خبراء يعتبرون اشتراط النقد الدولي رقابة مالية على العراق

 طريق الشعب
عدت لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية، امس الاثنين، مطالب صندوق النقد الدولي من العراق للموافقة على إقراضه "لا تشكل شروطاً" إنما رؤية خاصة لمعالجة الأزمة الاقتصادية كونها تتضمن تقليل الانفاق والتركيز على القطاعات المنتجة لتعزز موارد الموازنة، فيما عارض خبراء، الاقتراض الخارجي الذي يفرض شروطاً أبرزها "رقابة دولية مالية على العراق"، إذ عدوها "انتقاصاً للسيادة الوطنية".
يذكر أن وفداً عراقياً برئاسة وزير المالية، هوشيار زيباري، وعضوية مستشار رئيس الحكومة للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، ومحافظ البنك المركزي وكالة، علي العلاق، ومجموعة كبيرة من المختصين في وزارات النفط والمالية والتخطيط والكهرباء، فضلاً عن البنك المركزي، يتفاوض مع صندوق النقد الدولي حالياً، في العاصمة الأردنية عمان، للحصول على قروض ميسرة.
جواد البولاني
وقال رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية، جواد البولاني، لوكالة "المدى برس"، إن "صندوق النقد الدولي لم يفرض شروطاً على العراق مقابل إقراضه كما يعتقد البعض، إنما قدم رؤية خاصة لمعالجة المشاكل الكبيرة التي يعاني منها الاقتصاد الوطني نتيجة اعتماده على النفط فقط"، مبيناً أن "الصندوق يريد من الحكومة العراقية تقليل إنفاقها والتركز على القطاعات المنتجة لتعزز موارد الموازنة". وأضاف البولاني، أن "رئيس مجلس الوزراء، حيدر العبادي، أكد أن موارد الدولة تكفي لسد الرواتب فقط"، عاداً أن "الحل يتمثل بأن تعتمد دوائر الدولة على وارداتها وأن نكون دولة منتجة، فضلاً عن تحرير الضرائب وتفعيل القطاعين الصناعي والزراعي".
وأقر رئيس اللجنة، بـ"وجود أخطاء وجهات مستفيدة من بقاء العراق تحت الضغط المالي والاقتصادي، وبأن الموازنة لم تحقق أهدافها كونها سياسية"، مشيراً الى أن "المؤسسات الاقتصادية الدولية تريد أن تكون موازنة العراق ذات هدف اقتصادي وأن يتم الضغط على جوانب معينة لتحسين الأداء".
أحمد بريهي
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، أحمد بريهي، للوكالة نفسها، إن "القروض التي يسعى العراق إلى الحصول عليها من صندوق النقد الدولي والدول الصناعية الكبرى، تبقى محدودة مقارنة بحجم الإنفاق المحلي"، لافتا إلى أن "صندوق النقد الدولي يفرض بالعادة شروطاً على الدول التي يقرضها قد لا تكون منسجمة مع وضع العراق الاقتصادي والمالي".
وتابع بريهي، أن "العراق ينبغي أن يخطط بشأن عدم اللجوء مجدداً إلى المؤسسات المالية الدولية"، مستدركاً بالقول "لكن مما يؤسف له أن الحكومة مصرة على التعامل مع تلك المؤسسات منذ العام 2003 حتى الآن، برغم أنها تملي شروطها على الدولة التي تتعامل معها".
ورفض الخبير الاقتصادي، "فرض أية رقابة مالية دولية على العراق"، عاداً أن ذلك "يشكل انتقاصاً للسيادة الوطنية".
باسم انطوان
بدوره، قال الخبير الاقتصادي باسم انطوان، إن "صادرات العراق النفطية قد تجاوزت الثلاثة ملايين برميل يومياً، وأن هنالك توقعات بزيادة سعر الخام ما يتيح تأمين رواتب موظفي الدولة".
واضاف انطوان، أن "التزامات الحكومة العراقية والعجز الذي يقارب الـ16 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي تفاقم المصاعب الاقتصادية"، معرباً عن أسفه لكون "الحكومة العراقية لم تستطع تحويل الاقتصاد من ريعي نفطي إلى صناعي زراعي".
وأكد الخبير الاقتصادي، على "حاجة العراق للقروض الدولية"، مبيناً أنه من "الطبيعي أن يضع صندوق النقد الدولي شروطاً ويراقب اقتصاد أي بلد يقرضه، وأن ذلك لا يشكل انتهاكاً للسيادة كما يعتقد البعض".
وأشار انطوان، إلى أن "فرض الضرائب وتطبيق قانون التعرفة الجمركية قد يؤمن مورداً مضافاً للنفط"، مستدركاً بالقول "لكن الأزمة الاقتصادية تبقى قائمة في ظل النمو السكاني ومتطلبات البنى التحتية، ما يتطلب التوجه إلى الحصول على قروض ميسرة سواءً من صندوق النقد الدولي أم من البنك الإسلامي للتنمية أم من الداخل".
عبد الحسين الياسري
من طرفه، قال رئيس جمعية الاقتصاديين العراقيين، عبد الحسين الياسري، لوكالة "المدى برس"، إن "صندوق النقد الدولي يضع شروطاً على أية دولة يقرضها ضماناً لأمواله"، مضيفاً أن من تلك "الشروط أن تكون موازنة البلد المعني شفافة، وأن تصرف الأموال على الأمور الضرورية جداً، وأن تكون القرارات المالية التي تتخذها حكومة تلك الدولة معقولة".
ولفت الياسري الى أن "العراق بدأ بتحقيق تلك الشروط"، معرباً عن تفاؤله بإمكانية "تجاوز العراق الأزمة الاقتصادية الحالية كونه يعمل على زيادة إنتاجه من الحنطة وهي المادة التي تؤمن الوضع الاقتصادي الغذائي".
وعد رئيس جمعية الاقتصاديين العراقيين، أن "شروط صندوق النقد الدولي ليست معضلة، برغم تعسفها أحياناً، ما دام العراق يطور سياسته الاقتصادية"، مشدداً أن "الوفد العراقي الذي يفاوض الصندوق يضم خبرات اقتصادية مهمة حريصة على مصلحة البلد، ولن يقبل بأي شروط تعسفية".
وكان المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء، مظهر محمد صالح أعلن، يوم السبت، (14 أيار)، سعي العراق إلى اقتراض 16 مليار دولار من خلال الاجتماعات التمهيدية مع صندوق النقد الدولي.