افتتاح السفارة الكوبية في واشنطن

رشيد غويلب
شهد الإثنين الفائت افتتاح السفارة الكوبية في العاصمة الأمريكية واشنطن، وبهذا منحت ممثلية المصالح الموجودة، منذ عام 1977 في كل من هافانا وواشنطن صلاحيات السفارات كاملة. وتاتي هذه الخطوة الهامة تنفيذا لإعلان رؤساء كوبا والولايات المتحدة في 17 كانون الأول الفائت التوجه الى إعادة العلاقات الدبلوماسية بين بلديهما. وبهذا تنتهي المرحلة الأولى من عملية التقارب بين البلدين.
حتى الآن لم يتم تسمية السفراء الجدد، وسيقوم رئيسا ممثلية المصالح السابقين، الكوبي خوسيه رامون كابانياس و الأمريكي جيفري ديلورينتس ، في الإستمرار بالعمل بصفة القائم بالأعمال. ومن المقرر تنظيم الحفل الرسمي لافتتاح سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في هافانا في شهر آب المقبل، وبحضور وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، فيما حضر حفل افتتاح السفارة الكوبية في العاصمة الأمريكية وفدا كوبيا رسميا مؤلف من ثلاثين شخصية، وبقيادة وزير الخارجية الكوبي برنو رودريغز، وهذه اول زيارة لوزير خارجية كوبي الى الولايات المتحدة، منذ اكثر من مئة عام. وشارك في حفل الإفتتاح اكثر من 500 ضيف بينهم مسئولون ودبلوماسيون سابقون وفنانون وشخصيات اجتماعية.
وفي الوقت الذي يحاول فيه الرئيس الأمريكي السير قدما في سياسة التقارب مع كوبا، تلقى هذه السياسة الرفض والعرقلة من لدن اليمين الجمهوري المعارض، بما في ذلك التهديد بمنع تسمية السفير الأمريكي في هافانا، وعرقلة تمويل السفارة الأمريكية هناك.
والصراع الدائر بين الجمهوريين والحكومة الأمريكية يتمحور حول وسيلة اجراء تغيير النظام السياسي في كوبا، فالجمهوريون ما زالوا مصرين على اعتماد الحصار الأقتصادي وسياسة عزل كوبا عالميا لفرض ازاحة نظامها الإشتراكي، في حين ترى الحكومة الأمريكية ان الحوار القائم على النقد، وتعزيز سياسة الخصخصة، ومزيد من التعامل التجاري، وحرية استخدام الإنترنيت، وتوفير حرية السفر، هي سبل كفيلة بتغيير النظام السياسي في كوبا، بتعبير آخر هناك قناعة واضحة لدى الرئيس الأمريكي ان سياسة الحصار فشلت في تحقيق الأهداف الأمريكية في كوبا. وتشير استطلاعات الراي في الولايات المتحدة الى وجود اكثرية مجتمعية تؤيد التقارب مع كوبا. وتسعى اتحادات الصناعيين الأمريكان الى الحصول على مشاريع تجارية واقتصادية في كوبا. وتتعامل الحكومة الكوبية بانفتاح حذر مع التطورات الجارية لمعرفتها بهذه الإستراتيجية، وفي ضوء تجربتها التاريخية مع الولايات المتحدة. واتفق رئيسا البلدين في رسائلهم المتبادلة في الأول من تموز الحالي على فتح السفارتين، على اساس احترام ميثاق الأمم المتحدة وعلى وجه الخصوص القواعد الواردة في اتفاقيات فيينا حول العلاقات الدبلوماسية والقنصلية. والتي تتضمن قبل كل شيء احترام قوانين البلد المضيف وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
وستتناول المفاوضات الثنائية المقبلة قضايا اكثر تعقيدا، فستطالب الولايات المتحدة بالتعويض عن عمليات نزع الملكية التي جرت بعد انتصار الثورة في عام 1959 . وستكون قائمة المطالب الكوبية طويلة وتتضمن انهاء الحصار الأمريكي المفروض على كوبا منذ عام 1961 ، والتعويض عن الأضرار الإقتصادية والتدمير الإجتماعي الذي نتج عنه، واستراد السيادة الكوبية على منطقة ميناء غوانتنامو التي تحتلها الولايات المتحدة وتقيم فيها سجنها سيء الصيت. وستطالب كوبا بايقاف نشاط الدعاية الأعلامية ضدها، والغاء محطات الراديو والتلفزيون التي تعمل على بثها، وانهاء تمويل التخريب وزعزعة الاستقرار، ولهذا يتوقع المختصون ان المفاوضات بين البلدين ستستمر طويلا.