من المسؤول ... مقابلات*

لا اعني مقابلات الوزراء، فأولاء تحولوا الى مخلوقات اثيرية، لا يرى الناس إلا تواقيعهم وصورهم..
كان المعمول به تخصيص يوم لمقابلة الوزير المحترم والعظيم وعالي الجناب. هذا اليوم المخصص للمقابلات، تقلص الى ساعة او ساعتين لشرب القهوة مع بعض المعارف من ذوي الحاجات او الواسطات او طلب التعيينات او الهمس عن فرصة، إن كان بالإمكان.
اما المقابلات التي اتحدث عنها اليوم فهي مقابلات طالبي التعيين بعد توافر الشروط وانتفاء النواقص والشرور.
دوائر، جامعات، وزارات، كل اركان الدولة المعروفة.. لا نسمع إلا وتمت مقابلة طالبي التعيين! حتى الذين في الدائرة او في الجامعة لا يعلمون. مفاجأة! وبعض هذه "المؤسسات" اصلا لا تعلن عن وظائفها. تأتيك المفاجأة: تمت المقابلة! والحديث هنا لا عن الوظائف البسيطة ولكن حتى حاملي الدكتوراه! وليست الفروع الانسانية التي ربما فيها وفرة وكثرة، ولكن حتى العلمية والهندسية!
نحن لا يعنينا اية وزارة او اية جامعة. للأسف ان احدى الجامعات العلمية الرصينة فعلت مثل ذلك.. لا يهم، ليس الاسم هو المقصود، نحن غير راغبين بالايذاء او كشف مستور هذه المؤسسة او تلك الجامعة او هذه الوزارة. يعنينا الخطأ! خطأ لان في عمل مثل هذا إيذاء للناس وايذاء لاصحاب الكفاءات وايذاء للبلاد، ذلك ان فيه إبعاد لمن يستحقون وايذاء لمشاعر الناس ان تكون المحسوبيات والحزبيات وصلت الى هذا الحد..
اظن اننا وصلنا حدا صار الصراخ فيه واجباً! المزايدات "بالسنطه" والمساطحات بيني وبينك والمقاولات.. هذه الحجة وتلك لابعاد المتقدمين غير المرغوب فيهم، وإبعاد هذا او ذاك ما عاد بسبب طائفي، صار لانه لم يدفع. والاسباب ملفقة: فذلك لا درجة. وهذا لم يأت في يوم المقابلة الذي غيروه اكثر من مرة. وتقريب ذاك وان لم يكن بدرجته لانه كفوء كفوء ..كفوء!
هل من عاقل في الكون يقتنع بان دولة فيها كل هذه التشققات والعيوب الاخلاقية والسياسية والادارية يمكن ان تستمر؟ واذ امكن ان تستمر فهل يمكن ان تصنع مستقبلاً كما نتمنى وكما هي تتمنى؟
كم عدد الكفوئين واصحاب الجدارة من طالبي التعيين ومن حاملي الشهادات العليا، العلمية، التي تحتاج اليها الدولة ويحتاج اليها المجتمع، في بيوتهم ينتظرون وهم يرون التعيينات "الخاصة" والذين "بموافقة خاصة" والذين ذهبوا للمقابلة الشكلية التي هم وحدهم يعرفون تاريخها ويومها؟
الضمير الوطني يرفض ما يجري. تعب الناس مما يؤذيهم. احتملوا كثيراً ولم يبق إلا الصراخ!
راصد الطريق*