تونس .. المنتدى الاجتماعي العالمي يبدأ أعماله

رشيد غويلب
تبدأ اليوم للمرة الثانية في تونس العاصمة اعمال المنتدى الاجتماعي العالمي، والذي سيبحث استراتيجيات مشتركة للحركات الاجتماعية لمواجهة سياسات الافقار والتجويع التي تعتمدها راسمالية الليبرالية الجديدة في المراكز الرأسمالية،
والحكومات التي تدور في فلكها في الاطراف.وتفتح دورة المنتدى الاجتماعي العالمي بمسيرة تحت شعار: " شعوب العالم متحدة من أجل الحرية، المساواة، العدالة الاجتماعية والسلم. متضامنة مع الشعب التونسي وكل ضحايا الإرهاب ضد كل أشكال الاضطهاد". وتنطلق المسيرة من ساحة باب سعدون ،في الساعة الثالثة وتنتهي بمتحف بوردو على الساعة الخامسة والنصف عصرا.
ويقول منظمو المنتدى، ان المناقشات ستستمر في هذه الدورة ايضا لتطوير اساليب مقاومة سياسات التقشف القاسية، وان هناك ما يبعث على الأمل: نجاح احتجاجات تحالف "لنحتل، الاربعاء الفائت،" في المانيا بمناسبة افتتاح المقر الجديد للبنك المركزي في مدينة فرانكفورت، وحركة الاحتجاج المتصاعدة في فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، وفي بلدان جنوب اوربا، وامريكا الجنوبية، وكذلك في الهند، ضد تقليص الخدمات الاجتماعية وبرامج التقشف. وهذا الواقع يشكل ارضية نافعة للنشاطات المشتركة للحركات الاجتماعية.
وفي هذا السياق سيناقش مشروع حملة مشتركة ضد ابتزاز بلدان جنوب اوربا من قبل الحكومات المتنفذة في الاتحاد الاوربي. وهناك سلسلة من الفعاليات ستتناول هذه القضية الهامة، الى جانب "اجتماع التقارب"، الذي سينشغل باعداد خطة مشتركة للاطراف، والقوى المعنية.
وستشترك هذه المرة، كما في المرات السابقة وفود تمثل قوى اليسار، والنقابات، والحركات الاجتماعية، ومنظمات المجتمع المدني من جميع قارات العالم، حاملة معها تعددها وتنوعها الفكري والسياسي والتنظيمي. وسيتضمن البرنامج محاضرة لحزب اليسار اليوناني تلقي الضوء على التطورات الجارية في البلاد، منذ تولي الحكومة اليسارية مهام عملها اواخر كانون الثاني الفائت. وسيشارك في اعمال المنتدى وفد يمثل المنتدى الاجتماعي العراقي، الذي سبق له الاشتراك في مثل هذه الفعاليات على الصعيدين العالمي والآسيوي.
وقد فوجئ منظمو المنتدى غداة انعقاد هذه الدورة، بجرائم المنظمات الارهابية داخل البلد المضيف، وآخرها الاعتداء الجبان على متحف بوردو في العاصمة تونس، ولهذا ستنطلق تظاهرة افتتاح اعمال المنتدى هذا اليوم من مركز المدينة، نسير باتجاه متحف البوردو، للتعبير عن تضامنها مع ضحايا الارهاب، والحركة الديمقراطية في تونس. ومن الضروري الاشارة الى ان الاوضاع في البلد المضيف هادئة، وليس هناك مظاهر للارتباك، او الخوف، ولا تشعر الوفود المشاركة، بالإجراءات الامنية المتخذة، على الرغم من اتساعها وشدتها.
وعلى الرغم من محاولات قوى الاسلام السياسي توظيف استضافة تونس لاعمال المنتدى الاجتماعي العالمي، الا ان حضور وتأثير قوى اليسار التونسي في اعمال المنتدى واضحة للعيان، وستشارك شخصيات قيادية في اليسار التونسي في العديد من فعاليات المنتدى، وفي الجانب الآخر، هناك تحول في موقف بعض الجماعات الاسلامية، التي كان لها في السنوات السابقة موقف عدائي من القوى الديمقراطية، فهي تشارك اليوم في التظاهرات ضد جرائم المنظمات الارهابية.
وستكون المشاركة الافريقية في دورة المنتدى الحالية كبيرة هي الاخرى، على خلفية نشوء حركة اجتماعية في العديد من بلدان القارة، لمواجهة اتفاقية التجارة الحرة، التي فرضتها الدول الغربية على البلدان الافريقية. وهناك طاولات حوار مشتركة نظمت غداة افتتاح اعمال المنتدى من قبل الحركة المضادة للعولمة في البلدان الاوربية، والمؤسسات البحثية المرتبطة بقوى اليسار الاوربي مع ناشطي الحركة الاجتماعية في افريقيا.
والمنتدى الاجتماعي العالمي فضاء مفتوح للحوار وتبادل التجارب والخبرات تاسس في عام 2001 في مدينة اليغري البرازيلية، باعتباره اطارا نقيضا لقيم منتدى دافوس الاقتصادي، الذي تنظمه مراكز الرأسمال العالمي، وحكومات البلدان الرأسمالية، لوضع استراتيجيات مشتركة لادامة وتوسيع هيمنتها على بلدان العالم المختلفة. ويسعى المنتدى الاجتماعي العالمي لبلورة بدائل اقتصادية واجتماعية لمنطق السوق الرأسمالي، من خلال الحوار المتبادل في اطار"عولمة
التضامن"، كبديل للعولمة الرأسمالية. وانتقلت هذه الحركات من مرحلة الاحتجاج لتدخل مرحلة تقديم المقترحات، قائلة بأن "عالم آخر ممكن"، وهو شعار إطلاق التعبئة نحو تنظيم دورة المنتدى الاولى.