المؤتمر العام السادس للحزب الشيوعي السوداني

بغداد - طريق الشعب
عقد الحزب الشيوعي السوداني مؤتمره العام السادس من الفترة 28/7 حتى 31/7، في الخرطوم، تحت شعار " طريق الشعب الوحدة ، حرية سلام عدالة ". وجاء انعقاد المؤتمر بعد مرور سبع سنوات على انعقاد مؤتمره الخامس.
وانعقد المؤتمر السادس في ظل ظروف سياسية معقدة في السودان، حيث استمرار سياسة النظام الديكتاتوري الشمولي المعادي للديمقراطية والحريات وحقوق الانسان ، والهجوم الاعلامي والاجراءات الامنية ضد الحزب الشيوعي السوداني لتشويه سمعة الشيوعيين ودور حزبهم في الحياة السياسية، وسعت الدوائر الامنية الى الترويج لعدم تمكن الحزب من عقد مؤتمره، وكانت هذه الحملة تهدف الى زعزعة ثقة الشيوعيين واصدقائهم بحزبهم.
ووجهت الكثير من الاحزاب الشيوعية واليسارية العربية والعالمية رسائل وبرقيات تهنئة بمناسبة انعقاد المؤتمر وابداء التضامن مع نضالات الشعب السوداني وبالأخص الحزب الشيوعي، كما حضر المؤتمر ثلاثة وفود من الاحزاب الشيوعية في جنوب السودان وفرنسا والعراق ، وقد حضر عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي الرفيق بسام محي والقى كلمة الحزب في المؤتمر( مرفقة).
وقدمت اللجنة المركزية مسودات التقرير السياسي ، وبرنامج الحزب والنظام الداخلي الى النقاش الحزبي الداخلي وعقدت المنظمات الحزبية اجتماعات خاصة مكرسة لدراسة هذه الوثائق وتدقيقها وتقديم الاراء والافكار بشأنها في المؤتمر. وقد نشر اعلام الحزب الشيوعي السوداني وخاصة على صفحات جريدته المركزية " الميدان" والموقع الالكتروني للحزب مساهمات الكثير من الرفاق والاصدقاء ومن المهتمين بالسياسة السودانية واليسار عموما. واستكملت التحضيرات للمؤتمر بمناقشة التقرير الانجازي التنظيمي الذي تضمن نشاط الحزب العام والتخصصي وابرز معالم الحياة التنظيمية الداخلية وسبل تطويرها.
ساهم في المؤتمر 337 مندوبا ، و62 مراقبا، وقد جرى انتخاب المندوبين في اجتماعات موسعة في المناطق والمنظمات الحزبية باشراف من اللجنة المركزية واللجنة التحضيرية للمؤتمر، وبالاقتراع السري،وتم تحديد نسبة 10:1 للمنظمات المحلية السكنية، و5:1 للعمال والطلبة والشباب. وكان للنساء والشباب حصة كبيرة من نسبة واعداد المندوبين.
وفي اول جلساته جرى تشكيل لجان المؤتمر وتسيير اعماله وتوزع المؤتمرون الى 4 ورش عمل وهي مناقشة التقرير السياسي، النظام الداخلي ، برنامج الحزب ، التقرير الانجازي، كما انتخب المؤتمر لجنة الانتخابات، ولجنة الاستئنافات للنظر في اعتراضات وطعون .
