ميونخ .. خمسة آلاف متظاهر ضد مؤتمر الأمن

رشيد غويلب
على الرغم من الاجواء شديدة البرودة، شارك يوم السبت الفائت خمسة آلاف في التظاهرة، ، التي نظمت احتجاجا على عقد ما يسمى بـ "مؤتمر ميونخ للامن". وشهدت ساحة "مارين" الشهيرة وسط المدينة التجمع النهائي، والحفل الفني، الذي أحياه الفنان اليساري الالماني المعروف قسطنطين فيكر.
أن مشاركة عدد اكبر من المحتجين في التظاهرة، مقارنة بالعام الفائت، يعود الى انعقاد المؤتمر بالتزامن مع التصعيد العسكري الخطير في أوكرانيا، وبسبب تصريحات رئيس المؤتمر فولفغانغ ايشنغر النارية، ودعوته دول الناتو إلى تصدير السلاح إلى أوكرانيا.
ولهذا تناول فالتر ليستل المتحدث باسم اللجنة التحضيرية للتظاهرة في كلمته، ضمن أمور أخرى، تطورات الصراع في اوكرانيا: "نعيش الان انتعاش حرب باردة جديدة، وفي اوكرانيا تجري تغذية حرب ساخنة. وحركة السلام لا تدعم اي طرف من الإطراف المتحاربة، فنحن الى جانب ضحايا هذه الحرب الملعونة، ولكننا لا ننسى الأسباب الحقيقية لهذه الحرب: الناتو يقترب من الحدود الروسية، ويجري تحريك قوات تدخل سريع، وإنشاء قواعد للدرع الصاروخي، ضد روسيا، في شرق أوربا، وتجري مناورات عسكرية في أوكرانيا، والحكومة والجيش المدعوم من النازيين هناك، حليف وشريك للناتو.
وفي الخميس الفائت، قرر وزراء حرب الناتو إقامة 6 قواعد عسكرية على الحدود الغربية لروسيا، وقوة رأس حربة عسكرية، بقيادة ألمانية احتلت مواضعها هناك، اي ينبغي على الجيش الألماني القتال مجددا في الجبهة الشرقية (إشارة لمعارك الحرب العالمية الثانية ضد الاتحاد السوفيتي السابق)، وهذا لا يجعل اوربا آمنةـ بل اشد خطورة. لذلك نقف هنا اليوم لنقول: اوقفوا جنون هذه الحرب!".
وألقت عضو كتلة حزب اليسار في البرلمان الاتحادي الألماني سفيم داغديلين كلمة حماسية، تناولت فيها ضمن امور اخرى، تزايد الهوة بين الاثرياء والفقراء، ووصولها مستويا مخيفة، واستشهدت باحدث دراسة لمنظمة اوكسفام للتنمية" تشير الدراسة الى ان السنة المقبلة ستشهد هيمنة 1 في المائة من سكان العالم على اكثر مما يملكه الـ99في المئة ، وان ثروة 80 شخصية تضاعفت خلال سنوات 2009- 2014، فهم يملكون الآن بقدر ما يملكه 50في المئة من فقراء العالم، ان شديدي الثراء، والأغنياء يضاعفون ثرواتهم من خلال الاستغلال الشديد، والسطو على العاملين، الذين ينتجون هذه الثروة، وهنا تصح مقولة بلزاك "خلف كل ثروة كبيرة جريمة". ثم أشارت الى طبيعة المؤتمر والقوى المشاركة فيه وأهدافه الحقيقية التي لا يتناولها الاعلام التقليدي.
وفي هذه السنة كان واضحا أيضا ان التظاهرة ضد "مؤتمر الامن" هي من اكبر التظاهرات المعادية للحرب في ألمانيا، بالاضافة الى تعدد المجاميع، على اختلاف مشاربها السياسية والفكرية، المشاركة في التحضير لها، والتي تتناول موضوع الناتو والحرب بكثير من الأفكار وأشكال الاحتجاج المبدعة. وبرغم البرد، والتأخير الذي رافق بداية الحفل الفني، كانت ساحة مارين ممتلئة بالجمهور، الذي استمع لباقة من أغنيات فيكر، كانت ضمنها طبعا، اغنية "قل لا". وفي ختام الفعالية خاطب فالتر ليستل الحضور قائلا: "سنلتقي ثانية في مسيرات عيد الفصح، في احتجاجات حركة "لنحتل"، وفي الاحتجاج ضد قمة مجموعة السبعة في حزيران القادم".
ومن المعروف ان "مؤتمر ميونخ للامن"، يعقد سنويا، ويشارك فيه قادة الناتو، وجميع المؤسسات المخابراتية، ومؤسسات البحث في الشؤون العسكرية، ويحضره عادة رؤساء الدول الاعضاء لحلف الناتو، او من يمثلهم، وممثلي شركات السلاح الكبرى في العالم، بالاضافة الى بلدان أخرى، تتم دعوتها حسب الأولويات العسكرية والامنية لبلدان الحلف، وشارك في أعمال هذه الدورة رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي، ورئيس الاقليم مسعود البارزاني. ومهمة المؤتمر هي مناقشة قضايا الساعة في العالم من زاوية المصالح الاقتصادية والعسكرية للدول الغربية، ووضع الاٍستراتيجيات العسكرية والسياسية المطلوبة.
بلغت تكاليف المؤتمر، الذي يعقد تحت حماية مشددة بمشاركة وحدات من الجيش الألماني، هذا العام 1.721 مليون يورو، تبرع حلف الناتو بمليون منها. وترى حركة السلام، وقوى اليسار في المؤتمر سوق سنوي للنفاق، وازدواجية المعايير، والأكاذيب. وان قادة الناتو العسكريين، والسياسيين، الملطخة أيديهم بالدماء، وتستند حروبهم على الأكاذيب، ويمارسون جميع أشكال انتهاكات القانون الدولي.