- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأحد, 18 تشرين1/أكتوير 2015 19:24
رشيد غويلب
بعد التفجير الإجرامي، الذي استهدف في العاشر من الشهر الحالي تظاهرة سلمية نظمتها النقابات وقوى اليسار في تركيا قريبا من المربع الحكومي في العاصمة انقرة، والذي راح ضحيته 128 شهيداً والمئات من الجرحى، تعيش كبريات المدن التركية حركة احتجاجية متسعة تعكس غضب الشارع، الذي عاش الصدمة والذهول في الساعات التي اعقبت الجريمة.
ومنذ صباح الإثنين الماضي بدأت اكبر النقابات اليسارية في تركيا اضرابا عاما تحت شعار "السلام والحزن" استمر ليومين. وتلقت النقابات دعما من عشرات الآلاف من المواطنين الذين شاركوا في حركة احتجاجية متسعة، نظمت تجمعاتها الإحتجاجية في المصانع والمدارس والجامعات، وردد خلالها المحتجون شعارات منها "لا تسامح، نطالب بمعاقبة الجناة"، و "اردوغان قاتل"، و"دولة قاتلة". ورافقت الحركة الإحتجاجية مراسيم دفن ضحايا التفجيرات، ومسيرات التأبين في العديد من المدن.
وفي الوقت الذي بدأ فيه حزب العدالة والتنمية الإسلامي بتوظيف الجريمة بعد وقوعها مباشرة،اكدت المعارضة اليسارية مسؤولية الحكومة وتورطها في الجريمة. فقد اتهم صلاح الدين ديميرتاز الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي الحكومة بارتكاب الجريمة: "على حزب العدالة والتنمية الكف عن التبرير. انكم قتلة، وأيديكم تقطر دما". ودعا الى وحدة جميع القوى المعادية للفاشية، لمواجهة حزب العدالة والتنمية الحاكم.
واكد السكرتير العام لنقابة عمال المعادن ايوب اوزير لصحيفة يومية المانية " ان المذبحة وقعت في وسط أنقرة. وبالتالي فإن الحكومة تتحمل مسؤولية مباشرة في عدم اتخاذ التدابيرالأمنية اللازمة"، وذكر القائد النقابي ان حكومة اردوغان اغمضت عينيها باستمرار عن نشاط داعش في تركيا، ولهذا فهي تتحمل مسؤولية مباشرة.
وذكر أوزير بالجرائم المماثلة التي وقعت في ديار بكر، والمركز الثقافي في سوروج، والتي خلفت وراءها العديد من الضحايا في صفوف اليسار: "ان هذا العنف بدأ بعد ان فشل حزب العدالة والتنمية الإسلامي في الحصول على النتائج التي تمناها في انتخابات حزيران البرلمانية".
وفي الواقع يرى كثير من المعارضين ان رجب طيب اودوغان ومعاونيه المقربين جدا، لعبوا دورا محوريا في الهجمات الإرهابية في الأسابيع والأشهر الأخيرة. لا سيما وان قيادة حزب العدالة والتنمية أكدت مرارا وتكرارا أن "الفوضى" لن تتوقف الا بعد تحقيق أغلبية كافية لمشروعهم الرامي الى إقامة نظام رئاسي استبدادي، ينصب اردوغان بموجبه نفسه سلطانا عثمانيا جديدا.
وفي ذات الوقت عمدت الحكومة التركية، بعد الإنتخابات العامة التي حصل بموجبها حزب الشعوب الديمقراطي اليساري على 13 في المائة من الاصوات، الى تصعيد المواجهة مع حركة التحرر الكردستانية، لغرض اشاعة اجواء من الخوف، تشكل ارضية لانطلاق مشروع اردوغان الرئاسي .
ولكن حسابات السلطة لم تؤتِ ثمارها، فالمعارضة الديمقراطية بدت بعد حدوث الجريمة اكثر اتفاقا، وجسدت عزمها على مواجهة الإرهاب. وقد شدد البلاغ الصادر عن الإتحادات النقابية التي نظمت الإضراب على القول: "لن تخيفونا، ولن ترعبونا، وسوف لن ننسى، ولن نتسامح". وشدد المتحدثون باسم الحركة الإحتجاجية على ان المهم في الظرف الراهن هو تحقيق وحدة معسكر الإحتجاج بغض النظر عن الهوية الحزبية، للتمكن من استعادة السلام والإستقرار.
وتم الكشف في الايام الأخيرة عن تسجيلات مصورة تكشف عن هويات القائمين بالجريمة، وسبق وان طرحت قوائم باسماء ارهابيي الدولة الاسلامية (داعش) الذين تم تجنيدهم في جوامع بعض القرى والقصبات التركية على مرأى ومسمع من قوات امن اردوغان، دون ان تحرك ساكناً. وهو امر سبق لوفد برلماني للحزب الجمهوري (الكمالي) المعارض ان ضمنه في تقرير اعده اثر زيارته لهذه المناطق. وحسب الوفد فان ائمة جامعين في المنطقة يدعوان علنا الى "الجهاد"، وان عوائل الشباب المنتمين الى داعش اكدوا له ان تجنيد ابنائهم يتم في وضح النهار وعلى مقربة من مقرات قوى الأمن.