- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأربعاء, 01 نيسان/أبريل 2015 14:58

عقدت القمة العربية في شرم الشيخ وسط ظروف شديدة التعقيد والاضطراب تمر بها المنطقة العربية، بدأت منذ العدوان الأمريكي على العراق عام 2003 وتصاعدت حدتها مع انفجار ثورات وانتفاضات الشعوب العربية ضد النظم الاستبدادية في كل من تونس ومصر وسوريا وليبيا واليمن، حيث سعت أمريكا والنظم الرجعية في المنطقة لاحتواء وإجهاض تلك الثورات بإشعال سلسلة متواصلة من الصراعات المسلحة والحروب الأهلية ،من خلال تأجيج الصراعات الدينية والمذهبية والطائفية واستخدام جماعة الإخوان والتنظيمات الإرهابية التي خلقتها ومولتها وسلحتها ودربت عناصرها، كما استغلت كلا من إيران وتركيا تلك الظروف والأوضاع المتردية للبلدان العربية لإحياء اطماعهما القومية مستخدمة جماعات وميليشيات مسلحة موالية لها.
وقد كشف البيان الختامي للقمة العربية عن عدة حقائق تعكس كل هذه الظروف والتعقيدات والتناقضات ،وتتعارض مع التفاؤل المبالغ فيه في أجهزة الإعلام المصرية ،وتتمثل هذه الحقائق في ما يلي :
1- تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية في القمة وعدم اتخاذ أي مواقف ملموسة في دعم وحدة ونضال الشعب الفلسطيني ضد العدو الصهيوني من اجل حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس،ولم تتعرض القمة للرد على غطرسة وعدوانية نتنياهو في رفضه القاطع لإقامة الدولة الفلسطينية وتصريحاته العنصرية ضد الفلسطينيين والعرب ،واقتصر البيان على دعوة الدول العربية لدعم موازنة فلسطين لمدة عام وأهمية الالتزام بسداد المساهمات المتوجبة على الدول الأعضاء.ويؤكد حزبنا في هذا الصدد أن إسرائيل ما زالت تشكل الخطر الرئيسي على الدول العربية أما إيران وتركيا فتمثلان خطرا يمكن تحجيمه إذا توافرت إرادة عربية لذلك.
2- تضمن البيان قرار إنشاء قوة عسكرية عربية تشارك فيها الدول اختياريا، وتضطلع بمهام التدخل العسكري السريع وما تكلف به من مهام أخرى لمواجهة التحديات التي تهدد امن وسلامة أي من الدول الأعضاء وسيادتها الوطنية، وتشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي بما فيها تهديدات التنظيمات الإرهابية بناء على طلب من الدولة المعنية.
ويرى الحزب الشيوعي المصري أن هذه القوة العسكرية العربية يمكن أن تكون خطوة في اتجاه إيقاف أي تدخل أجنبي في شئون الدول العربية، وان تلعب دورا فاعلا في مواجهة الإرهاب إذا ما توافرت شروط محددة لا توجد حتى ألان أهمها اتفاق الدول العربية على مواجهة الإرهاب وتنظيماته بكل صوره وأشكاله، وتحديد أهداف واضحة ومحددة لهذه القوة وحجمها والية عملها وتمويلها وقيادتها ، خاصة وان التطورات الأخيرة كشفت عن اختلاف المواقف العربية تجاه العديد من القضايا وخاصة مواجهة الإرهاب من ناحية ومساندة النظم الشرعية من ناحية أخرى وتجسد ذلك بوضوح في الموقف المتناقض في التعامل مع أزمتي سوريا واليمن، كما يؤكد الحزب أن تدخل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن كان سابقا على اجتماع القمة ولا علاقة له بهذا القرار، ويحذر الحزب من تحول هذه القوة العسكرية المقرر تشكيلها إلي قوة تخدم مصالح نظام او مجموعة أنظمة على حساب مصلحة شعوب ودول عربية أخرى بما يهدد الأمن القومي العربي، ويرى في هذا السياق أيضا انه لا بد من تطوير الهيكل التنظيمي والإداري لجامعة الدول العربية لتكون أكثر قدرة على القيام بدورها في مواجهة التحديات السياسية والتدخلات الأجنبية وخطر الإرهاب، وهو الأمر الذي أغفلته القمة تماما.
