البرلمان الالماني يعتبر قتل الارمن "إبادة جماعية"

رشيد غويلب
اعتبر البرلمان الاتحادي الالماني الجرائم التي ارتكبتها حكومة تركيا الفتاة، الوريث الشرعي للدولة العثمانية، بحق الأرمن في عامي 1915 و1916 ، والتي راح ضحيتها 1,5 مليون مواطن ارمني، اعتبرها جرائم ابادة جماعية.
فقد صوت البرلمان الالماني، الخميس الفائت، باغلبية كبيرة لصالح مشروع القرار الذي قدمته احزاب التحالف الحاكم وحزب الخضر، في حين رفض الإتحاد الديمقراطي المسيحي، بزعامة المستشارة الالمانية ميركل مشاركة حزب اليسار في اعداد مشروع القرار.
وتتحدث الرواية الرسمية التركية عن 300 – 500 الف فقط قتلوا اثناء مجريات الحرب العالمية الأولى.
وكان رئيس البرلمان الألماني نوربرت لاميرت من الحزب الديمقراطي المسيحي، قد قال في مناقشة سابقة، ان البرلمان ليس لجنة لتقييم التاريخ، ولا محكمة. ولكن البرلمان "لا يريد تجنب الإجابة على الاسئلة المزعجة"، لان حكومة الرايخ الالماني كانت حليفا للدولة العثمانية، وتتحمل جزءاً من المسؤولية.
من جانبها اكدت المتحدثة لشؤون العلاقات الدولية في كتلة حزب اليسار سيفيم داغدلنن ان الإعتراف بالمجازر ضد الارمن باعتبارها جرائم ابادة جماعية "هو انتصار للعدالة والتنوير". وانتقدت كتلة اليسار المستشارة الألمانية ووزير الخارجية الألماني لعدم حضورهما جلسة التصويت.
معلوم ان الفضل في تصويت البرلمان الألماني على القرار يعود الى حزبي اليسار والخضر، اللذين عملا في السنوات الماضية على فتح هذا الملف المهم.
الحكومة التركية اعتبرت القرار "اهانة". وفي أول رد فعل عقب التصويت، استدعت تركيا سفيرها في برلين للتشاور، ووصف نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش القرار بأنه "خطأ تاريخي". وكان رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدرم، قد وصف التصويت على القانون بأنه أمر "سخيف"، بينما حذر اردوغان المستشارة ميركل هاتفيا في وقت سابق من أن العلاقات الثنائية قد "تتأثر بشدة" اذا تمت الموافقة على القرار. واستدعت الخارجية التركية السفير الألماني في انقرة لابلاغه احتجاجها. وتجمع مساء الأربعاء خمسة آلاف من القوميين الأتراك امام مبنى البرلمان الالماني للاحتجاج ضد توصيف المجازر بجرائم الإبادة الجماعية. ومثل المحتجون وسطا من الجالية التركية الكبيرة في المانيا، والذي يمتد من انصار الرئيس التركي اوردوغان، مرورا بالكماليين والسلفيين، وصولا الى منظمة "الذئاب الرمادية" الفاشية التركية، مدعومين من الإخوان المسلمين المصريين والسوريين. وتعرض نواب البرلمان الألماني إلى ضغوط من الجانب التركي بما في ذلك تلقي بعض النواب رسائل الكترونية مسيئة، مثلما أفادت القناة الأولى في التلفزيون الألماني.
ويأتي تصويت البرلمان الالماني على القرار في وقت تقوم فيه حكومة تحالف يمين الوسط الالمانية بدعم حرب الإبادة والقمع التي تشنها حكومة اوردوغان ضد سكان كردستان تركيا وقوى اليسار التركي، مقابل تعاون الحكومة التركية مع حكومات الإتحاد الأوربي لمنع تدفق اللاجئين الى بلدان الاتحاد. ومن المفيد الإشارة الى ان قرار البرلمان الألماني تضمن اشارة الى القمع الذي طال المسيحيين على اختلاف تنوعهم القومي.
وشهدت جلسة التصويت في البرلمان الالماني حضور ممثلون عن الارمن والمسيحيين الآخرين، بضمنهم ممثلون عن منظمات الجالية المسيحية العراقية في المانيا.
وكانت الإبادة الجماعية للأرمن على أيدي الجيش ومؤسسات الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، واحدة من أكبر الجرائم التي ارتكبت ضد الإنسانية في مطلع القرن العشرين، ثم تبعتها جرائم مماثلة. ويحفل تاريخ العالم الحديث بمثل هذه الجرائم: الابادة الجماعية للهنود الحمر في امريكا، استعباد الملايين من الأفارقة، جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، والبريطاني في كينيا، والبلجيكي في الكونغو ، والهولندي في إندونيسيا، والألماني في ناميبيا.