منتدى ساو باولو.. مناقشة سبل جديدة لمواجهة هجوم اليمين

رشيد غويلب
انتهت في الخامس والعشرين من حزيران الفائت، في العاصمة السلفادورية سان سلفادور، اعمال الدورة الثانية والعشرين لمنتدى ساو باولو لقوى اليسار في امريكا اللاتينية. وشارك في اعماله اكثر من 500 مندوب يمثلون 103 حزب ومنظمة يسارية من بلدان امريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، بالإضافة الى وفود تمثل قوى يسارية في اسيا وافريقيا وأوربا والولايات المتحدة الأمريكية.
وعلى مدى اربعة ايام ناقش الحضور استراتيجيات قوى اليسار في القارة لتعزيز دورها والدفاع عن تجاربها التقدمية، ولمواجهة هجوم اليمين المتصاعد والمدعوم من الولايات المتحدة وحلفائها. واحتلت التطورات الجارية في البرازيل وفنزويلا موقع الصدارة في جلسات المنتدى. وتناول المشاركون بالتفصيل الاسباب والنتائج، بما في ذلك اعتراف ممثلي الأحزاب الحاكمة بأخطائها الذاتية، باعتبار ذلك مدخلا مهما للانتقال الى الهجوم في عملية الدفاع عن التجارب القائمة. وطالبت قوى اليسار في امريكا اللاتينية ضيوفها القادمين من القارات الاخرى بتصعيد التضامن معها، وخصوصا مع الرئيس البرازيلي السابق لولا الذي سيدخل سباق انتخابات الرئاسة مجددا في عام 2018 . ويعمل اليمين البرازيلي على منع لولا من الترشيح بتوظيف دسائس قانونية. وعلى طريق تعزيز العمل المشترك بين قوى اليسار في امريكا اللاتينية واليسار الأوربي سيعقد لقاء مشتركا عشية انعقاد المؤتمر الخامس لحزب اليسار الأوربي في كانون الأول القادم في العاصمة الألمانية برلين.
ونظرا لتصاعد الهجوم في السنوات الأخيرة على عمليات التكامل في أمريكا اللاتينية، دعا خوسيه رامون بالاغير، رئيس دائرة العلاقات الخارجية في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوبي لخوض مناقشات تتمخض عن اهداف محددة فقال : " ان مهمة المنتدى هي تعزيز وحدة قوى اليسار في القارة لوقف هجوم اليمين والإمبريالية على التجارب الثورية". ودعا رودريغو كابيزاس ممثل الحزب الاشتراكي الموحد في فنزويلا، الى الذهاب الى الهجوم، مشيرا الى ان الصراع مع المحافظين يدور بالملموس حول الظروف المعيشية لملايين من البشر، وان "اليمين والإمبريالية ليس لديهم ما يقدمونه إلى شعوب امريكا اللاتينية سوى الليبرالية الجديدة"، وان " "الليبرالية الجديدة تعني المزيد من الفقر، والحد من الخدمات الحكومية، وفقدان السيادة وتسليم الموارد الطبيعية إلى الشركات متعددة الجنسية. وان هذا لا يمثل خيارا لشعوب أمريكا اللاتينية. وحل الأزمة في العديد من البلدان يكمن في خلق مجتمعات أكثر عدلا، والحد من الفقر وعدم المساواة وتعزيز السيادة الوطنية، والدفاع عن الموارد الطبيعية ومصالح المواطنين".
وفي جلسة الختام خاطب الرئيس السلفادوري سانشيز سيرين الحضور بالقول: " وبالضبط هذا ما يرفضه اليمين، ان حكومات اليسار تريد ان تحقق العدالة الاجتماعية". وفي اشارة منه إلى انقلابات اليمين البرلمانية في الهندوراس وباراغواي، اكد ان على جدول اعمال اليمين يقف الآن القضاء على تجارب البرازيل وفنزويلا والسلفادور. وكان المشاركون في المنتدى قد اعتبروا توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة والقوات المسلحة الثورية الكولومبية في هافانا، مثالا على الدور الإيجابي للحكومات التقدمية، فبعد 50 عاما من الحرب في كولومبيا، ادت وساطة الحكومتين الكوبية و الفنزويلية، بقيادة الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو شافيز، الى تحقيق خطوة مهمة على طريق الوصول الى سلام دائم. وتوجه مندوبو وضيوف المنتدى بالتهنئة الى قائد الثورة الكوبية، وأحد مؤسسي المنتدى فيدل كاسترو بمناسبة قرب حلول عيد ميلاده التسعين في الثالث عشر من آب المقبل.
وتأسس منتدى ساو باولو عام 1990 على اثر مبادرة مشتركة للزعيم الكوبي فيدل كاسترو، ورئيس جمهورية البرازيل السابق لولا دي سلفيا، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، والبلدان الاشتراكية السابقة، في وقت كانت فيه قوى اليسار في موقع المدافع عن الذات. وفي لقاء جمع كاسترو ولولا ولدت فكرة انشاء اطار للحوار المفتوح وتبادل وجهات النظر. وفي عام 1990 دعا حزب العمل البرازيلي الى الاجتماع الاول للملتقى الذي اتخذ من اسم المدينة التي استضافت اجتماعه الاول اسما له. وبدأ المنتدى بمشاركة 48 حزبا، ولكنه يضم اليوم أكثر من 104 حزب، ومنظمة، وحركة اجتماعية.
وهو اطار فكري واسع من الاحزاب الشيوعية والعمالية، وأحزاب يسارية، ومجموعات ماركسية، وبعض من يسار الاحزاب الاجتماعية الديمقراطية، مثل الحزب الاشتراكي الشيلي. وفي السنة التي تأسس فيها المنتدى كان الحزب الشيوعي الكوبي، الحزب الوحيد الذي يقود السلطة في بلاده، واليوم تقود أو تشارك غالبية الاحزاب المنضوية في المنتدى في السلطة.