ألمانيا.. أكثر من 20 ألف متظاهر يشلون عاصمة الأموال الأوروبية

"طريق الشعب"
شهدت مدينة فرانكفورت الالمانية، الاربعاء الماضي، حركة احتجاج واسعة شارك فيها اكثر من 20 الف متظاهر قدموا من مدن المانية مختلفة، ومن العديد من العواصم الأوروبية، وخصوصا البلدان الاكثر تضررا من الازمة المالية،مثل اليونان، اسبانيا، البرتغال، وايطاليا، ومن سياسات التقشف القاسية التي اتبعتها وتتبعها حكومات هذه البلدان.
وجاءت التظاهرات تلبية لدعوة تحالف "لنحتل" في المانيا، الذي يشارك فيه طيف واسع من قوى اليسار الالماني، والنقابات، والحركة المضادة للعولمة، وحركة السلام، والحركة النسوية، ومجموعة من المبادرات والمنظمات المحلية، وعكست المشاركة حضورا لجميع تيارات اليسار الفكرية من اليسار المتطرف، والحزب الحزب الشيوعي الالماني، وحزب اليسار الالماني، وصولا الى مجاميع وشخصيات يسارية تنتمي الى حزب الخضر، والحزب الاجتماعي الديمقراطي المتحالف مع اليمين الحاكم. وكان الهدف من الاحتجاج إفشال الاحتفال بمناسبة افتتاح المبنى الجديد لمقر البنك المركزي الاوروبي،الذي نظم بشكل محدود في الساعة الـ 11 من صباح نفس اليوم، ولم تحضره شخصيات سياسية رسمية، المانية، او اوروبية، واقتصر الحضور على رئيس البنك ومدرائه التنفيذيين، وكبار موظفيه. واشارت تقارير الصحافة الالمانية ان المستشارة ميركل، والزعماء الاوربيين تجنبوا التواجد في حفل الافتتاح، خوفا من الاحراج، الذي قد يسببه لهم هيمنة المحتجين على المدينة، والاجراءات الاستثنائية التي لجأت اليها الشرطة للحد من زخم الاحتجاجات، التي جرى لها التحضير منذ عدة شهور، وبمشاركة أوروبية. وبدأت الحركة الاحتجاجية من ساع?ت الصباح الباكر، حيث بدأت جموع المتظاهرين تتوافد الى المدينة، وحدث اشتباك مع الشرطة، عندما حاولت مجموعات من المتظاهرين تجاوز الحواجز التي نصبتها الشرطة لمنعهم من الوصول الى مبنى المقر الجديد، ونتيجة لاستخدام الشرطة خراطيم المياه، والغازات المسيلة للدموع والسوائل الكاوية، أصيب 100 متظاهر تقريبا بجروح، بعضها خطيرة، ونقلوا الى المستشفى، وأصيب افراد من الشرطة بجروح ايضا، وأعلنت المصادر الرسمية لشرطة المدينة انها اعتقلت 350 متظاهرا. يذكر ان حضور قوات الامن واسع، وان الشرطة استخدمت خراطيم المياه لتفريق المتظاهري? من جميع ولايات ومدن المانيا. واستمرت التظاهرات والتجمعات طيلة يوم الاربعاء، وكان اكبرها التظاهرة الختامية التي شارك فيها اكثر من 20 الف متظاهر يتقدمهم قادة حزب اليسار الألماني، وشخصيات نقابية وسياسية معروفة، وكان في عداد المتحدثين في التجمعات ممثلون عن حركة "اتاك" المناهضة للعولمة والنقابات وممثل عن حزب اليسار اليوناني، حزب رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس، وكذلك ميغل يوربان من حزب بوديموس "نحن قادرون" اليساري الاسباني، والذي يتصدر استطلاعات الرأي الخاصة بالانتخابات التشريعية القادمة في بلده، ووصف يو?بان في المؤتمر الصحفي الذي عقد ظهر الأربعاء سياسة البنك المركزي الأوروبي بالعنف الموجه ضد شعوب بلدان جنوب أوروبا. ومن المعروف أن قوى اليسار الاوروبي تحمل البنك المركزي الاوروبي، باعتباره احد أركان اللجنة الثلاثية، والتي تضم الى جانبه صندوق النقد الدولي، والمفوضية الأوربية مسؤولية النتائج الكارثية لسياسات التقشف، التي فرضت على بلدان الأزمة، وفي طليعتها اليونان.
وأكد ممثلو النقابات على ان "المشروع الاوروبي معرض لخطر الموت. فبدلاً عن التقشف وقضم المكتسبات اجتماعية، نريد مزيدا من الديمقراطية وتوازنا اكبر للصلاحيات في اوروبا وكذلك داخل البنك المركزي الاوروبي والمنظومة الاوروبية".
وفي خطوة غير متوقعة وقعت نقابة ايبسو التي تؤكد انها تمثل 40 بالمئة من موظفي البنك المركزي ايضا على هذا البيان. لكن هذه النقابة لن تشارك في الاحتجاجات.
وقالت هانا ايبيرل العضو في تحالف "لنحتل" قبيل التظاهرة: "نخشى ان يأتي التصعيد من الشرطة"، مؤكدة "لن نسمح للشرطة بإيقافنا".
وأكد رولان ساب العضو في حركة "اتاك" المناهضة للعولمة في ألمانيا "سنناضل من اجل أوروبا أخرى، اجتماعية وديمقراطية".
وكان منظمو التظاهرة قد وجهوا النقد الى مظاهر العنف التي سادت الاحتجاجات، وخصوصا في ساعاتها الاولى، وقالوا انهم كانوا يتمنون عدم حدوثها، ولكنهم ابدوا تفهمهم لغضب بعض المجموعات المشاركة في الاحتجاج، لان سياسات البنك المركزي الاوروبي دمرت الشعوب في اليونان وغيرها من البلدان، وشارك قادة يساريون زملاءهم في تحالف "لنحتل" هذا النقد، مؤكدين على شرعية الاحتجاج.
وكان مقر البنك المركزي الأوروبي هدفا لاعتصامات واحتجاجات الحركة المناهضة لليبرالية الجديدة وسياسات التقشف، منذ انطلاق حركة "لنحتل" في ألمانيا في عام 2011.