الخط السياسي للحزب
وقد حظيت مناقشة التقرير السياسي، الذي شمل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقضايا القومية والحروب وانفصال جنوب السودان والقضايا العربية والعالمية وقضايا اليسار بمساهمات واسعة في تشخيص طبيعة المرحلة والسلطة السياسية والمهمات اللاحقة للحزب في اولويات نشاطه السياسي. وقد توصل المؤتمرون بان النظام الحالي، حكومة انقلاب 30 حزيران 1989، عاجز عن حل الازمة العامة في السودان، بل راحت سياساته تزيد من حدة وتكاثر الازمات والتوترات مما ادى الى تفكيك وحدة وامن وسلامة السودان والتفريط بالسيادة الوطنية، ورهن ارادة الوطن بالقوى الدولية والاقليمية. وشخص المؤتمر طبيعة النظام باعتباره نظاما يمثل مصالح الرأسمالية الطفيلية المـتأسلمة التي تتناقض مصالحها مع فئات وطبقات اجتماعية اخرى ، ويعبر النظام عن ايديولوجية وخطاب ديني متعال وعنصري يرفض الواقع التعددي في السودان، ويستخدم وسائل بوليسية وقمعية معادية للمظاهر الديمقراطية، ويصادر الحريات العامة، ويمارس القمع والارهاب والاضطهاد بكل اشكاله، ويختزل مؤسسات الدولة الى اجهزة تابعة لجهاز الحزب الحاكم ، حزب المؤتمر الوطني، ويساهم النظام في تغول الفساد وتحوله إلى آفة تبلع قوت الناس وخيرات البلد، فضلا عن بيع مرافق ومؤسسات الدولة الانتاجية والخدمية الى فئات طفيلية ، وبيع اراضي السودان الزراعية الى مستثمرين اجانب لتتحول السودان الى اكثر بلدان العالم مباعا.
وتوقفت المناقشات وتوصلت الى ان سياسات النظام الديكتاتوري الشمولي ادت الى تفريطه بوحدة البلاد وانفصال جنوب السودان، وزيادة التوترات الداخلية في مناطق جنوب كردفان، والنيل الازرق، والحروب القبلية ، والتوترات في مناطق اكتشاف الذهب وحقول المراعي، واستمرار الحرب الاهلية في دارفور، وعدم استعداد النظام الحالي للرئيس عمر البشير للتوجه الى ايجاد حل شامل لإنهاء الحروب وتهدئة بؤر التوتر واحلال السلام في مناطق النزاع في عموم السودان.
وتعاني السودان نتيجة لسياسات النظام الاقتصادية والاجتماعية تدمير منظم لمؤسسات الحكومة الانتاجية ومراكز الخدمات وتدهور مريع للقطاع العام والخاص في مجالات الانتاج الصناعي والزراعي ، وتحويل السودان الى دولة مستوردة للغذاء ومكبا حقيقيا للسلع الفاسدة في اسواقه، وانهيار الخدمات الصحية وتحويل العلاجات الى سلعة و وخصخصة الصحة على حساب الفئات الكادحة والمعدمة للشعب السوداني،كما يشهد التعليم تدهورا حيث تهدمت ابنية المدارس وتناقصت اعداد الكادر التعليمي، وتشوهت المناهج التربوية والعلمية والاكاديمية، وغابت مجانية التعليم كما هو منصوص عليها في الدستور الحالي.
ولم تسلم المرأة السودانية من جور وحيف النظام الرجعي في استلاب حقوقها واصدار الفتاوى واشاعة خطاب ديني متخلف وتشريع قوانين جائرة بحق المرأة السودانية تحط من كرامتها وتجعلها ناقصة امام اخيها الرجل في الحقوق والواجبات.
وتوقف المؤتمر امام معدلات الفقر غير المسبوقة في السودان، حيث تشير الاحصائيات الرسمية الى ان نسبة الفقر تصل الى 46في المائة من الشعب السوداني، بينما تشير احصائيات اخرى الى نسبة 95في المائة مع انتشار نسب البطالة، وسياسة التهجير والتشريد من السياسات الجائرة والحروب الداخلية، وزادت معدلات الهجرة الى اكثر من 100 الف مواطن لغاية عام 2014، ممن يحملون شهادات علمية واكاديمية وكفاءات وخبرات ومن الأيادي العاملة الماهرة.
