقد اوردت المادة الرابعة عشرة من القانون المذكور طريقة دفع المالك الجديد العوض مما يصيبه من الارض الموزعة عليه فنصت على ان يقدر ذلك ببدل المثل تقدره لجنة التقدير المنوه عنها، انفا فيحسب من الدونم الواحد في كل منطقة بمجموع بدلات المثل محسوبا على الدونمات في المنطقة ذاتها، ويضاف الى بدل المثل المنشآت الثابتة والاشجار القائمة او الالات او المضخات، وذلك بالنسبة الى المساحات التي تستفيد منها. ويضاف أيضا فائدة سنوية سعرها 3 من المئة ويبلغ اجمالي قدرها 20من المئة من هذا العوض في مقابل نفقات التوزيع والادارة، ويؤد المجموع من ما تقدم بأقساط سنوية متساوية في مدى عشرين عاما. ويتم التوزيع خلال مدة لا تتجاوز الخمس سنوات الزراعية التالية لتاريخ العمل بالقانون المذكور وفقا لمنهاج تضعه الهيئة العليا (المادة 25). وتسلم الارض لمن آلت اليه من الفلاحين خالية من الديون ومن حقوق المستأجرين وتسجل ملكا صرفا باسم صاحبها بدون رسوم (المادة 26).
لقد كان من النتائج المهمة لتطبيق الاصلاح الزراعي وفق قانون 30 لسنة 1958 ومن ثم تعميقه بالقانون رقم 117 لسنة 1970 انتزع 90 من المهمة من الاراضي الزراعية من الاقطاعيين وكبار الملاكين ووضعها تحت تصرف (400) الف عائلة عن طريق التوزيع والتأجير.
ان قانون الاصلاح الزراعي رقم 117 لعام 1970 والذي يشكل خطوة جذرية اعمق بالنسبة لقانون رقم 30 لسنة 1958 وحدد الحد الاعلى للملكية الزراعية بين (40- 2000) دونم والحد الاعلى للتوزيع على الفلاحين بين (40-200) دونم تبعا لخصوبة التربة ووفرة المياه وطريقة السقي سيحاً او ديما او بالواسطة ونوع الحاصلات المزروعة وقربها من مراكز التسويق واوجب شأن القانون السابق، اقامة الجمعيات التعاونية في اراضي الاصلاح الموزعة وقامت في ظله مزارع جماعية.
تشير الاحصائيات الرسمية (حتى اواخر 1974) الى ان واقع الملكية الزراعية هو كالاتي:
- (7) ملايين دونم من الاراضي الزراعية وتشكل 29.5 من المئة من الاراضي المستغلة، لا تزال في حوزة (24) الف مالك ممن طبق بحقهم قانون الاصلاح الزراعي.
- ويعمل في هذه الاراضي (150) الف عائلة فلاحية في ظل علاقات شبه اقطاعية (الموزعة على اساس المحاصصة) ورأسمالية متخلفة، وينتمون الى مرتبة فقراء الريف في الغالب.
- وان 10.5 من المئة من الاراضي الزراعية هي ملكيات صغيرة تعود الى (145) الف فلاح ومالك صغير تتراوح ملكياتهم 4-100 دونم ولا يشملهم قانون الاصلاح الزراعي.
اما الاراضي التي استولى عليها الاصلاح الزراعي فقد تم التصرف بها كما يلي:
- حوالي (8) ملايين دونم وزعت على (200) الف عائلة فلاحية، وحوالي (7) ملايين دونم أخرى الى حوالي (200) الف عائلة فلاحية. وهؤلاء غالبيتهم من صغار ومتوسطي الفلاحين.
ان التعاونيات التي قامت (حتى الان) والقصد عام 1976، بلغ عددها (1652) تعاونية تضم (239) الف عضو وتبلغ مساحة الارض التي يتصرف بها 17.6 مليون دونم، وهي في غالبيتها تعاونيات غير انتاجية.
لقد ركزت الدولة منذ بداية السبعينيات الى نهاية العقد السابع على الارض الزراعية وخصصت لكل سنة مؤتمرا زراعيا واسعا للتداول في الخطة الزراعية ولكافة المحاصيل الزراعية وخاصة الاستراتيجية منها، وصرفت مبالغ طائلة من أجل الوصول الى الاكتفاء الذاتي من الحنطة والرز، ولكن واقع الحال جاء عكس ما يتوقع المختصون في الشأن الزراعي، بسبب تملح الارض وارتفاع المياه الجوفية وعدم وجود شبكات مبازل حديثة مكملة لمشاريع الري الكبرى والصغرى والموجودة منذ زمن بعيد، نقول: على الرغم من الجهود المبذولة في المجال الزراعي، الا ان انتاجية?غلة الدونم الواحد في الاراضي السيحية والديمية كانت متدنية، بحيث لا تتجاوز الانتاجية عن 250 كغم في الدونم الواحد، اضافة الى ذلك عدم شمول هذه الاراضي بالمكننة الحديثة للزراعة وافتقارها (الارض) الى كافة المستلزمات الزراعية من بذور محسنة وأسمدة ومبيدات ومياه.
