- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الثلاثاء, 26 نيسان/أبريل 2016 20:42

شهدت مدينة هانوفر الألمانية، السبت الفائت، تظاهرة كبيرة شارك فيها 90 ألف مواطن، مطالبين بإيقاف المفاوضات في شأن اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوربي TTIP ، وإيقاف العمل بمثيلتها بين الأخير وكندا CETA . وجاوزت المشاركة توقعات تحالف منظمي التظاهرة الذين توقعوا مشاركة 50 ألفا فقط. وجاءت التظاهرة قبل يوم واحد من افتتاح معرض هانوفر الاقتصادي العالمي من قبل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وضيفها الرئيس الأمريكي باراك اوباما.
ودعا إلى التظاهرة تحالف واسع يضم 100 منظمة ومجموعة مثلت جميع شرائح المجتمع. ومن بين المشاركين في التحالف نقابة الخدمات العامة، التي تمثل اكبر نقابة عامة في اتحاد النقابات الاتحادي الألماني، والحركة المضادة للعولمة، وعصبة الدفاع عن البيئة، ومجلس الثقافة الألماني، واتحاد منظمات الرعاية الاجتماعية، ومنظمات: ديمقراطية أكثر، الخبز للعالم، أصدقاء الطبيعة، وغيرها.
وشارك في التظاهرة العديد من الشخصيات السياسية والبرلمانية منهم: توبياس فلوكر نائب رئيس حزب اليسار، زيمونه بيتر الرئيسة المشاركة لحزب الخضر، وديتر ديم عضو كتلة حزب اليسار، ورئيس كتلة الخضر انطون هوفرايتر، وماتياس ميرش عضو كتلة الحزب الاجتماعي الديمقراطي المشارك في التحالف الحاكم.
انخفاض نسبة المؤيدين
تشير دراسة أعدتها مؤسسة "بيترلسمان" ان 17 في المئة في ألمانيا الاتحادية يؤيدون عقد اتفاقية التجارة الحرة TTIP . وتوصلت استطلاعات الرأي الرئيسة في الولايات المتحدة وألمانيا إلى إن ثلث الألمان يرفضون بشدة توقيع الاتفاقية المرتقبة. و كانت نسبة المؤيدين في ألمانيا عام 2014 أكثر من 55 في المئة، و25 في المئة يرفضون إبرام الاتفاقية. وتعكس هذه المعطيات نجاحا لنشاط الحركة المضادة للاتفاقيات، فكلما عرف الناس المزيد عن طبيعة اتفاقية التجارة الحرة والاستثمار، ارتفع عدد الرافضين لها. وفي الولايات المتحدة أيضا انخفضت نسبة المؤيدين لاتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوربي، فبعدما كانت أكثر من 50 في المئة، انخفضت عام 2016 إلى 15 في المئة فقط.
وهذا الواقع يشكل عامل ضغط على الحكومات والمفوضية الأوربية. يضاف إلى ذلك إن المفاوضات تمر في مأزق. وترى فرنسا ان المفاوضات في خطر، إذا كانت الولايات المتحدة غير مستعدة لتقديم تنازلات. وحتى وزير الاقتصاد الألماني سيغمار غابرييل لا يستبعد فشل المفاوضات.
الاتفاقية وانتخابات الرئاسة الأمريكية
إن عامل الوقت لا يسير في صالح الساعين إلى توقيع الاتفاقية، فبغض النظر عن هوية الرئيس الأمريكي الجديد، سيكون من الصعب على الحكومة الأمريكية الجديدة إيجاد أكثرية برلمانية لتمرير الاتفاقية. وعلى هذا الأساس لم ينحصر اللقاء في هانوفر بـ ميركل واوباما، بل سينظم إليهم في قمة مصغرة كل من رئيس الوزراء البريطاني، والرئيس الفرنسي، ورئيس الوزراء الايطالي، للتشاور في السبل الممكنة للتوصل إلى الاتفاقية.
وزيرة التجارة الأمريكية بيني بريتزكر، شددت في تصريح لها لمجلة "شبيغل" الألمانية ان : " حكومتنا تريد حلا، وتريد خلال هذا العام، التوصل إلى الاتفاقية. .. ان اتفاقية التجارة الحرة والاستثمار تمثل فرصة جيواستراتيجية لتعزيز منطقة الأطلسي. وسوية تستطيع الولايات المتحدة وأوربا تحديد قواعد التجارة العالمية في القرن الحادي والعشرين".
أوقفوا العمل باتفاقية التجارة الحرة مع كندا
وكلما كانت فرص تمرير الاتفاقية مع الولايات المتحدة هشة، تصاعدت المطالبة بإيقاف العمل بنضيرتها مع كندا. ان اتفاقية التجارة مع كندا تدفع بالخصخصة إلى الامام، وتشكل خطرا على الخدمات العامة. وتحتوي على فصل لحماية الاستثمارات يسمح للشركات بمقاضاة الدول، إذا ما أدت الإجراءات الحكومية إلى تقليص الأرباح. ان هناك الكثير من الشركات الأمريكية والأوربية التي تملك فروعا لها في كندا يمكنها أن تضغط بواسطة التهديد بتوظيف حماية الاستثمار لمقاضاة الحكومات. وتنص الاتفاقية أيضا على تشكيل مجلس تنسيق إعادة التنظيم تستطيع الشركات والحكومات الاستمرار بواسطته في رفع القيود على التعامل التجاري دون الرجوع إلى البرلمانات الوطنية. وتريد المفوضية الأوربية ، بعد موافقة الحكومة الألمانية، وضع الاتفاقية في حيز التنفيذ مؤقتا، لفرض سياسة الأمر الواقع.
وشدد جميع المتحدثين في التظاهرة على المخاطر المترتبة على توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة لانها تؤدي إلى هدم المعايير النافذة لحماية المستهلك، وحماية البيئة، والمكتسبات الاجتماعية المتحققة، وتقليص الحقوق الديمقراطية، وتلغي الكثير من حقوق العمال. لذلك طالب الخطباء الحكومة الاتحادية والبرلمان الأوروبي بعدم الموافقة على نص اتفاقية التجارة الحرة مع كندا، الذي انتهى التفاوض في شأنه.