وقد اكدت لجنة صياغة التقرير السياسي على اهمية التركيز على القضايا والاحداث المهمة والآنية على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتعليلها فكريا وفق المنهج الماركسي في ضوء الواقع السوداني لتسهم في رفع مستوى الاداء السياسي للحزب، ومراجعة التجارب الايجابية والسلبية بروح نقدية بهدف توسيع الحركة الثورية وتطوير ادواتها النضالية.
توقف التقرير امام ظاهرة انتشار الحركات الاسلامية وتوسع نفوذها وصعودها الى السلطة ودورها السياسي والاقتصادي والفكري، باعتبار تلك الحركات هي نتاج عوامل كثيرة منها مصادرة الانظمة الشمولية للحريات الديمقراطية وقطع الطريق امام التداول السلمي للسلطة والتطور السلمي واستخدام تلك الحركات كأدوات قمع ضد الحركات اليسارية، ويشكل الدعم المالي الخارجي وخاصة من الخليج احد اهم مرتكزات ديمومة الحركات الاسلامية التي تحولت الى عائق امام النهوض الوطني والتحول الديمقراطي والتعدد الثقافي والديني، عائق معاد لقضايا المرأة وقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعدالة الاجتماعية.
ويرى الشيوعيون السودانيون في تحليلهم الظاهرة الدينية في البلاد بان انقلاب 30 حزيران 1989 يمثل مصالح الرأسمالية الطفيلية الدينية، التي اوقفت التطور السلمي للسودان وعطلت العمل بالدستور وحلت البرلمان والاحزاب والنقابات، واستخدمت وسائل الاكراه والقمع لضمان ولاء الناس الى نظامها وخاصة لمنتسبي القوات المسلحة ، وسيطرتها على القضاء، وتحويل النظام المصرفي والضريبي الى اداة للنهب وتفشي الفساد ونهب المال العام ومؤسساته لتحقيق مصالح البرجوازية الطفيلية المتأسلمة، وبيع القطاع العام وخصخصته وتشريد العمال ، وتأسيس اكثر من 300 شركة مرتبطة برأس النظام عمر البشير وحاشيته.
انفصال السودان.. الوحدة
لقد جاء انفصال جنوب السودان كأكبر كارثة في تأريخ السودان، وهو تعبير عن فشل السياسات الديكتاتورية لنظام الرئيس البشير في معالجة القضايا القومية والتعددية الثقافية. فالانفصال لم يحقق الاستقرار والامن والتقدم لجنوب السودان بل استمرت النزاعات وتفاقم الازمة العامة.
حدد التقرير السياسي للحزب واحدة من اولويات اهداف الحزب الشيوعي السوداني هي وحدة السودان في بلد واحد وحل المسألة القومية والتعدد الثقافي على اساس الديمقراطية السياسية والاجتماعية. ويرى الحزب الشيوعي امكانية اعادة توحيد السودان عبر مواصلة النضال لإحلال السلام والقضايا العالقة بين دولتي السودان وجنوب السودان، والعمل المشترك لوقف الحرب الاهلية في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الازرق ، وتحقيق برنامج التغيير الاجتماعي الوطني الديمقراطي، والحل العادل للقضايا القومية، وتعزيز العلاقات مع الدول الاقليمية والمجاورة.
ويطالب الحزب بتحقيق اربعة مطالب في حرية النقل، وحرية الاقامة، وحرية العمل وحرية التملك، لضمان حقوق اكثر من 15 مليون مواطن يتنقلون بين السودان وجنوب السودان من رعاة ومزارعين وقبائل الدينكانوك، الدنكا والنوبر والشلوك.
ان طريق الوحدة يمر عبر اسقاط الدكتاتورية وبناء الديمقراطية واحترام حقوق الانسان واقامة الدولة المدنية الديمقراطية دولة المواطنة لتحقيق الوحدة والسلام والعدالة.
وقد اشار التقرير الى فشل اتفاقية نيفاشا التي نصت على التحول الديمقراطي الدستوري بسبب معاداة النظام للديمقراطية وحقوق الانسان والحريات العامة.
