المحامي عبير الهنداوي
دأبت الجمعية العامة للأمم المتحدة على تسمية أيام معينة لغرض الاحتفاء بها في عموم بلدان العالم، وفي كل عام. ومن بين هذه الأيام يوم المرأة العالمي 8 آذار، يوم الأرملة العالمي 23 حزيران، اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب 26 حزيران، وغيرها.
في عام 1981 ووفق قرارها المرقم 67/36، حددت الجمعية العامة يوم 21 أيلول يوما للسلام العالمي. وجاء اختيار هذا اليوم بناء على كون الجمعية تبدأ جلسات دوراتها الاعتيادية في هذا اليوم من كل سنة.
وقد دعت الامم المتحدة جميع دول العالم، إلى الاحتفال بهذه المناسبة، وتعريف شعوبها بأهميتها، باعتبارها وقفة تأمل ومراجعة للذات، لغرض نبذ العنف وترسيخ قيم السلام. وإذا كان ليوم السلام العالمي أهمية كبيرة بالنسبة لشعوب العالم، فإنه يجب أن يكون استثنائيا لدى الشعب العراقي، لما تعرض له من ويلات هائلة لعقود خلت، وحرم من الطمأنينة والأمن والسلام الأهلي بفعل سيادة لغة العنف والقتل والدمار. فضلا عن ذلك يرزح الشعب العراقي حاليا تحت وطأة النزاعات الطائفية المقيتة وتبعاتها وانعكاساتها على المستوى الأمني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وما حدث من خراب وقتل وتهجير على أيدي قوى الإرهاب وحلفائها. ولن يصل العراقيون إلى جادة السلام من دون أن يتكاتفوا ويجتمعوا تحت ظلال وطن واحد، ويعقدوا العزم على نبذ الخطابات الطائفية والقومية والاثنية التي لا تخدم سوى أعداء البلد.
وفي أهمية المحبة والسلام قال الزعيم الجنوب أفريقي الراحل نيلسون مانديلا، في خطاب ألقاه في البرلمان الأوربي في 3 حزيران عام 1993: "بينما كنا نراقب أعين الذين يقمعون ويعذبون سنة بعد أخرى، ونشعر بالآلام الناتجة عن وحشيتهم سنة تلو أخرى، أدركنا تماما انه لا يمكننا انهاء ذلك الكابوس بالاستسلام للكراهية ولروح الانتقام.. أدركنا أننا إذا أذعنّا لهذه الغرائز البدائية، فسنتحول إلى ممارسي قمع وأدوات لتدمير شعوبنا.. لقد ثبت لنا ان حياة وطننا تتطلب منا أن نستمر في المحبة الحقيقية، وفي احترام شعبنا وكل شعوب العالم".
وقد دعا المجلس العراقي للسلم والتضامن الى جعل يوم السلام العالمي يوما عراقيا للسلام، تخلد فيه ذكرى الرواد الأوائل لحركة السلم العراقية عبر فعاليات يقيمها في مختلف أنحاء البلد وبمختلف الأشكال.
وتحتفي الجمعية العامة للأمم المتحدة بيوم السلام العالمي كل عام في مقرها، عبر إقامة حفل خاص على مقربة من "جرس السلام". وهذا الجرس مسبوك من قطع نقود تبرعت بها شعوب 60 بلدا، وهو هدية قدمتها رابطة اليابان للأمم المتحدة.
وجرس السلام موجود في فناء الحديقة الغربية امام مبنى الأمانة العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وقبل قرع الجرس، يلقي الأمين العام للأمم المتحدة خطابا يدعو فيه شعوب العالم إلى التأمل هنيهة في الهدف العالمي للسلام. وبعد التزام الصمت دقيقة واحدة، يلقي رئيس مجلس الأمن بيانا بالمناسبة باسم أعضاء المجلس.
أما خارج مبنى الأمم المتحدة، فإن أكثر الأساليب شيوعا في إحياء يوم السلام العالمي، هو التزام الصمت دقيقة واحدة. و دولتنا العراقية مدعوة لأن تبادر هي الأخرى، إلى أن تحتفي بهذا اليوم بشكل رسمي، وأن تعمل على إيقاف العمل والحركة، والدعوة إلى التزام الصمت دقيقة واحدة بدءا من الثانية عشرة ظهرا، في جميع الدوائر الرسمية والشوارع العامة، أسوة ببقية دول العالم.
جدير بالذكر ان الجمعية العامة للأمم المتحدة اصدرت في 12 تشرين الثاني 1984، إعلانا بشأن حق الشعوب في السلم. و قد اعتمد الإعلان بقرار الجمعية المرقم 39/11، وجاء فيه:
إن الجمعية العامة إذ تؤكد من جديد أن الهدف الرئيس للأمم المتحدة هو المحافظة على السلم والأمن الدوليين، وإذ تضع في اعتبارها المبادئ الأساسية للقانون الدولي الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، وإذ تعرب عن رغبة جميع الشعوب وأمانيها في محو الحرب من حياة الجنس البشري، وقبل أي شيء آخر، في تفادي وقوع كارثة نووية على النطاق العالمي، واقتناعا منها بأن الحياة دون حرب هي بمثابة الشرط الدولي الأساسي للرفاهية المادية للبلدان ولتنميتها وتقدمها وللتنفيذ التام لكافة الحقوق والحريات الأساسية التي تنادي بها الأمم المتحدة، وإذ ت?رك أن إقامة سلم دائم على الأرض في العصر النووي، يمثل الشرط الأولي للمحافظة على الحضارة الإنسانية وعلى بقاء الجنس البشري، وإذ تسلم بأن ضمان حياة هادئة للشعوب هي الواجب المقدس لكل دولة؛ تعلن رسميا أن شعوب كوكبنا لها حق مقدس في السلم، وإن المحافظة على حق الشعوب في السلم وتشجيع تنفيذ هذا الحق، يشكلان التزاما أساسيا على كل دولة، وتؤكد أن ضمان ممارسة حق الشعوب في السلم يتطلب من الدول أن توجه سياساتها نحو القضاء على أخطار الحرب، وقبل أي شيء آخر الحرب النووية، ونبذ استخدام القوة في العلاقات الدولية، وتسوية المنازع?ت الدولية بالوسائل السلمية على أساس ميثاق الأمم المتحدة. كما تناشد جميع الدول والمنظمات الدولية أن تبذل كل ما في وسعها للمساعدة في ضمان تنفيذ حق الشعوب في السلم عن طريق اتخاذ التدابير الملائمة على المستويين الوطني والدولي.