أزمة الكهرباء تنهك المواطن تحت جحيم تموز!

رعد محمد حسن
لا يعقل ان يعيش العراقيون عقودا من المعاناة نتيجة ازمة الكهرباء دون ان تتمكن الحكومات المتعاقبة من إيجاد الحلول لها. فقد صار الأمر - على راي المثل – يشبه "قصة عنتر " او حكاية من حكايات الف ليلة وليلة التي لا تنتهي!
عشرات المليارات صرفت من الموازنات المالية السنوية على قطاع الكهرباء، والمحصلة هي استمرار القطع المبرمج وحتى غير المبرمج.
وتحمل المواطنون الكثير من الهموم والمعاناة نتيجة أزمة الكهرباء الأزلية، التي تصبح في أوجها خلال فصل الصيف اللاهب، وصرفوا من جيوبهم أموالا طائلة ليشتروا المولدات الصغيرة، أو يسحبوا خطوط كهرباء من المولدات الأهلية التي بدت جزءا لا يتجزأ من حياتهم اليومية. وبعد أن أصابهم اليأس من تحسن المنظومة الوطنية, باتوا يتوددون لأصحاب المولدات الأهلية، ويترجونهم في تشغيلها بانتظام ووفق المواعيد المقررة، والتعجيل بإصلاحها في حال أصابها عطل مفاجئ. وصار المواطن يسارع إلى تسديد أجور خط المولدة، خشية أن يغضب صاحبها ويقطع الخط عليه من دون إنذار سابق!
وعود الوزراء والمسؤولين في تحسن التيار الكهربائي الوطني، أتعبت المواطنين الذين لم يجنوا منها سوى "الخيبة" على حد وصف الكثيرين منهم، الذين يتساءلون: أين الصيف البارد الذي وعدونا به؟ واين تصدير الفائض من الكهرباء الى دول الجوار الذي بشرونا به؟ وأين الأموال الطائلة التي صرفت على هذا القطاع المهم، ولماذا لم تتحسن خدماته، بل انها أصبحت من سيئ إلى أسوأ؟
والمضحك المبكي ان أحد المسؤولين كان قد دعا اصحاب المولدات الاهلية إلى بيع مولداتهم في سوق الخردة باعتبار ان الكهرباء الوطنية ستتحسن. فكان ان ازدادت حاجة المواطنين إلى المولدات الأهلية، بعد هذا التصريح الغريب!
ويبدو ان لا إرادة لدى أي من الحكومات المتعاقبة، في حل أزمة الكهرباء، رغم التخصيصات المالية الهائلة التي ذهبت إلى جيوب الفاسدين – على حد قول المواطن جاسم محمد من أهالي حي الرسالة في بغداد، الذي يشير إلى ان جانبا كبيرا من المشكلة يتمثل في كون الحكومة، ايا كانت، لا تستطيع الاقتراب من التجار الذين يستوردون عشرات الألوف من المولدات للقطاعين العام والخاص، على مدى اكثر من عقد من السنين، حتى اصبحوا "حيتان" في هذه التجارة المربحة، هم ومن يقف خلفهم من المتنفذين الفاسدين, "فمن يقوى عليهم، وبماذا يتاجرون في حال تحسنت الكهرباء الوطنية؟".
ويضيف قائلا ان ما يزيد الموقف تعقيدا، هو ان عشرات الالوف من اصحاب المولدات الذين يعملون في الأحياء السكنية، ويجهزون منازل المواطنين بالكهرباء، باتوا يمارسون وظيفة أشبه ما تكون دائمة، لا يمكن تجاوزها في الوقت الحالي "الا اذا وافقوا على الانضمام الى قافلة العاطلين عن العمل وما اكثرهم".
ويتابع قوله "هل كان الإصرار على خصخصة توزيع الكهرباء وجبايتها، يأتي كمحاولة مبطنة لتحويل "الحيتان" من سوق تجارة المولدات الى الاستثمار في قطاع الكهرباء، وبالتالى تحويل هذا القطاع خطوة بعد خطوة الى الاستثمار الشامل من قبل هؤلاء "الحيتان" الذين لن يشبعوا حتى ينهبوا الجمل بما حمل!؟".
ويعرب الكثير من المواطنين عن معاناتهم نتيجة ازدياد ساعات انقطاع التيار الكهربائي مع تصاعد حرارة الصيف، وتجاوزها نقطة منتصف درجة الغليان، مبدين امتعاضهم من الصمت الحكومي ازاء واقع حالهم المزري، وعدم اتخاذ أي إجراءات عاجلة لانتشالهم من محنتهم هذه. فقد باتت منازلهم خانقة بفعل حرارة الجو وانقطاع الكهرباء، وصارت أجهزة التبريد لديهم تمر في مرحلة سبات، كونهم لا يستطيعون تشغيلها على خطوط المولدات الأهلية، وحتى على الكهرباء الوطنية التي تكون في غالب الأحيان ضعيفة ومنخفضة "الفولتية"، الأمر الذي تسبب في زيادة حالات الإعياء بين الأطفال والمسنين والمرضى.