أوسع جبهة جماهيرية لاسقاط النظام الدكتاتوري
لقد تبنى الحزب الشيوعي السوداني شعار النضال السلمي لإسقاط النظام الدكتاتوري الشمولي لانقلابيي حزيران 1989 عبر اوسع جبهة جماهيرية للقوى السياسية والمجتمعية. ويرى الحزب ان الحوار مع النظام لم يعد مجديا مادام النظام متمسكا بالسلطة ومعاديا للديمقراطية ، وقد اعترض الحزب على قوى سياسية اخرى انتهجت الحوار مع النظام مدعومة من قوى دولية كأمريكا والاتحاد الاوربي، ويرى الحزب ان تلك المساعي انما يراد منها تبييض وجه النظام واعادة انتاجه مع الابقاء على جوهره حيث تريد بعض القوى الدولية كأمريكا تأبيد سلطة حزب المؤتمر الوطني واقترابه من الاخوان المسلمين، ويعتبر الحزب ذلك احداث تغيير فوقي في هرم السلطة دون المساس بالسياسات المعادية لمصالح الشعب السوداني ووحدة الوطن، والتي ادت، اي السياسات، الى استفحال الازمة العامة في البلاد وانفصال جنوب السودان واشعال الحروب الداخلية والاهلية والقبلية.
لقد جسد الحزب معارضته النظام وأي محاولات اخرى لإعادة انتاجه عبر مقاطعته الانتخابات المزورة والكارتونية، واطلاق حملة " ارحل "، مما زاد من مقاطعة الانتخابات وعزلة النظام. وتطرح الجماهير شعارات معارضة للنظام وتنظم اضرابات وحراكا شعبيا بشكل مستمر يكاد يكون اسبوعيا في المدن والمناطق والولايات السودانية حول القضايا الاجتماعية والمطالب المشروعة، وفي المقابل عجز النظام عن تلبية المطالب، ولهذا نضجت موضوعيا الانتفاضة الجماهيرية، ونضوج عوامل ثورية لإحداث التغيير، مما زاد من ردود فعل السلطة في استخدام وسائل قمعية وارهابية ضد المحتجين. ويبقى دور الحزب هو رفع وعي الجماهير وتنظيمها وربط مطالبها وحركتها بالضد من النظام الديكتاتوري.
ومنذ اجتماع اللجنة المركزية في 2010 رفع الحزب الشيوعي السوداني شعار اسقاط النظام لإحداث التغيير المنشود وللحفاظ على وحدة السودان وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقد أثبت المؤتمر السادس للحزب ان تحقيق التغيير الحقيقي لا يمكن دون اسقاط النظام الحالي وتفكيكه،عبر توحيد الجهود الوطنية للقوى السياسية المعارضة من خلال " تحالف قوى الاجماع الوطني "، الذي يضم قوى يسارية ومعتدلة، على برنامج البديل الديمقراطي لفترة انتقالية دستورية، وتشكيل حكومة وطنية تهيئ الى عقد مؤتمر وطني دستوري للمصالحة الوطنية العامة لأبناء السودان، والاتفاق على شكل ومضمون النظام السياسي والاقتصادي الاجتماعي، عبر ارساء مبادئ التداول السلمي للسلطة وتشريع دستور جديد ومن ثم اجراء انتخابات حرة نزيهة، باعتبارها المفتاح للخروج من الازمة العامة والتخلص من النظام الديكتاتوري وكسر ما يسمى " الحلقة الشريرة" من اجل فتح افاق التطور الديمقراطي واحلال السلام في السودان.
وقد ثبت الحضور في وثيقتهم وخطهم السياسي على ضرورة دفع اشكال التنسيق مع " الجبهة الثورية " واجراء تحالف مع " قوى الاجماع الوطني"، وتجميع القوى المناهضة للنظام الاستبدادي لإسقاطه، وتخليص السودان من التخلف والتبعية وتدشين عملية التنمية المستدامة وفتح الطريق امام الشعب السوداني لاستكمال مهام مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية وبناء الاشتراكية.
