ولادة كتلة يسارية جديدة في البرلمان الإيطالي

رشيد غويلب
شهد البرلمان الإيطالي في نهاية الأسبوع الفائت تأسيس كتلة يسارية جديدة، ومن المؤمل ان يؤدي تأسيس الكتلة الى تأسيس حزب سياسي جديد. وتضم الكتلة مجموعة من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الايطاليين الساخطين على السياسة التي تتبناها الحكومة الإيطالية بزعامة رانزي.
ويمثل مؤسسو الكتلة الجديدة أجنحة يسارية في احزاب الوسط، والتي تشمل الحزب الديمقراطي الحاكم، وحزب الحرية، الذي يمثل اليسار البيئي، وحركة 5 نجوم ، التي عرفت بانها حركة احتجاجية، و تحمل الكتلة الجديدة اسم "اليسار الإيطالي".
واحتوت قائمة المبادرين لتأسيس الكتلة، زعيم نقابة CGIL السابق سيرجو كوفراتي، ورئيس حزب الحرية، ونائب رئيس الوزراء، ووزير الدولة للشؤون الإقتصادية السابق شتيفانو فاسينيا وآخرين.
واعلن المشاركون في الاجتماع التأسيسي تشكيل الكتلة في مجلسي الشيوخ والنواب، وهم يخططون للمشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة. وبعدها يعملون على تأسيس حزب سياسي جديد. وتتكون الكتلة البرلمانية من 25 نائبا جاؤوا من حزب الحرية، وستة نواب من الحزب الديمقراطي، وفي مجلس الشيوخ. تتكون الكتلة من سبعة من حزب الحرية، وعضوين من حركة 5 نجوم. ولم تسع قاعة مسرح كويرينو في العاصمة روما القادمين للمشاركة في الاجتماع، والبالغ عددهم 1500 ما اضطر 500 منهم الى التجمع في المسرح الروماني. وفي شوارع روما احتفل العديد من أنصار اليسار، ابتهاجا بولادة المشروع الجديد، مرددين أناشيد حركة الأنصار واغاني الحركة العمالية الإيطالية، ومنها الأغنية الأكثر شهرة "بيلا جاو".
وقد أصدرت قيادة الحزب الديمقراطي الحاكم "نداء للوحدة"، في محاولة منها لعرقلة ولادة المشروع الجديد. ووفق ما نشرته جريدة الجمهورية الإيطالية، ان المشاركين في الاجتماع تبنوا خطابا شديد النقد لنهج حكومة الحزب الديمقراطي ذي التوجهات اليمينية، والداعم لمصالح الشركات الرأسمالية، واتهموا الحزب الحاكم بخيانة تقاليد الاجتماعيين الديمقراطيين. وترفض الكتلة الجديدة موازنة عام 2016 ، لانها مجحفة بحق اوساط اجتماعية واسعة ولا يمكن تحملها، وطالبوا بإلغاء التجاوزات على حقوق العمال، وخصوصا الحماية من الفصل والتسريح الكيفي. واتخذت الكتلة الجديدة من الاقتصادي الأمريكي، والحائز على جائزة نوبل جوزيف شتغلز مستشارا في وضع برنامجها الاقتصادي.
وفي كلمة الافتتاح هاجم شتيفانو فاسينيا رئيس الحكومة الايطالية رانزي، واتهمه بتفيذ إجراءات لم يجرؤ عليها رئيس الوزراء الأسبق اليميني سيلفيو برلسكوني على الإقدام عليها. واكد فاسينيا انهم يمثلون بديلا للحكومة. ورفض الإتهام بالانشقاق، معتبرا تشكيل الكتلة الجديدة "منطلقا لوحدة اليسار". وفي رسالة وجهها الى المجتمعين، النائب اليساري الفريدو آتورو، الذي لم يحضر الاجتماع بسبب المرض، اكد ان المشروع الجديد يمثل النقيض النوعي لتوجهات رانزي، الذي يسعى الى تحويل الحزب الديمقراطي الى بديل ليبرالي فضفاض. وشدد في رسالته على ان تشكيل كتلة اليسار سيعيق عملية انتحار اليسار. واعتبرت جريدة "المانفيستو" اليسارية المشروع الجديد "خطوة مهمة في المشروع السياسي الجديد"، ويمثل "بديلا جذريا ومفتوحا لنهج رانزي". من جانبه رفض رئيس الوزراء الإيطالي النقد الموجه إلى حكومته، في حديث له لجريدة يومية تعود ملكيتها لشركة فيات، واصفا ولادة الكتلة الجديدة بـ "هذيان مثالية يسارية"، يمكن ان يساعد اليمين على الانتصار، معترفا في الوقت نفسه بخسارته التوافق الذي كان قائما.
وكان الحزب الديمقراطي الإيطالي الحاكم (وسط) قد شهد في بداية تموز الفائت موجات من الإستقالات الجماعية، وبحسب متابعين شملت الظاهرة الآلاف من انصار الجناح اليساري للحزب، وقد توصل المستقيلون الى قرار تأسيس حزب يساري جديد يقف على يسار قوى الوسط في ايطاليا. وتأتي خطوة تأسيس كتلة يسارية في البرلمان لتنقل الجهود السابقة الى حيز التنفيذ. وفي سياق محاولات اليسار الإيطالي، بمختلف مدارسه الخروج من ألأزمة التي يعيشها منذ عام 2008 ، وخصوصا بعد نجاح تحالف قوى اليسار الجذري، بمشاركة حزب اعادة التأسيس الشيوعي، وحزب الشيوعيين الإيطاليين، في العودة الى البرلمان الأوربي بعد حصوله على 4,5 في المائة في انتخابات البرلمان الأوربي في نهاية ايار 2014 . ويذكر ان ايطاليا شهدت قبل عام تقريبا اجتماعا تشاوريا حضره 150 من اليسار الماركسي لمناقشة فكرة مماثلة. ويبدو ان المشروع الجديد مازال في بدايته، ويمكن ان يُعزز بمشاركة قوى أساسية في ساحة اليسار الإيطالي مثل حزب اعادة التأسيس الشيوعي.