المانيا.. اليمين التقليدي يسعى إلى التضيق على الأجانب

طريق الشعب
التفجيرات الإرهابية التي شهدتها فرنسا وبلجيكا وامتدت في الأشهر الأخيرة الى المانيا، دفعت اوساط اليمين التقليدي الحاكم الى التفكير في توظيف ما يحدث وما يتبعه من ردود فعل مختلفة لأوساط واسعة من المجتمع الالماني، في تضييق الدائرة على حقوق الأجانب في المانيا.
وفي هذا السياق اقترح وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير حزمة من الإجراءات الأمنية الموسعة. وأعلن، وهو العضو في الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم، نيته تشديد الإطار القانوني ضد الأجانب المتورطين في ارتكاب جرائم جنائية، والذين يُصنفون باعتبارهم "مصدر خطر". وإلى جانب هذا الإجراء هناك عدد من التدابير المقترحة الأخرى أثارت جدلا في الأوساط السياسية والإجتماعية الألمانية.
تدابير تصب الزيت على نار اليمين الشعبوي
من بين أهم الإجراءات التي اقترحها الوزير الالماني إسقاط الجنسية عن الجهاديين الذين يحاربون في الخارج إذا كانوا يحملون جنسية مزدوجة. وأوضح بهذا الصدد أن "الألمان الذين يشاركون في المعارك في الخارج لحساب ميليشيات إرهابية ويحملون جنسية أخرى يجب أن يخسروا في المستقبل جنسيتهم الألمانية".
غير أن زيغمار غابرييل، نائب المستشارة ميركل، ورئيس الحزب الاجتماعي الديمقراطي، استبعد أن يوافق حزبه على إلغاء ازدواجية الجنسية. وأكد في تصريح لصحيفة "برلينر تسايتونغ" ان الإقدام على هذه الخطوة سيكون "رسالة خاطئة تماما". مضيفا أن من يضع على سبيل المثال الأتراك الذين يعيشون في ألمانيا منذ عقود في دائرة الاشتباه العام "يلعب بدون قصد نفس لعبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والتي مفادها ان من ليس معي فهو ضدي".
ومن التدابير الأخرى المقترحة اعتبار "تهديد الأمن العام" سببا للاعتقال والطرد السريع للأجانب الذين يشتبه في أنهم يحضرون لهجمات. كذلك اقترح الوزير عقوبة جنائية تشمل "أي تعبير عن التعاطف مع الأعمال الإرهابية"، إضافة إلى اختصار فترات السماح المؤقت للأجانب الملزمين بمغادرة البلاد، إذا أعطوا على سبيل المثال معلومات خاطئة بشأن هويتهم.
ويعتزم الوزير كذلك، التشاور مع ممثلي الأطباء للتوصل الى آلية تسمح بالتعرف المبكر على المضطربين نفسيا، ومدى احتمال لجوئهم لارتكاب أعمال عنف، مع الحفاظ في الوقت نفسه على مبدأ حق المريض في أن يحتفظ طبيبه بسرية معلوماته الشخصية
كتلة اليسار ترد
وتتفق قوى اليسار الالماني داخل البرلمان وخارجه على عدم جدوى تشديد القوانين، فالمنظومة القانونية النافذة في البلاد كافية، وترى في حزمة مقترحات وزير الداخلية فرصة ذهبية لليمين المتطرف للضغط على الحكومة من اجل المزيد من الإجراءات التي تحوّل ملايين من البشر الى هدف اتهام دائم.
ومن جانبه رد ديتمر بارج رئيس كتلة حزب اليسار في البرلمان الالماني على مشروع وزير الداخلية بورقة مختصرة اكد فيها ان الحروب والفقر والبؤس هي أسباب تدفق اللاجئين وانتعاش الإرهاب وتوسعه، وان الحكومة الاتحادية ترتكب خطأ جسيما عندما تعتقد ان العسكرة ومزيدا من الإجراءات الامنية بوسعهما الحد من الإرهاب.
واقترح الزعيم اليساري جملة من الأمور التي على الحكومة القيام بها اذا كانت حقا جادة في محاربة الارهاب، منها على سبيل المثال: ايقاف تصدير الاسلحة وخصوصا الى بؤر النزاعات العسكرية والدول الداعمة للإرهاب سواء بشكل مباشر او غير مباشر. ومن المعروف ان المانيا اصبحت تحتل المرتبة الثالثة في تصدير الاسلحة عالميا وان من اكبر زبائنها بلدانا مثل السعودية وتركيا وقطر.
وشدد بارج على ضرورة المبادرة الى مصالحة حقيقية بين روسيا والبلدان الغربية، وانهاء الحرب الدائرة في سوريا، وانشاء منظومة امن جماعي عالمية بمشاركة روسية، وسحب الجيش الالماني من مناطق التوترات العسكرية، والالتزام بالدستور الذي يحصر مهام الجيش في واجبات الدفاع عن سيادة الدولة الألمانية. كذلك التزام المانيا بدفع حصتها البالغة 0,7 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي، لدعم مشاريع الأمم المتحدة للتنمية، المخصصة لبلدان الجنوب الفقيرة.