النظام الداخلي.. الفرع الاساس في الحزب
وجرت مناقشة واسعة للتعديلات على النظام الداخلي وتكيفه مع ظروف العمل السياسي وكفاءة التنظيمات الحزبية في عموم السودان وتجاوز الصعوبات التي تواجه العمل الحزبي، وحماية التنظيم من دسائس الاعداء ومحاولاتهم اختراق التنظيم الحزبي، وهي غير قليلة.
وتم التأكيد في النقاشات على ايلاء اهتمام كبير لتطوير عمل الفرع ( الخلية الحزبية) باعتبارها الوحدة الاساسية في نشاط الحزب، والبوابة للصلة مع الجماهير وبنائها على اساس السكن والمحلة والمنطقة السكنية والعمل والمرفق الدراسي، وان يجري العمل على تدريب اعضائها سياسيا ورفع مستواهم الفكري ورفد قيادة الحزب بما يجري وسط الجماهير باعتبارها مجساته الحقيقية، وان تساهم في رفد الكفاءات المتميزة للعمل في المكاتب التخصصية المركزية، وان ينضم عضو اللجنة المركزية الى الفرع ( الخلية) في مكان سكنه..
كما جرى التأكيد على تعزيز العمل بمبدأ المركزية الديمقراطية وتوسيع اليات العمل الديمقراطية، وان يمارس العضو الحزبي مهماته ويحترم تنفيذ القرار الحزبي ويعبر عن رأيه في منظمته الحزبية.
برنامج الحزب .. التغيير الاجتماعي
جرت تعديلات على برنامج الحزب العام وفقا للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تمر بها البلاد وانسجامه مع الشعار المركزي للحزب في الخلاص من النظام الديكتاتوري وتحقيق تغييرات جدرية على صعيد النظام السياسي وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. والبرنامج يتحدث عن مرحلة انتقالية لإحداث تغييرات باتجاه استكمال مهام الثورة الوطنية الديمقراطية صوب المرحلة الديمقراطية، ويطرح البرنامج فترة مهمات الثورة والتحالفات الاستراتيجية ذات البعد الطبقي والاجتماعي والسياسي للتخلص من النظام الحالي واحداث البديل الديمقراطي.
واعتبر البرنامج ان تلك المراحل مترابطة جدليا ولا يمكن فصلها فالاولى تحطيم النظام واستكمال مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية، وصولا الى الاشتراكية ، ضمن صراع طبقي وفرز واصطفافات اجتماعية جديدة.وقد احدث طرح البرنامج وضوحا فكريا للحزب والتمسك بهويته الطبقية ومنهجه الماركسي في التحليل.
استئنافات على القرارات الحزبية
يسمح النظام الداخلي للرفاق القياديين الذين تم اتخاذ عقوبات بحقهم ، بما في ذلك الفصل من عضوية الحزب، ان يستأنفوا او من حق الاخرين الاستئناف على قرارات الحزب بشأن الاجراءات الانضباطية والعقوبات. وقد جرى تشكيل لجنة الاستئنافات من 7 رفاق لتقصي الحقائق واتخاذ القرارات داخل اللجنة بالاقتراع السري عند التصويت. وتم التعامل بكل مبدئية ومرونة بشأن الاستئنافات في المؤتمر باعتباره اعلى سلطة في الحزب للبت فيها ، وتم فتح العديد من الملفات واتخاذ الاجراءات الاصولية وفق الشرعية الحزبية بطرح كل القضايا على المؤتمر وفعلا تم التصويت عليها وانهاء تلك الملفات.
