خبراء في القانون والسياسة والاقتصاد: الحكومة غير جادة في الإصلاح

طريق الشعب
شدد خبراء في القانون والسياسة والاقتصاد على ان الاصلاحات التي اعلنت عنها الحكومة ومجلس النواب خلال شهر اب المنصرم لم تتحقق حتى الآن لعدم وجود بيئة تشريعية تدعم تلك الاصلاحات، فضلا عن غياب الارادة السياسية وغياب الانسجام والخبرة بين الطاقم الحكومي الذي يضطلع بتنفيذ تلك الاصلاحات.
جاء ذلك خلال الندوة التي عقدها "معهد التقدم للسياسات الإنمائية" وجرت فيها مناقشة الجانب القانوني في الإصلاحات الحكومية ومدى تلبية التشريعات السائدة لمتطلبات الإصلاح المنشود.
وفي مستهل الندوة التي شارك فيها نخبة من خبراء القانون والمال والاقتصاد والسياسة، اكد رئيس المعهد النائب مهدي الحافظ أن التغيير الذي حصل في العراق كان ينبغي ان يستهدف ترسيخ دولة المؤسسات والقانون، وهو امر مهم بالنسبة لعملية التنمية والاصلاحات المنشودة في البلاد ولا يمكن الفصل بين الاصلاحات بنحو عام عن المسار القانوني الواجب قيامه.
واضاف: أن المطلوب اقامة دولة القانون بمعناها الكامل ليس فقط لحفظ الحياة والسيادة وانما كأطار رصين وثابت لحماية الاصلاحات في المجالات الاخرى ولجعل المنحى القانوني هو الاطار المطلوب لأي اصلاح.
وشدد الحافظ على ان دولة القانون التي نسعى اليها لا يمكن ان تتحقق ما لم نبني اطرا وتشريعات عصرية متجاوبة مع الحاجة المحلية ومتطلبات التنمية الوطنية بوجه عام ومنسجمة مع التحول الكبير الذي يشهده العالم .
من جانبه تحدث القاضي هادي عزيز علي، مبينا ان الحكومة العراقية طرحت حزمة من الاصلاحات ووعدت بطرح المزيد مستقبلا، ومع اختلاف وجهات النظر لدى البعض فيما اذا كانت هذه الاصلاحات مستوفية لشروط وأسباب الإصلاح من عدمها، مفترضا حسن النية بأن هذه الاجراءات هدفها الاصلاح بالدرجة الاولى لانها تشمل الجانب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والحقوق والحريات ... متسائلا .. هل ان النظام التشريعي النافذ حاليا بامكانه تلبية طلبات الحكومة في تنفيذ اجراءاتها الحالية وهل يصلح هذا النظام لان يكون مرجعية تشريعية لتلك الاصلاحات؟
ودعا عزيز الى اجراء مراجعة سريعة للنافذ من القوانين بهدف الوقوف على مدى قدرتها في تلبية نشاط واجراءات تلك الاصلاحات، مذكرا ان التشريعات النافذة مشمولة بحماية دستورية وبموجب نص دستوري آمر، وهو حكم المادة 130 من الدستور التي تنص على ( تبقى التشريعات النافذة معمولا بها مالم تلغ او تعدل وفقا لاحكام هذا الدستور).
الخبير القانوني الدكتور علي الرفيعي عميد كلية القانون السابق تحدث في مداخلة له عن مدى قانونية الاصلاحات الحكومية والبرلمانية، متسائلا: هل هناك مظلة قانونية لاتخاذ هذه الاصلاحات التي لم تجد معظمها طريقا نحو التنفيذ بعد مرور فترة زمنية، مشيرا الى ان رئيس الوزراء تقدم بورقة الاصلاح بتاريخ 9/8/2015 وبعد يومين صادق عليها مجلس النواب بالاجماع ولاول مرة يحضر 297 نائبا بسبب ضغط الشارع ووقوف المرجعية الدينية الى جانب المتظاهرين.
واضاف الرفيعي: ان معظم الاصلاحات التي تقدم بها رئيس الوزراء تدخل ضمن صلاحيات الحكومة ولها مظلة قانونية للتشريع عدا ما يتعلق بالغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية والوزراء (فورا). وتطرق الى الاصلاحات البرلمانية التي يجب ان تنطلق من مبدأ حقوق المواطن المقرة بوثائق دولية وبالتالي ينبغي ان تكون هناك علوية للنصوص الدولية التي وافق العراق عليها التي اكتسبت الجنسية العراقية ومن الواجب احترامها من قبل الحكومة فلا يمكن ان تصادق على وثيقة ولا تعمل بها في ظل وجود منظمات دولية تعمل على مراقبة مدى التزام الدول بهذه الاتفاقات الدولية .
الخبير القانوني عادل اللامي الرئيس الاسبق لمفوضية الانتخابات تحدث هو الاخر عن الاصلاحات الحكومية .. مبينا ان جميع الاصلاحات التي اصدرتها الحكومة كانت تخلو من السقوف الزمنية وبالتالي صعوبة تحقيقها وهذا دليل على ان الحكومة مفككة وغير متناسقة بدليل انها سحبت 100 مسودة قانون من مجلس النواب الناشط المدني جاسم الحلفي اشاد بما يقوم به " معهد التقدم للسياسات الانمائية " الذي اصبح يمثل احد مراكز التنوير في رسم السياسات البديلة، متحدثا عن البيئة التي تحول دون المضي في تنفيذ الاصلاحات التي وردت في اوراق السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية التي طرحت بسرعة وصوت عليها بسرعة ايضا والتي قبلت من قبل الحراك الجماهيري مع التحفظ لخلوها من السقوف الزمنية وسيرها على المنهج الطائفي المحاصصي وبالتالي فانها لن تفضي الى دولة القانون المنشودة.
واوضح الحلفي ان هذه الاصلاحات لم يتحقق منها شيء ولهذه اصبحت نظرة المحتجين على الحكومة نظرة احباط، وانها غير قادرة وضعيفة وتعمل على التسويف والمماطلة وتراهن على الوقت عسى ان تفشل التظاهرات وتتراجع عن مطالبها ، مبينا ان حركة الاحتجاج لم تتراجع انما هي تعمل في العمق على المستويات القطاعية من خلال التظاهرات والمطالب لبعض الشرائح.
وعزا الحلفي عدم قدرة رئيس الوزراء على تنفيذ اصلاحاته لاسباب منها انه لا يحمل رؤية للاصلاح وليس لديه وحدة قياس لمستوى الاصلاح، كما انه لا يمتلك فريق عمل يرسم له الرؤية الاصلاحية وهو فريق لا يمتلك الجرأة للدفاع عن وجهة رئيس الوزراء. كما ان العبادي لم يحول الحكومة الى حكومة اصلاح ولم يؤسس لكتلة برلمانية تدعم الاصلاح ولم يعمل على استقطاب سياسي لجبهة اصلاحية مقابل جبهة الفساد. استاذة علم الاجتماع الدكتورة فوزية العطية دعت الى اعادة النظر في الاطار القانوني لبناء مجتمع دولة مدنية ترتبط بالارض والثروة وهذه الثروة تشهد تهجيرا الحق ضررا كبيرا بالدولة والمجتمع .
النائبة السابقة الدكتورة عامرة محمود تساءلت عن الاتفاقيات التي يصادق عليها العراق ومنها اتفاقية "سيداو" مما يتطلب تكييف العديد من القوانين مع هذه الاتفاقيات. داعية الى تشكيل لجنة خاصة في مجلس النواب مهمتها تحديد اولويات القوانين المطلوب تمريرها حسب مقتضيات المرحلة.