البرتغال .. الشيوعيون وكتلة اليسار أعضاء في مجلس الدولة

رشيد غويلب
في الثامن عشر من كانون الأول الفائت انتخب البرلمان البرتغالي ممثليه في مجلس الدولة. ولأول مرة ينتخب ممثل لحزب "كتلة اليسار" في هذه المؤسسة السياسية المهمة. وتمخضت عملية الانتخاب أيضا عن عودة ممثل عن الحزب الشيوعي البرتغالي إلى عضوية المجلس، بعد أن غاب عنه منذ عام 2006 .
ومقارنة بالدورات السابقة تنافس هذه المرة على عضوية مجلس الدولة قائمتان فقط، لانتخاب خمسة ممثلين عن البرلمان، الأولى تمثل الحزب الاشتراكي الحاكم، وحزبي الشيوعي و "كتلة اليسار"، اللذين يدعمان الحكومة في البرلمان. وحصلت هذه القائمة على 116 صوتا، انتخب بموجبها كل من كارلوس سيزار عن الحزب الإشتراكي، و، فرانسيسكو وقا (كتلة اليسار) ودومينغوس أبرانتيس عن الحزب الشيوعي. وبالمقابل حصلت قائمة كتلة اليمين على 104 أصوات، دخل المجلس بموجبها عضوان منها فقط.
ويأتي هذا التطور السياسي المهم نتيجة لاتفاق الحزب الشيوعي و"كتلة اليسار"على دعم حكومة الأقلية التي شكلها الحزب الاشتراكي برئاسة انطونيو كوستا. وفي السابق كانت مقاعد ممثلي البرلمان في مجلس الدولة يتقاسمها الحزب الاشتراكي، وتحالف اليمين بموجب اتفاق يعقد بين الكتلتين. وفي هذه الدورة، وارتباطا بالتغيير السياسي الذي شهدته البرتغال بموجب نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، اتفقت أحزاب: الاشتراكي، والشيوعي، و"كتلة اليسار" على دخول الانتخابات بقائمة موحدة.
ويرأس مجلس الدولة رئيس الجمهورية، ويضم في عضويته كل من رئيس البرلمان، ورئيس الوزراء، ورئيس المحكمة الدستورية، ورئيس مجلس المظالم، ورؤساء الحكومات المحلية في جزر الأزور وماديرا، ورؤساء الجمهورية السابقين، بالإضافة إلى ممثلي البرلمان الخمسة المنتخبين.
وفي اليوم نفسه قدمت كافيا ماريسا ماتياس عضو البرلمان الأوربي عن حزب "كتلة اليسار"ترشحها رسميا للانتخاب الرئاسية المقبلة . وفي اجابة لها على سؤال لوسائل الاعلام عن الجوانب التي ستختلف بها رئيس الجمهورية الحالي كافاكو سيلفا اجابت: "الرئيس الحالي لم يكن يوما رئيسا يمثل الشعب البرتغالي. وكان دوما واقعا تحت التأثير. ويتحرك في ميدان مصالحه ومصالح أصدقائه والأسواق المالية. وهو منشغل على الدوام بهذه المصالح، اكثر من انشغاله بهموم الشعب البرتغالي. ولذلك اعتقد سأكون الرئيس الأكثر التزاما بالدستور، من اي وقت مضى، والرئيس الذي يتعامل على اساس البرامج السياسية. وبصراحة، وبعد عشر سنوات من هذه الرئاسة، ويجب أن يكون لدينا رئيس يمثل الشعب وليس الأسواق، ويعكس الديمقراطية بشكل كامل في الممارسة العملية. ديمقراطية حقيقية وليست مقيدة، تعيق مشاركة المواطن في حياتنا السياسية اليومية".
وكان تحالف اليمين الحاكم قد فقد أغلبية البرلمانية في الانتخابات البرلمانية التي شهدتها البرتغال في بداية تشرين الأول 2015 ، والتي أسفرت نتائجها عن حصول الحزب الاشتراكي على 85 مقعداً، و"كتلة اليسار" 19 مقعدا، والتحالف الديمقراطي المتحد الذي يضم الشيوعيين والخضر على 17 مقعدا. وشكل هذا المجموع أكثرية برلمانية جديدة.
ولم تنفع محاولة رئيس الجمهورية توفير فرصة لتحالف اليمين لتشكيل الحكومة الجديدة، اذ فشل الأخير في تحقيق الأكثرية المطلوبة، ولم ينفعه في ذلك احتفاظه في الموقع الأول في تسلسل القوى الممثلة في البرلمان.
وكانت أحزاب اليسار البرتغالي قد توصلت ، في السادس من تشرين الأول ، الى اتفاق تشكيل أغلبية برلمانية قادرة على إسقاط الحكومة اليمينية وتشكيل حكومة يسارية تطوي صفحة التقشف القاسية. وجاء الاتفاق ثمرة لتحسن العلاقة بين الحزب الشيوعي البرتغالي وحزب "كتلة اليسار" و لغة التضامن المتبادلة بين الحزبين. ويعود ذلك الى تميز الحزب الشيوعي البرتغالي عن شقيقه في اليونان الذي يتسم بالدوغمائية الشديدة، واعتماده انفتاحا نسبيا اتجاه قوى اليسار الأخرى.