بعد الانتهاء من الاستيلاء على كافة الاراضي المشمولة بقانون الاصلاح الزراعي رقم 117 لسنة 1970 وبعد فشل السياسة الزراعية لدولة البعث في العراق خلال السنوات العشر الأخيرة من عمر الدولة (عام 1968)، اتجهت السياسة الزراعية للدولة وبالتحديد عام 1979 الى الغاء كافة الخدمات المقدمة للفلاحين وبالاخص حراثة وحصاد اراضي الجمعيات التعاونية "بالآجل" وبيع موجودات المكائن وآلات محطات المكائن الزراعية وملحقاتها بالمزايدة العلنية، وفتح باب الاستيراد لمكائن الحراثة (فقط) للفلاحين والمزارعين واتجهت الدولة صوب الارض الزراعية فا?غت مزارع الدولة وكافة المشاريع الزراعية التي كانت تحت اشراقها ومنها مشروع 7 نيسان، والوحدة، والدلمج، والدجيلة، والخالص والحويجة وابو بشوت ونهر سعد ومشروعي الشحيمية وكصيبة وغيرها.
وبرزت الى السطح سياسة الاستثمار الخاص في المجالات الصناعية والزراعية للدولة ومن خلال هذا الاتجاه سن قانون رقم 35 لسنة 1983 ايجار اراضي الاصلاح الزراعي للشركات وللافراد وحسبما جاء بالاسباب الموجبة:
لما كانت هناك اراض زراعية كبيرة غير مستغلة وتزيد عن حاجة الفلاحين وان ترك زراعتها يؤدي الى خسارة كبيرة في الثروة القومية وخاصة الاراضي المستصلحة التي تم صرف مبالغ طائلة في سبيل استصلاحها وتماشيا مع جانب مستلزمات الاستثمار العلمي والاقتصادي الأفضل، وبغية فسح المجال امام الشركات كالافراد القادرين على استغلال الاراضي في الزراعة لزيادة الانتاج وبالتالي زيادة الدخل القومي، شرع هذا القانون. وتضمن (10) مواد وكان ابرزها لوزارة الزراعة والاصلاح الزراعي ايجار الاراضي الفائضة عن حاجة الفلاحين للشركات العراقية والعربي? او الافراد وعلى ان يراعى في ذلك:
- مدة الايجار (5) خمس سنوات ولا تزيد عن 20 سنة ومددت الى 25 سنة لاحقا، والتعهد بزراعة المحاصيل الصناعية، واستخدام الاساليب العلمية في الاستثمار وصيانة شبكات الري والبزل والطرق ولا يجوز استغلال الاراضي المؤجرة في غير الاغراض التي اجرت من أجلها وخص القانون مواد اخرى تتعلق بالاليات المطلوبة والاجراءات الأخرى بصدد تنفيذ بنود هذا القانون.
حفز هذا القانون ازلام النظام على التوجه نحو الاستفادة من مزاياه (شرع من اجلهم) للدخول الى الريف من خلال مواده، وفعلا خلال هذه الفترة الطويلة، أجرت اجود الاراضي الزراعية الى اركان النظام اذا كانوا في الريف او في المدينة (ملايين الدونمات) وجرت تعديلات بعد عام 2003، حيث تم ايقاف التصرف بالاراضي المؤجرة لهؤلاء فقط، واستمرت الهيئة العامة للاراضي الزراعية بالتأجير وحددت المساحة ما بين 5-70 دونماً، مؤجرة بالمزايدة العلنية، حيث بلغت المساحة الزراعية المؤجرة بهذا القانون ولغاية 31/12/2012، 12.672.063 مليون دونم وع?د عقودها (156.657) الف مستفيد في كافة محافظات العراق.
واغلب الاراضي المؤجرة تمركزت في محافظات واسط ونينوى، صلاح الدين، الانبار. اذ بلغت على التوالي 2.458.720 مليون دونم، 1.648.900 مليون دونم و1.644.047 مليون دونم 1.578.439 مليون دونم.
هذا هو واقع ملكية الارض الزراعية في العراق! فهل استثمر العراقيون او بالاحرى السلطات المتعاقبة على دست الحكم ومنذ تأسيس الحكم المدني في العراق عام 1921، الاراضي الزراعية الواسعة الانتشار والمياه المتدفقة عبر السنين بشكل معقول ومنصف ساير الزمن او العكس هو الصحيح؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
- قانون الاصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958
- قانون الاصلاح الزراعي رقم 117 لسنة 1958
- ملكية الارض في العراق (محمد نوري كاظم/ بي ليث/ اكسفورد) عام 1958.
- قانون رقم 35 لسنة 1983 ايجار الاراضي (الزراعية)
- مواقف من المسألة الزراعية في العراق/ عزيز سباهي.
- عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي/عزيز سباهي.