- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الإثنين, 12 كانون1/ديسمبر 2016 18:31
رشيد غويلب
قرر البرلمان الكوري الجنوبي الجمعة الفائتة إعفاء رئيسة البلاد غيون هاي بارك من أداء مهماتها ، والبدء بإجراءات عزلها من منصبها. وجاء القرار على خلفية اشتراكها في اكبر فضيحة فساد وسوء استخدام للسلطة في التاريخ الحديث لكوريا الجنوبية. وقد دخل قرار البرلمان حيز التنفيذ الفوري، حيث خلفها في المنصب رئيس الوزراء هوانغ كيو اهن .
وصوّت لصالح القرار 234 برلمانيا من مجموع الأعضاء البالغ 300 عضو، أي ما يزيد على أكثرية الثلثين المطلوبة. وهذا يعني إن العديد من أعضاء كتلة حزب الرئيسة "العالم الجديد" اليميني المحافظ قد صوتوا ضدها.
ويمنح الدستور المحكمة الدستورية ستة أشهر للبت بالقرار. واذا ما وافقت فستكون بارك أول رئيسة منتخبة تفقد منصبها في تاريخ البلاد. ويلزم الدستور الحكومة بتنظيم انتخاب رئيس جديد خلال شهرين فقط، وفي حال ابطال المحكمة الدستورية قرار البرلمان فستعود بارك إلى ممارسة مهام عملها، ولكن المراقبين لا يتوقعون ذلك. وكانت المحكمة الدستورية قد اوقفت في عام 2004 قرارا مماثلا للبرلمان بعزل رئيس الجمهورية في حينها.
وتجمع أمام مقر البرلمان الجمعة مئات المحتجين المطالبين باستقالة رئيسة الجمهورية. وكانت حركة احتجاج أسبوعية واسعة قد اجتاحت البلاد منذ تشرين الأول الفائت شارك فيها قرابة مليوني مواطن، وعدها المراقبون الأكبر منذ احتجاجات الثمانينيات من القرن العشرين.
وترتبط فضائح الفساد التي فجرت الحركة الاحتجاجية بالسماح لمستشارة رئيسة الجمهورية لسنوات عديدة والمقربة منها جدا سون سيل تشوي ، بالاطلاع على أسرار حكومية وبتوظيف علاقتها برئيسة الجمهورية لجمع تبرعات ضخمة، من الشركات الكبيرة لتمويل مشاريع خيرية مزعومة والاحتفاظ بها. وبالإضافة إلى ذلك فان تشوي متهمة بالتدخل في عمل الحكومة. وتقبع المستشارة السابقة والبالغة من العمر 60 عاما في المعتقل بتهمة الاحتيال وسوء استخدام السلطة.
وفي هذه الأثناء أقيمت دعوى قضائية ضد تشوي واثنين من المستشارين السابقين لرئيسة الجمهورية، وأعلنت النيابة العامة إن رئيسة الجمهورية لعبت "دورا محوريا" في فضائح الفساد وسوء استخدام السلطة.
ولم تتصور بارك، التي استلمت مهام منصبها في شباط 2013 ، وقوع مثل هذه الكارثة السياسية. وكانت قد وعدت بالتراجع عن سياسات الليبرالية الجديدة التي اتبعها سلفها، وتقليص سلطة الشركات الكبيرة. كذلك البدء بحوار مع حكومة كوريا الشمالية. وبهذه الوعود أرادت بارك الخروج من ظل والدها، الجنرال السابق غيون هاي بارك، الذي قاد انقلابا عسكريا في عام 1961 وخسر السلطة في عام 1979 اثر انقلاب آخر نظمه رئيس جهاز المخابرات. وقد حكم الدكتاتور العسكري البلاد بالحديد والنار، مستندا إلى ارث معاداة الشيوعية الذي كان بارعا في توظيفه.
ولكن هذه الوعود سرعان ما تبخرت وعادت حليمة إلى عادتها القديمة، حيث شنت بارك التي تنتهي ولايتها رسميا في شباط 2018 حملة قمع وتمييز واسعة طالت النقابات وقوى اليسار السياسية والمنظمات الاجتماعية، وتبنت سياسة خارجية قائمة على تعميق الخلاف بين دولتي الجنوب والشمال.
ويتوقع ان تشهد الأسابيع والأشهر المقبلة السياسة الداخلية والخارجية في كوريا الجنوبية اضطرابا متواصلا. فحزب الرئيسة المبعدة اليميني المحافظ يعاني صراعات حادة وهو مهدد بالانشقاق وكتابة نهايته السياسية. وتهدد الاضطرابات والضغوط الداخلية والإقليمية بإيقاف العمل بالخطة المشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية، والقاضية بنشر نظام صاروخي دفاعي حديث في سيونغجو في مقاطعة كيونغ سانغ الشمالية. وسيتبين ما إذا كان الرئيس الأمريكي المنتخب سينفذ مطالباته خلال الحملة الانتخابية بمشاركة اكبر لكوريا الجنوبية في تكاليف تأمين الاستقرار والسلام في شبه الجزيرة الكورية.