فرنسا.. اليمين واليمين المتطرف يتصدران انتخابات مجالس المحافظات

رشيد غويلب
شهدت فرنسا الأحد الماضي الجولة الأولى من انتخابات مجالس المحافظات، ولم يشارك في التصويت 50 في المائة من الناخبين. وعكس هذا الواقع حالة الإحباط السائدة في المجتمع الفرنسي، نتيجة لسياسة الحزب الاشتراكي (الاشتراكية الدولية)، ورئيسه هولاند. وانخفضت نسبة المشاركة في التصويت مقارنة بانتخابات 2011 بمقدار 6.5 في المائة، ومع ذلك كانت نسبة المشاركة 50.17 في المائة.
ويبدو ان نصف الذين يحق لهم التصويت لم يروا نفعا من المشاركة في التصويت. وكان الخاسر ألأكبر من ضعف المشاركة الحزب الاشتراكي الحاكم، الذي صوت ملايين الفرنسيين لمرشحه هولاند في انتخابات رئاسة الجمهورية الاخيرة، كبديل لسياسة الليبرالية الجديدة، ولكن اداءه خيب آمال الكثيرين منهم.
ولهذا لم يفز الحزب الاشتراكي، وحلفاؤه سوى في 56 دائرة انتخابية ، فيما حصل حزب اليمين التقليدي بزعامة الرئيس السابق ساركوزي على 220 دائرة انتخابية، من 298 دائرة انتخابية حسمت في الجولة الاولى بحصول احد مرشحيها على اكثر من 50 في المائة، من مجموع الدوائر الانتخابية الكلي البالغ 2054 دائرة.، وخرج الحزب الاشتراكي من نصف الدوائر الانتخابية، لعدم تمكن مرشحيه، الحصول على العتبة 12.5 في المائة، التي تؤهلهم للمنافسة في جولة الانتخابات الثانية.
والرابحان في هذه الجولة كانا اليمين، واليمين المتطرف، ومن المتوقع ان يقود حزب ساركوزي في جولة الانتخابات الثانية الكثير من المحافظات، التي كانت عادة من نصيب الحزب الاشتراكي، ومعسكر اليسار بمعناه الواسع.
واخطر ما تمخضت عنه النتائج الانتخابية هو النجاح، الذي حققته اليمين المتطرف ممثلا بحزب "الجبهة القومية" بزعامة ماري لوبان ، الذي استطاع حسم 8 دوائر انتخابية لصالحه (اكثر من 50 في المائة) في الجولة الأولى قابلة للزيادة، فهو مؤهل لدخول الجولة الثانية في اكثر من نصف الدوائر الانتخابية، ويتقدم المنافسين في 343 دائرة.
ومع ذلك لم يصبح اليمين المتطرف القوة الاولى في البلاد، كما توقعت وسائل الاعلام التقليدية، التي منحته في استطلاعات الرأي 30 في المائة، ولكنه حصل على 25 في المائة من اصوات الناخبين، وهي تقريبا نفس النسبة التي حصل عليها في انتخابات رئاسة الجمهورية. ويبدوا ان برنامج اليمين المتشدد نجح في اقناع المصابين بخيبة الأمل من الاشتراكيين.. ويؤشر فوز اليمين واليمين المتطرف ، ان فرنسا تواجه خطر موجة جديدة من التوجه نحو اليمين.
اما الحزب الشيوعي الفرنسي وحلفاؤه في "جبهة اليسار"، فقد حققوا تقدما نسبيا، بعضه من خلال التحالف مع قوى من خارج جبهة اليسار، بما في ذلك مع حزب الخضر، ولكن المتحقق لا يكفي لبناء "جبهة يسارية جديدة" قادرة على طرح سياسة بديلة حقيقية تحقق الاختراق المطلوب.
وحسب معطيات وزارة الداخلية الفرنسية، فان جبهة اليسار الفرنسي حسمت لصالحها 6 مقاعد في الجولة الأولى، ولكن الارقام التي اعلنتها وزارة الداخلية تلتف على النتائج الفعلية، لان تحالفات جبهة اليسار، التي يلعب فيها الحزب الشيوعي دورا متميزا، دخلت الانتخابات بقوائم متعددة. وحسب المعطيات التي اعلنها الحزب الشيوعي الفرنسي، فان مرشحي الحزب، والقوى الحليفة معه حصلوا على 9.4 في المائة. وهذه النتيجة تسجل تقدما، مقارنة بانتخابات مجالس المحافظات في اعوام 2008 و 2011 . وبهذا الخصوص نقرأ في بيان الحزب الشيوعي بشأن النتائج ما يلي: "هذه النتائج تشجعنا لمواصلة العمل من اجل تجميع القوى، والعمل في سبيل سياسة يسارية اخرى". هذا وستجري الجولة الثانية لانتخابات مجالس المحافظات الفرنسية الاحد 29 آذار الحالي.