بلغاريا أفقر بلدان الاتحاد الأوربي

بعد ربع قرن على انهيار التجربة الإشتراكية
رشيد غويلب
بعد انهيار التجربة الإشتراكية في عام 1989 فتحت بلغاريا ابوابها لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبرامج "مساعداتهما" المدمرة. وفي عام 2005 اصبحت بلغاريا عضواً في حلف الناتو، وفي عام 2007 عضواً في الإتحاد ألأوربي. ومنذ ذلك الحين والبلدان الغربية تعمل على ازاحة جميع المنافسين لها في البلاد.
وتزامن ذلك مع الصراع على منطقة البحر الأسود الإستراتيجية بين البلدان الغربية وروسيا الإتحادية، لغرض السيطرة على مفترق طرق التجارة والنقل. وهو صراع لايضع في حساباته مصالح بلدان المنطقة. واعتمدت منهجية في التنمية الداخلية، بما يتوافق مع مصالح مراكز الراسمال العالمية، والحكومات المرتبطة بها. وسياسة دعائية مبنية على الإزدهار المزعوم. وجرى تشويه المصالح والتقاليد الوطنية، بواسطة اثارة النعرات القومية الى حد لايمكن السيطرة عليها.
وعانت الاحوال الداخلية في بلغاريا من الآثار السلبية لعودة الراسمالية، والضغط الناتج عن توفير شروط الدخول الى الإتحاد الأوربي.
واليوم وبعد دخولها للإتحاد تعد بلغاريا افقر اعضائه.
وتعيش البلاد واقع العلاقات التي كانت سائدة فيها حتى عام 1945 ، فهي ومثلها بلدان البلقان الأخرى تشكل ثانية جزءاً من اطراف اوربا.اذ تبلغ فيها حصة الإقتصاد غير الرسمي 32 في المائة من مجموع ناتجها الإجمالي المحلي. وارتفعت البطالة حسب االمعطيات الرسمية من 6.5 في المائة في عام 2008 الى 12.5 في المائة حاليا، وتبلغ النسبة بين الشباب 23 في المائة. ويبلغ متوسط الإجور فيها 425 يورو فقط. و 80 في المائة من العوائل البلغارية تقريبا تعيش من دخل شهري يبلغ 304 يورو للفرد الواحد.
ويزداد الوضع السياسي فيها سوءا، اذ تبدلت التحالفات الحاكمة خلال العامين الماضيين خمس مرات، وبتشكيلات مختلفة، سعت جميعها لفرض مصالح الرأسمال المحلي والخارجي ومصالح البلدان الإمبريالية. وتم تنفيذ عمليات الخصخصة في القطاع الصناعي، وقطاع الخدمات العامة. وفي عام 1997 تم إنشاء مجلس النقد لإدارة السياسات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وهو خاضع مباشرة لسيطرة المؤسسات المالية العالمية. وأثارت الأزمة في وحول أوكرانيا والتناقضات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من جهة وروسيا من جهة أخرى صراعات عنيفة بين الفصائل السياسية المختلفة والجماعات المتنافسة في بلغاريا. ويعاني التعاون الاقتصادي والسياسي التقليدي الوثيق مع روسيا، من صعوبات متزايدة بسبب الإنضمام الى الإتحاد الأوربي وحلف الناتو.
وزادت ضغوط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على بلغاريا لتعليق عملية بناء خط أنابيب الغاز "ساوث ستريم"، بهدف الضغط على روسيا والحاق الضرر بها. والسياسات المرتبطة بملف الطاقة هي واحدة من القضايا الرئيسية في العلاقات بين بلغاريا والولايات المتحدة الأمريكية. فالأخيرة حريصة على منع مشروع ساوث ستريم لشركة غازبروم الروسية، لأنه يربط السواحل الروسية ببلغاريا، ويضخ سنويا 63 مليار متر مكعب، الى بلغاريا، صربيا، هنغاريا، سلوفينيا، النمسا، وايطاليا، دون المرور بأوكرانيا. ويحقق المشروع مورداً جديد لبلغاريا، ويجعلها دولة ناقلة مهمة.
وهناك قضية محورية أخرى بالنسبة للولايات المتحدة هي زيادة وجودها العسكري الدائم في بلغاريا، وفي هذا السياق تم في 28 نيسان الفائت توقيع معاهدة بين البلدين. وسبق ذلك معاهدة مماثلة مع رومانيا. ولحد الآن تم بناء قواعد للتدريب ومخازن لخزن السلاح في مناطق متفرقة في البلاد. ويرى مراقبون عسكريون ان القاعدة الأمريكية في منطقة بيسمر هي واحدة من اهم ستة قواعد امريكية في الخارج.و خلال زيارة وزير الخارجية الأميركية جون كيري في ربيع عام 2015 الى بلغاريا اتفق على إنشاء مجموعات عمل ثنائية في مجالي الدفاع والأمن. وفي اذار الفائت، عدل البرلمان البلغاري المنظمومة القانونية الخاصة بالقوات المسلحة بغية السماح ببناء مركز تنسيق جديد فوق العادة للناتو خاص بقوات الرد السريع، والذي سيبدأ العمل به نهاية العام الحالي.
وهناك توافق بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لاستخدام بلغاريا في تحقيق مشاريع جيواستراتيجية. ولكن هذا التوافق يواجه صعوبات تتعلق بالأولويات بين الطرفين، في حين تظل مصالح بلغاريا بعيدة عن اهتمامهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* بتصرف عن "انزره تسايت" جريدة الحزب الشيوعي الالماني.