وقد هاجمت بعض وسائل الاعلام والصحافة السودانية المؤتمر واثاروا قضية ( الشفيع خضر) باعتبارها انقساما داخل الحزب وصراعا على رئاسته. وقدمت لجنة الاستئنافات توضيحاتها بشأن ( الشفيع خضر)، باعتباره كان يشكل احدى محاولات بناء تيار فكري يتعارض مع المنهج الماركسي ويتطلع الى تغيير الهوية الفكرية والطبقية للحزب ويدعو الى تأسيس حزب جديد ليبرالي برنامجي انتخابي وليس على اساس فكري ينسجم مع متطلبات الواقع السوداني، ويعتقد بان الماركسية لم تعد تنفع للسودان ولا حاجة لأي حزب شيوعي. واخذ الصراع اشكالا مختلفة ومنها على الصعيد التنظيمي كان الهدف منه اضعاف دور الحزب الجماهيري وخلق حالة الاحباط واليأس لدى اعضاء الحزب وجماهيره. ولم يقدم الشفيع استئنافا بل قدمه غيره من رفاقه وعرض على جلسة المؤتمر من قبل لجنة الاستئنافات حيث تمت الموافقة على الفصل من قبل 226 صوت و30 صوت بالضد و9 اصوات متحفظة وبذا غلق ملف الشفيع وتياره.
انتخاب قيادة الحزب .. ممارسة ديمقراطية
في الجلسة الاولى لليوم الاول للمؤتمر في 28/7 تم تشكيل لجنة الانتخابات المكونة من 5 اعضاء لتنظيم عملية الترشح الى اللجنة المركزية وتدقيق المرشحين. وقد سبق وان قامت المنظمات الحزبية قدر المستطاع، بترشيح مرشح واحد لعضوية اللجنة المركزية فضلا عن ترشيح 18 عضوا من اللجنة المركزية السابقة.وقد اقر المؤتمر انتخاب 41 عضوا للجنة المركزية و10 اعضاء احتياط لها. وقد رشح اكثر من 140 مندوبا الى عضوية اللجنة المركزية على اساس الاقتراع السري والفرز العلني، وقد تمكن المؤتمرون من انتخاب اعضاء اللجنة المركزية الجديدة والاحتياط، من بينهم عدد من الشباب و10 رفيقات، اي 25 في المائة و30 في المائة من الاحتياط. وارتفعت نسبة التجديد في عضوية اللجنة المركزية الى 60 في المائة وقد تم انتخاب الشباب والنساء في قائمة واحدة وليس بالاعتماد على نظام الكوتا وهو تجسيد حقيقي لمستوى الوعي الانتخابي واحترام الحزب للمرأة وقدرات الشباب في التجديد والمواصلة ورفد قيادة الحزب بدماء جديدة. وفي اول اجتماع للجنة المركزية تمت اعادة انتخاب الرفيق محمد الخطيب سكرتيرا للحزب وجرى انتخاب المكتب السياسي وسكرتارية اللجنة المركزية.
جاء نجاح اعمال المؤتمر العام السادس للحزب تعبيرا حيا وتجسيدا عمليا لتمسك الشيوعيين السودانيين بقضية حزبهم وفكره والحفاظ على تماسكه ووحدته وصيانته من الاعداء والاجهزة الامنية القمعية والتيارات الانتهازية والصحافة الصفراء المسمومة، وتعزيزا للعقل الجماعي وتوسيعا للديمقراطية الحزبية الداخلية، كما وجه نجاح المؤتمر صفعة لكل المتربصين والمراهنين على فشل المؤتمر السادس واثبت الحزب واعضاؤه تمسكهم بالمنهج المادي الماركسي .
ان حناجر واصوات الشيوعيين وفرحتهم دوت في قاعة الصداقة وسط الخرطوم لتعم السودان، وتحولت تلك الهتافات الى زلزال تحت اقدام النظام الديكتاتوري وافشلت محاولاتهم البائسة في اختراق المؤتمر، وتمكنت تلك الوجوه والسواعد السمراء احفاد عبد الخالق محجوب وابناء ابراهيم نقد من حماية حزبهم منكبين في جلسات صباحية ومسائية.