اليونان.. انتصار جليّ لحزب اليسار في الانتخابات المبكرة

رشيد غويلب
حقق حزب اليسار اليوناني (سيريزا)، اول امس الأحد انتصاره الإنتخابي الثالث خلال اقل من عام، ففي الخامس والعشرين من كانون الثاني الفائت حقق الحزب انتصاره التاريخي، وازاح قوى اليمين والوسط من واجهة المشهد السياسي في اليونان، وفي الخامس من تموز الفائت ، استجاب 61 في المائة من المشاركين في الإستفتاء العام الى نداء رئيس الوزراء الكسيس تيسبراس وقالوا لا لسياسة الإبتزاز والإملاء التي تتبناها القوى المتنفذة في منطقة اليورو والمراكز المالية العالمية.
وفي الانتخابات المبكرة التي شهدتها البلاد اول امس، اكد حزب اليسار جدارته بثقة الناخبين واحتل المرتبة الأولى بحصوله على35,43 في المائة من اصوات الناخبين، واحتل 145 مقعد بخسارة 4 مقاعد فقط عن الإنتخابات السابقة. وحل حزب الديمقراطية الجديدة اليميني بالمرتبة النانية بحصوله على 28,31 في المائة، وحل حزب الفجر الذهبي الفاشي بالموقع الثالث. وسيمثل في البرلمان الجديد ثمانية احزاب بينها الحزب الشيوعي اليوناني الذي حصل على 5,47 في المائة، فيما فشل حزب "الوحدة الشعبية" اليساري الذي انشق عن حزب اليسار، على خلفية توقيع الحكومة المذكرة مع الدائنين، في دخول البرلمان الجديد. وحصل حزب "المستقلون اليونانيون" المشارك في التحالف الحاكم على 3,71 في المائة بخسارة اكثر من 1 في المائة، فيما استطاع حزب باسوك الإجتماعي الديمقراطي الحصول على 6,39 في المائة مقابل 4,68 في المائة.
وكانت نسبة المشاركة في التصويت متدنية، اذ استجاب للمشاركة في التصويت اكثر من 50 في المائة من عشرة ملايين ناخب تقريبا جرت دعوتهم الى تقرير طبيعة الحكومة اليونانية المقبلة. وسبق لرئيس الوزراء اليوناني ان اعلن استقالته،ليفتح الطريق امام إنتخابات مبكرة جديد، سعى من خلالها الى الحصول على تفويض جديد من الناخبين، بعد ان فقد حزبه الأكثرية المطلقة في البرلمان ، نتيجة رفض عدد من نواب كتلة الحزب البرلمانية التصويت لصالح توقيع المذكرة الثالثة مع الدائنين. وشارك في الإنتخابات 14 حزبا سياسيا، وخمسة تحالفات انتخابية.
ويمكن القول، وفي ضوء نتائج الإنتخابات المعلنة حتى ساعة اعداد هذا التقرير، ان حزب اليسار سيحتاج الى اشراك قوى صغيرة في تحالف حكومي، يجب عليه انجازه خلال ثلاثة ايام من الإعلان الرسمي لنتائج الإنتخابات النهائية، وهي مهمة لا تبدو صعبة، كما كان عليه الحال في الإنتخابات السابقة. ويذكر ان حزب اليسار رفض، خلال الحملة الإنتخابية، دعوات المعارضة اليمنية لتشكيل تحالف الكبار، مشددا على رفض الحزب التحالف مع احزاب النظام القديم المثقلة بفضائح الفساد، والتبعية للمراكز المالية.
وجاء انتصار حزب اليسار على خلاف الكثير من استطلاعات الراي التي نظمتها المؤسسات التقليدية، والتي توقعت نتائج متقاربة جدا بين حزب اليسار وحزب الديمقراطية الجديدة اليميني، فضلا عن ان بعض الاستطلاعات اشارت الى امكانية عودة اليمين الى السلطة.
ان هذا الانتصار جاء ليؤكد عددا من الحقائق لعل اهمها فشل سياسة الإبتزاز، والحرب الإيديولوجية التي اعتمدها انصار الليبرالية الجديدة، لإسقاط تجربة اليسار اليوناني، موظفين حججا اقتصادية وقانونية واهية، ورافضين التعاون باتجاه حل مقبول لأزمة البلاد تجنب الملايين حالة الإفقار، والبلاد استمرار حالة التدمير الإقتصادي التي دخلتها منذ اندلاع الأزمة المالية والإقتصادية الحالية. واكدت النتائج خطأ اعتماد الجملة الثورية، وخطأ الإنشقاق الذي اعتمدته اقلية داخل الحزب ، ذلك الإنشقاق الذي سبب ارتباكا، وادى الى فقدان عدد بسيط من اصوات الناخبين، في حين فشل اصحابه، رغم نبل نواياهم في الحصول على 3 في المائة فقط تؤهلهم لدخول البرلمان. وان السياسة الواقعية القريبة من هموم الاكثرية وحاجاتها الأساسية، وفق الظروف السائدة في البلاد هي الخيار الأصح لكسب جولة مهمة في الصراع السياسي. و لكي يغطي الأعلام التقليدي على خيبة امله من النتائج المتحققه، ذهب الى القول ان بقاء الكسيس تيسبراس على راس الحكومة الجديدة، سيساعد على تطبيق المذكرة الثالثة، انطلاقا من كونه وافق عليها شخصيا.
ومن المفيد ان القوى الأساسية في اليسار الاوربي استمرت في دعمها لحزب اليسار اليوناني في حملته الإنتخابية، ورأت في الإنشاق خطأ ارتكبه اصحابه، وعلى هذا الأساس شارك في الفعالية الانتخابية الختامية لحزب اليسار الى جانب الكسيس تيسبراس كل من السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي وزعيم حزب اليسار الاوربي بيير لوران، وغريغور غيزي رئيس الكتلة البرلمانية لحزب اليسار الألماني، وبابلو اغناغوس زعيم حزب "نحن قادرون" الأسباني.