البرازيل.. تحالف يساري جديد لدعم التجربة التقدمية

رشيد غويلب
كانت المعركة الانتخابية الاخيرة في البرازيل شرسة وشهدت استقطاب سياسي حاد، وحظي اليمين المعارض بدعم داخلي وخارجي غير مسبوق، ساهمت فيه المراكز المالية العالمية، وشركات الاعلام الكبيرة المرتبطة بها، وحاول اليمين توظيف الإمكانات القائمة، بسبب عدم اكتمال مشاريع الإصلاح السياسي والقانوني، في محاولة منه للعودة الى نهج الليبرالية الجديدة.
وعلى الرغم من ذلك استطاعت قوى اليسار، والحركات الاجتماعية تأمين اعادة انتخاب مرشحة حزب العمل البرازيلي، ورئيسة الجمهورية دليما روسيف للمرة الثانية. ولوقف تقدم اليمين السياسي، ودعم المشاريع اليسارية للحكومة،مثل قانون الاصلاح الزراعي، وقانون تنظيم وسائل الاعلام، وللمطالبة بإصلاح النظام السياسي، تشكل في البرازيل اخيرا تحالف يساري جديد واسع، بمشاركة 50 منظمة سياسية وحركة اجتماعية، بالإضافة الى النقابات، أطلق عليه "جبهة الشعب اليسارية".
ان ارتفاع نسبة أصوات ناخبي اليمين والقوى المحافظة، في انتخابات تشرين الاول 2014 ، الى 48 في المائة، وما يرتبط بها من ارتفاع عدد المقاعد في البرلمان، قد فاجأ ناشطو اليسار والحركات الاجتماعية، لهذا يعتبر التحالف اليساري الجديد خطوة لمواجهة هذا التطور المجتمعي، ويلخص رايموندو بونفيم من تجمع المنظمات القاعدية CMP هدف التحالف الجديد بالقول: "في الشارع وفي البرلمان سنواجه تقدم اليمين السياسي، وفي نفس الوقت نلتزم بتنفيذ المشاريع الرئيسية في البلاد".
واتفقت الاحزاب والمجموعات المشاركة في التحالف على وضع جدول زمني للإجراءات والنشاطات. ودعا ادواردو سنتيرا ، عضو قيادة حزب العمل الحاكم المشاركين الى تجميع القوى، ولوضع اصلاح النظام السياسي المطلوب منذ سنين على جدول العمل. ويتضمن مشروع الاصلاح تغيير نظام تمويل الحملات الانتخابية، فالى الان تمول الاحزاب حملاتها الانتخابية من التبرعات، والنتيجة حصول المحافظون ودعاة الليبرالية الجديدة على مبالغ هائلة من شركات القطاع الخاص ومراكز راس المال الداعمة، في حين يقتصر دعم اليسار على تبرعات الافراد. ولهذا ينبغي ان تقر بعض القوانين عبر الاستفتاء العام، وليس من قبل السلطة التشريعية.
وتقول وسائل اعلام محلية ان المبادرة الى تشكيل التحالف الجديد طرحها في كانون الثاني الفائت زعيم حزب العمل، ورئيس الجمهورية السابق "لولا دي سلفا" (2003 -2010).
وسبق ذلك تنظيم حملة تواقيع في تشرين الثاني الفائت، ساهم فيها 8 مليون مواطن للمطالبة بالاصلاح السياسي، بعد ان فشل مشروع قانون لدمقرطة النظام السياسي، ولمزيد من المشاركة السياسية، تقدمت به حكومة الرئيس روسيف الى البرلمان، بسبب تنصل بعض حلفاء حزب العمل في التحالف الحاكم عنه.
وفي سياق التعبئة للتحالف الجديد اكد "لولا" اهمية سنوات الحكم الاربعة القادمة لحزب العمل، للاستفادة منها، لاعادة بناء التحالف المفقود مع "معظم القطاعات اليسارية في المجتمع"، وان هذه القضية ضرورية، ارتباطا بالأجواء السائدة، اذا أراد اليسار الاستمرار في الحكم. واكد "لولا" "يجب ان تجرى الانتخابات القادمة في ظل ظروف مختلفة، ولذا فإن اصلاح النظام السياسي ضرورة"، واضاف " يجب ان تمول الحملات الانتخابية من المال العام، و ينتهي التحالف بين الاحزاب على اساس التمثيل النسبي، ويتم الغاء قوائم الاحزاب المغلقة". وجرى التأكيد على الدور الرئيسي للحركات الاجتماعية في عمليات التعبئة، وفي عمليات النضال من اجل التغير الاجتماعي، والذي يشكل وسيلة ضغط هامة على البرلمان.
ودعا الى التحالف الجديد بالاضافة الى منظمات اخرى، حركة المعدمين، ومركز نقابات CUT ، منظمات نسوية وشبابية مختلفة، حركة صغار الفلاحين، ومنظمات التلاميذ والطلبة، وجمعية البرازيليين الافارقة، وينشط فيه اعضاء حزب العمل، والحزب الشيوعي في البرازيل، وحزب الاشتراكية والحرية، وكذلك اعضاء الرعوية الكاثوليكية في البلاد.