المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان تدين بولونيا لتعذيبها معتقلين / رشيد غويلب

دانت محكمة حقوق الإنسان الأوربية الحكومة البولونية، بسبب احتجازها غير الشرعي لاثنين من المتهمين بقضايا ارهاب في السجون السرية لوكالة المخابرات المركزية الامريكية داخل اراضيها، وقيام الاخيرة بممارسة التعذيب ضدهما. وبموجب قرار الادانة ستدفع بولونيا،الدولة العضو في الاتحاد الاوربي، لكل من المتهمين تعويض مالي قدره 100 الف يورو.
وسيكون من الصعب تحويل مبالغ التعويض الى الرجلين البالغين من العمر 43 و 49 عاما، واللذان يقبعان منذ عام 2003 في معتقل غوانتانامو الأمريكي في كوبا. ويتعلق ملف القضية بالمتهمين عبد الرحمن الناصري من السعودية، والفلسطيني ابو زبيدة ، اللذين لم يمثلا حتى الآن امام المحاكم الأمريكية ويواجهان خطر إصدار حكم الإعدام بحقهما.
واستندت المحكمة في قرارها على قيام السلطات البولونية بتقديم خدمات للمخابرات المركزية الامريكية منذ عام 2001، عبر السماح باعتقال متهمين بالإرهاب في احدى القواعد العسكرية البولونية في شمال شرق البلاد.وكانت جريدة "واشنطن بوست الامريكية قد نشرت في وقت سابق تقريرا بعنوان "التاريخ "السري لسجون وكالة المخابرات المركزية في بولونيا"، ويشير التقرير إلى تلقي المخابرات البولونية 15 مليون دولار في عام 2003 ثمنا لتحويل مركز التأهيل التابع لها الى سجن تمارس فيه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تعذيب المعتقلين المتهمين بالإرهاب بعد اختطافهم. وكانت تجري هناك تحقيقات مع أفراد مختطفين توجه لهم تهمة الانتماء إلى القاعدة، منذ الخامس من كانون الأول عام 2002.
ويأتي القرار بعد مطالبة البرلمان الأوربي الولايات المتحدة الامريكية بالكشف عن السجون السرية التي انشأتها وكالة المخابرات المركزية في بلدان أوربية بعد جريمة 11 أيلول 2001. بعد ان ثبت للبرلمان الاوربي صحة المعلومات المتعلقة باختطاف وتعذيب متهمين في هذه السجون. وطالب البرلمان الاوربي كل من رومانيا، بولونيا، لتوانيا، وبريطانيا، الدول الاعضاء في الاتحاد الاوربي، القيام باجراء تحقيقات مماثلة، واتخاذ إجراءات ملموسة في ضوء النتائج المتحققة. وكذلك ينبغي على المفوضية الاوربية القيام بالجهود المطلوبة.
ويقول متابعون ان بقاء القرار، الى حد بعيد، حبر على ورق لا يفقده اهميته. وينتقد هؤلاء الحكومات المعنية، ومنها الحكومة الالمانية، لعدم قيامها بالتحقيق في ملفات ما يسمى بـ"التسليم الاستثنائي"، اي تسليم المختطفين والمعتقلين بطرق غير شرعية الى الولايات المتحدة الامريكية. ويشير تقرير الاتحاد الأوربي لعام 2007 الى تنفيذ المخابرات المركزية الامريكية 1245 رحلة جوية الى بلدان مختلفة، تم خلالها نقل متهمين بالارهاب، في انتهاك واضح لاتفاقية الأمم المتحدة المناهضة للتعذيب. ويقول مدافعون عن حقوق الإنسان ان مصير الكثير منهم ما يزال مجهولا. وان هناك معلومات مؤكدة بشان رؤية طائرات تعود لشركات طيران وهمية تمتلكها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في العديد من المطارات الألمانية، و بضمنها مطارات عالمية مثل مطار فرانكفورت، ومطار ميونخ، ومطار برلين وغيرها، من دون ان تعطي الحكومة الالمانية اي اهتمام لهذه العمليات. التي تشير الى امكانية تورط السلطات الألمانية فيها.
وحسب وسائل إعلام أمريكية، فان تقرير سري لمجلس الشيوخ مؤلف من 6300 صفحة، دان الأساليب التي اتبعت في الفترة 2002 - 2009، والتي أقرتها وزارة العدل الأمريكية، واصف إياها بـ"المفرطة في وحشيتها".
واعلن اوباما ان "اجزاء" من التقرير ستنشر قريبا، وحسب صحفية "لوس انجلس تايم "، التي اكدت ان الاساليب المستخدمة لم تفض الى الحصول من المتهمين على معلومات هامة، وان التقرير سينشر الاسبوع المقبل.
وكشف التقرير السري، الذي استغرق فيه العمل بضع سنوات، عن فضيحة جديدة للمخابرات المركزية الامريكية، التي قامت قبل عدة سنوات بالتجسس على اجهزة حاسوب أعضاء اللجنة المختصة، ولم يغير من الامر شيء الاعتذار الذي قدمته الوكالة يوم الاربعاء الفائت.