حزب اليسار الأوربي.. تقييم أولى لنتائج الانتخابات الأوربية

رشيد غويلب

عقد زعماء الاحزاب الشيوعية واليسارية العاملة في حزب اليسار الاوربي، ولجنته التنفيذية ، اجتماعا موسعا في الفترة 7 - 9 حزيران الجاري، استضافته العاصمة البلجيكية بروكسل. وقيم المشاركون فيه نتائج انتخابات البرلمان الاوربي الاخيرة بشكل اولي، واقروا برنامجا على اساس الاوليات التي افرزتها نتائج هذه الانتخابات. السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي، ورئيس حزب اليسار الاوربي بيير لوران، اشار في كلمة الافتتاح قصر الفترة التي تفصلنا عن اجراء الانتخابات، وبدون تحليلات مفصلة حولها من الاحزاب العاملة في حزب اليسار الاوربي، لا يمكننا سوى طرح خلاصات اولية
لا شك ان هناك بعض الحقائق التي تفرض ردود فعل و انشطة سياسية سريعة ومؤثرة، منها النسبة المتدنية للمشاركة في التصويت، وبنسب مثيرة للقلق في بلدان شرق اوربا، و ترافق ذلك مع صعود الاحزاب القومية المتطرفة، والعديد من الاحزاب اليمينية الشعبوية، وكذلك احزاب فاشية مثل حزب "الفجر الذهبي" في اليونان، وحزب جوبيك في هنغاريا. ويقول لوران: " علنيا معرفة ان الاحزاب التي اشرنا لها تبدوا للكثير من المواطنين بديلا عن الليبرالية الجديدة". وفي فرنسا ايضا نجحت "الجبهة القومية" بواسطة "قناعها الاجتماعي" في طرح نفسها باعتبارها "الحزب الحامي".
لقد عكست نتائج الانتخابات خسارة الكتلتين الاكبر ، المسيحيين الديمقراطيين، والاجتماعيين الديمقراطيين لعدد من المقاعد، وشملت هذه الخسارات كذلك كتلتي الخصر، و الليبراليين. وبالمقابل عززت كتلة اليسار صفوفها، وأصبح عدد نوابها 52 بدلا من 35 في الدورة البرلمانية السابقة، و ازداد ايضا عدد نواب حزب اليسار الاوربي داخل الكتلة. فإلى جانب الانتصار التاريخي الذي حققه حزب اليسار اليوناني، والنتائج الرائعة التي حققها اليسار المتحد الاسباني، وسيكون هناك ممثلين من جديد لليسار الايطالي، وكذلك نائب عن اتحاد اليسار الفنلندي، وبهذا الخصوص اكد لوران ان كتلة اليسار حصلت على المزيد من الوزن السياسي داخل برلمان القارة. واعتبر اختيار الكسيس تسبراس مرشحا اولا للحزب قرارا ناجحا ساهم في انجاح حملة الحزب الانتخابية، لما يتمتع به الاخير من حضور و تأثير في وسائل الاعلام الاجتماعية.
وبعد ذلك انتقل المشاركون في الاجتماع الى مناقشة اهمية التحضير لحوار واسع مع القوى التقدمية والاجتماعية وطرح مشاريع سياسية في ضوء الديناميكية السياسية التي افرزتها نتائج الانتخابات. واقر الاجتماع حملتان سياسيتان الاولى هي الاستمرار في حملة الدفاع عن حقوق النساء ، وخصوصا حق الاجهاض، الذي تحول الى قضية للصراع بين الحكومة اليمنية المحافظة في مدريد، التي توظف تداعيات الازمة المالية للعودة بالمجتمع الاسباني الى اجواء القرون الوسطى ، وقوى اليسار الاسباني التي تعمل من اجل منع محاولة اعادة عجلات التاريخ الى الوراء.
الحملة الثانية والمهمة هي ضد محادثات عقد"اتفاقية الاستثمار والتجارة الحرة" بين الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الاوربي، والتي يدعمها الحزب، باعتباره جزءا من تحالف اجتماعي واسع يضم العديد من الحركات الاجتماعية، والنقابات العمالية، منظمات الدفاع عن البيئة ومجموعات اخرى. وسيوظف الحزب حضوره في مؤتمرات الاحزاب ومهرجانات الصحافة المقبلة للتعريف بالحملة والتعبئة لها.
وقوبل باهتمام كبير الاجتماع الاول لمجموعة بلدان اوربا الشرقية التي شكلها الحزب حديثا، وكانت هناك قائمة طويلة من القضايا الملحة امام المجموعة: مثل صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في بعض البلدان، وعدم الاهتمام بالانتخابات الأوروبية، وضعف القوى اليسارية وتهديد شرعيتها في بعض الدول. وقد رحبت المجموعة بتخصيص الجامعة الصيفية لحزب اليسار لمناقشة هذه الاسئلة.
واستضاف الاجتماع ممثلين عن الحزب الشيوعي الاوكراني، و حركة "النضال" اليسارية في اوكرانيا ليطلع عن قرب على آخر التطورات الجارية هناك، وجرى نقاش تضامني تباينت فيه التحليلات بشان تعقيدات الصراع في و حول اوكرانيا، واتفق المجتمعون على ادانة العنف والحرب كوسيلة لحسم الصراعات السياسية، واقر الاجتماع ارسال وفد الى كييف للقاء بمزيد من القوى اليسارية والديمقراطية والتقدمية في اوكرانيا.
وناقش الاجتماع امكانية عقد المؤتمر الخاص بمنطقة البحر الابيض المتوسط في نهاية هذا العام. وشكل الاجتماع مجموعة عمل للتحضير لتشكيل "منتدى المبادرات الاوربي"، وكذلك البدء بالتحضير لاجتماع برلمانيي حزب اليسار الاوربي في بداية 2015 . وتداول المجتمعون مستجدات تنظيم الجامعة الصيفية للحزب التي سيدعو لعقدها هذا العام ،في الفترة 23 - 27 تموز المقبل، وبالقرب من العاصمة الالمانية برلين حزب اليسار الاوربي، وحزب اليسار الالماني ، ومنظمة "التحول" بعنوان "السلام، اوربا والسياسة الاقتصادية.