اوكرانيا.. محكمة الاستئناف تمنع نشاط الحزب الشيوعي / رشيد غويلب

أصدرت محكمة استئناف العاصمة الأوكرانية كييف، دون مرافعة أصولية، وبغياب المعنيين بالقضية، في السادس عشر من كانون الأول الحالي قرار برد أربعة دعاوي أقامها الحزب الشيوعي الأوكراني ضد وزارة العدل تتعلق بملفات منع النشاط العلني للحزب.
وبموجب القرارات الجديدة تم حظر نشاط الحزب، وحرمانه من الترشيح والمشاركة في جميع السباقات الانتخابية في البلاد. ولكن القرار لم يشر بشكل مباشر إلى الحل الشكلي للحزب. وفي الواقع فان النشاط الفعلي للحزب مشلول منذ اتساع العنف الفاشي في إطار تظاهرات الميدان. وسبق لوزارة العدل الأوكرانية أن منعت في الخريف الفائت الحزب من المشاركة في الانتخابات البلدية. وهكذا حققت وزارة العدل ، في محاولتها الثانية، هدفها المسبق، والمتمثل في إخراج الحزب الشيوعي، وجميع قوى اليسار من الحياة السياسية. وكانت المحاولة الأولى لحكومة اليمين المتحالف مع الفاشيين في عام 2014 ، قد فشلت في الوصول إلى أهدافها. واستندت وزارة العدل إلى اتهام الحزب بممارسة "نشاط انفصالي"، والدعوة إلى "الكراهية العرقية"، وكان دليلها النداء الذي أصدره الحزب لإنهاء الحرب الأهلية في منطقة دونباس، ولكن الدعوى المقدمة رفضت في حينها من قبل القضاة لعدم وجود ما يشير إلى التحريض، أو الإساءة إلى وحدة البلاد. واستغرق النظر في القضية الأولى أكثر من عام، من دون التوصل إلى نتيجة. ويعود ذلك إلى تهرب القضاة، لكي لا يتورطوا في الحكم بقضية هي في الأصل غير شرعية. وجاءت محاولة وزارة العدل الثانية في وقت سابق من هذه السنة، ومباشرة بعد إقرار البرلمان الأوكراني قانون "اجتثاث الشيوعية". وهذا القانون يمنع، ضمن أمور أخرى، رموز وشعارات الحركة الشيوعية العالمية مثل المطرقة والمنجل، والراية الحمراء، وتسمية "الحزب الشيوعي". ولرفض الحزب الشيوعي الأوكراني التخلي عن هويته السياسية، ورفضه، على سبيل المثال، تغيير اسمه، أقامت وزارة العدل دعوى قضائية ضد الحزب لعدم التزامه بـ"قانون الاجتثاث" سيء الصيت. ولم تتضمن دعوى الوزارة قائمة بالانتهاكات المزعومة التي ارتكبها الحزب. وكان الحزب قد أشار في مطالبته بنقض الدعوى إلى رد محكمة كييف الإدارية للدعوى الأولى التي أقامتها الوزارة.
رسالة الشيوعي الأوكراني إلى الرأي العام العالمي
وجه الحزب الشيوعي الأوكراني رسالة إلى الرأي العام العالمي، شرح في بدايتها تطورات ما حدث، وأشار إلى إن "قانون اجتثاث الشيوعية" الذي شرعه البرلمان يتعارض مع الدستور النافذ ، والقانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية ، واستنتاجات لجنة البندقية الاستشارية العالمية، التي لم يتسن لها بعد اعطاء رأي في "قانون الاجتثاث". وشددت رسالة الحزب على وجود العديد من القرارات الصادرة من البرلمان الأوربي والمفوضية الأوربية التي رفضت إصدار قوانين مماثلة سعت إليها حكومات اليمين في عدد من البلدان الاشتراكية السابقة، لأنها تتعارض مع أسس مقاومة العنصرية. وذكرت الرسالة بقرار المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان الذي رفض دعاوي حظر مماثلة، فضلا عن رأي لجنة البندقية بعدم شرعية قانون حظر اصدرته حكومة مولدا فيا عام 2013 ، وفي النهاية الغت المحكمة الدستورية القانون المذكور.
وفي ختام الرسالة اكد الشيوعي الأوكراني استمراره في النضال من اجل قيم الديمقراطية والتقدم والسلام وحقوق الإنسان داعيا القوى السياسية والحركات الاجتماعية ومنظمات حقوق الإنسان إلى الضغط على الحكومة الأوكرانية لإلغاء هذا القرار التعسفي.
انتقادات شديدة للقرار القضاء
وفي معرض نقدها لقرار القضاء الأوكراني شددت منظمة العفو الدولية على إن القرار "خطوة في الاتجاه الخطأ"، عندما يجري تقليص حرية الرأي، بدلا من تعزيزها في سياق "الإصلاحات". وان منع حزب سياسي بسبب تسميته فقط يمثل تجاوزا على حقوق الإنسان والحقوق المدنية.
ووصف الحزب الشيوعي في جمهورية روسيا الاتحادية القرار بانه خطوة على طريق تعزيز دور الفاشية، وسيتم بعد إصداره الانتقال إلى ممارسة الإرهاب ضد الإفراد، جاء ذلك في بيان أصدره زعيم الحزب غينادي زيوغانوف، ونشرته جريدة البرافدا، وحث زيوعانوف حكومة بلاده الى ممارسة الضغط السياسي على حكومة كييف لسحب الحظر على نشاط الشيوعيين.
واستنكرت العديد من الأحزاب الشيوعية واليسارية في اوربا القرار، معتبرة اياه استمرارا لمعاداة الديمقراطية. وطالب حزب اليسار الأوروبي الإتحاد الأوروبي بالرد على هذا الاعتداء الخطر على حرية الرأي وتشكيل الجمعيات، والذي يأتي ضد حزب ديمقراطي التزم دائما بالقانون وعمل دوما على الحفاظ على كرامة وسيادة بلاده.