هل يفوز كوربن برئاسة حزب العمال البريطاني ثانية؟

رشيد غويلب
المتابعون لما يدور في بريطانيا يرون أن صيفها ما زال ساخناً سياسياً، وهو أكثر سخونة عند تناول الصراع الدائر في حزب العمال وحول قيادته، بعد ان سحبت الاكثرية اليمينية في كتلة الحزب البرلمانية الثقة من رئيسه جيرمي كوربن، قبل ان يحتفل بالذكرى الأولى لتوليه زعامة الحزب. ومعلوم ان قواعد الحزب ستعود حتى 21 ايلول الى صناديق الاقتراع لتختار رئيساً جديداً للحزب الذي تغيرت خارطته التنظيمية، بعد ان اتسعت عضويته بفضل حملة كوربن الإنتخابية الأولى، والتي شهدت تشكل منبر يساري يطلق على نفسه تسمية “Momentum” (الزخم). وسيبقى هذا المنبر مؤثرا في السباق الإنتخابي الحزبي المقبل.
ويقول جيمس شنايدر المتحدث باسم المنبر اليساري هذا والوجه الإعلامي للحركة الداعمة لجيرمي كوربن، ان المنبر تأسس في مجرى الصراع الحزبي الداخلي على يد الكثير من اعضاء الحزب ومعهم يساريون لا حزبيون داعمون لجيرمي كوربن. وهناك مهمتان اساسيتان هما الحفاظ على الأعضاء الجدد في داخل حزب العمال، وتغيير الجو السياسي في المجتمع البريطاني. ويمتاز الكثير من الاعضاء الجدد بالإندفاع نحو ممارسة النشاط الحزبي والتأثير فيه، دون المرور ولو مرة واحدة عبر الهرم الحزبي.
وبعد مرور عام على تاسيس المنبر/ الحركة اصبح واضحا، حسب شنايدر ، انها لعبت دورا اساسيا في ازدياد عضوية الحزب خلال 15 شهرا من 200 الف الى نصف مليون عضو. وعندما نقارن ذلك بما تعانيه الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية في بلدان اوربية اخرى من تناقص في عضويتها وانخفاض في شعبيتها، فانه يعد نجاحا كبيرا لحزب العمال بقيادة كوربن.
ولا تصمد الاتهامات التي يوجهها نائب رئيس الحزب توم واتسون للحركة، بانها فتحت الابواب للتروتسكيين للتسلل الى صفوف الحزب. فكيف يمكن لحركة يبلغ مجموع اعضائها 17 الفاً جلهم دون الثلاثين ان تصبح ممرا لتسرب مزعوم. ان هذه التلميحات تأتي في محاولة لحرف الانظار عن الزخم الذي تشهده الحركة نتيجة كسبها اعضاء جدد وبشكل يومي من جميع اوساط المجتمع البريطاني.
الى جانب هذه الإتهامات يعمد خصوم ومنافسو كوربن الى اتهامه بعدم تقديم بدائل سياسية ملموسة. وهنا يمكن الأشارة الى المقترح الذي طرحه كوربن والداعي الى تأسيس بنك للاستثمارات العامة. ويتضمن برنامج العشر نقاط الذي طرحه كوربن قبل اسبوعين المزيد من المطالب والإحتياجات الملموسة. ولكن الجديد والمهم الذي يسعى كوربن وانصاره لتحقيقه هو قلب المعادلة داخل الحزب بقدر تعلق الأمر بالآليات والذهنية السائدة. فبدلا من تحديد توجهات الحزب من قبل النخب المتربعة على قمة الهرم الحزبي، وفق مشروع "حزب العمال الجديد"، يعمل كوربن وانصاره على اشراك القواعد الحزبية عبر مؤتمر الحزب في تحديد توجهاته والبدائل التي يطرحها. ويبقى التطور الارأس في سياسة الحزب، منذ تولي كوربن زعامته، هو جعل سياسة التقشف في موضع التساؤل، وتنشيط النقاش بشأن استئناف المساهمة النشيطة للدولة في السياسة الإقتصادية.
ويواجه انصار كوربن حملة اعلامية تتقدمها ثلاث امبراطوريات اعلامية رأسمالية ، فضلا عن الجنوح المؤسف للاعلام الليبرالي "اليساري" الذي يحاول تقديم صورة ضبابية عن الجهود التي يبذلها يساريو حزب العمال. وبالإضافة الى ذلك هناك تحيز واضح ضد كوربن يتمثل في تضييق مساحة ظهوره والتعريف ببرنامجه، مقارنة بخصومه ومنافسيه.
وعلى الرغم من كل هذا الجهد المضاد، فان انصار كوربن متفائلون بإمكانية فوز زعيمهم ثانية برئاسة الحزب، منطلقين من اعلان 255 منظمة، اي دائرة انتخابية، حتى الآن، عن الدعم لكوربن، في حين لم يحصل منافسه اوين سمث سوى على دعم 47 منظمة.