3- ونص البيان في الأزمة اليمنية على ضرورة الالتزام الكامل بالحفاظ على وحدة اليمن واحترام سيادته ورفض أي تدخل في شئونه الداخلية، إلا انه أكد موافقة القادة العرب (باستثناء رفض عراقي وتحفظ لبناني)وترحيبهم وتأييدهم الكامل للإجراءات العسكرية التي يقوم بها التحالف الذي تقوده السعودية، بما يعني إقرارا لأمر واقع فرضته السعودية قبل انعقاد القمة بيومين، بل إن البيان كشف عن فرض الرؤية السعودية الهادفة لتصعيد الحرب، بعد أن أعلنت في البداية أن العمليات هدفها وقف تقدم الحوثيين نحو الجنوب اليمني ومدينة عدن، لينص البيان على مطالبة الحوثيين بالانسحاب الفوري وإعادة تطبيع الوضع الأمني وإعادة الأسلحة إلي السلطات الشرعية والاستجابة لعقد مؤتمر في الرياض برعاية مجلس التعاون الخليجي (وليس برعاية عربية) تشارك فيه كل الإطراف السياسية، ولعل انصراف الملك السعودي من القمة في الجلسة الافتتاحية عقب إنهاء كلمته وإثناء مصطحبا معه الرئيس اليمني مؤشر على الموقف السعودي المصر على الانفراد بتشكيل الأوضاع في اليمن وفق مصالحه وفي إطار مجلس التعاون الخليجي الذي تقوده المملكة.
4- وكشف البيان الختامي عن إصرار قطر منفردة على تدعيم قوى الإرهاب في ليبيا حيث رفضت وحدها القرار بالكامل، والذي ينص على ضرورة الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها وعدم التدخل في شئونها الداخلية والالتزام بالحوار الشامل بين القوى السياسية النابذة للعنف والتطرف، كما أكد تقديم الدعم الكامل سياسيا وماديا للحكومة الشرعية وتوفير المساعدات اللازمة لها بما في ذلك دعم الجيش الوطني ومطالبة مجلس الأمن بسرعة رفع الحظر عن واردات السلاح إلى الحكومة الليبية ودعوة المجتمع الدولي لتحمل مسئولياته في منع تدفق السلاح والعتاد بحرا وجوا إلي التنظيمات والجماعات الإرهابية التي تواصل العبث بمقدرات الشعب الليبي وحصد الأرواح. وفيما تطابق البيان هنا مع الموقفين الليبي والمصري فقد رأت الجزائر أن رفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي يندرج ضمن السياق السياسي كجزء من الحل التوافقي المنشود.
5- واقتصر البيان في ما يتعلق بالأزمة السورية على تكليف الأمين العام لجامعة الدول العربية بالاتصال بأمين عام الأمم المتحدة لإقرار خطة تحرك مشتركة تضمن إنجاز الحل السياسي للازمة وفقا لمؤتمر "جنيف 1" ، ليكشف عن عجز كامل و تناقض واضح في الموقف في التعامل مع أوضاع كل من اليمن وسوريا، حيث بادرت السعودية بتشكيل تحالف عسكري للتدخل في اليمن لمساندة رئيسها بينما تدعم ميليشيات معارضة للرئيس السوري ، في إطار دور أمريكي أوروبي تركي قطري سعودي لدعم وتدريب وتسليح وتمويل تنظيمات وميليشيات إرهابية في مواجهة النظام السوري.
31 مارس 2015 المكتب السياسي
الحزب الشيوعي المصري