كان صديقي مولعا بالنكتة، رواية وابتكارا، ويتمتع بسرعة بديهة يحسد عليها . سيق الى الخدمة الالزامية في مطلع سبعينيات القرن الماضي وبعد ان اكمل المدة المقررة جاء يوم تسريحه من الجيش، فكان عليه ان يحصل على براءة ذمة موقعة من آمر السرية قبل ان يزود بكتاب رسمي موجه الى دائرة تجنيده من اجل المصادقة على تسريحه.
دخل على الضابط المعني وادى له التحية العسكرية .
اخبره الضابط بانه ما زال بذمته عدد من الطلقات وقيمتها 350 فلساً فاخرج صديقي ديناراً من جيبه رأى الدينار، حتى هاج وماج وصرخ بوجه صديقي:
ـ لك شنو اني بقال؟ ، اني جايجي؟، اني بنجرجي ؟ امطلعلي دينار افندي ؟.. امنين اجيبلك خردة؟
فقال له صديقي بكل هدوء واسترخاء:
سيدي ليش صاير عصبي؟ رجعّلي الباقي طلقاااااااااات!
تذكرت صديقي هذا وانا اتابع على التلفاز جلسة للبرلمان وأخرى للحكومة، وكلاهما، البرلمان والحكومة، سيكونان في خبر كان بعد اسابيع معدودة. اي سيبدأ تسريحهما بقضهما وقضيضهما قريبا. يعني منطقيا ان عليهما ان يحصلا على براءة ذمة. لان كل موظف في الدولة لا يستطيع ان يترك رئاسة قسم او شعبة او يحال على التقاعد، الا وعليه، قبل كل شيء، الحصول على براءة ذمة من الدولة التي تعتبر فلوسها وأشياءها ملكاً للشعب اي مال عام، مثل طلقات صاحبي فهي ملك عام .
ولكن البرلمان والحكومة يجب ان لا يكتفيا ببراءة ذمة جماعية، بمعنى واحدة للبرلمان واخرى للحكومة، بل براءة ذمة لكل عضو برلمان ولكل عضو في الحكومة.
لان ما استلموه من مبالغ وما استعملوه من اثاث مثلا هو من المال العام، وعليهم ان يبرأوا ذممهم امام شعبهم وامام الخالق الذي يعبدون، و"البعض" منهم باسمه يلفلفون ويحوسمون ويتجاوزون. وهذه البراءة ملزمة للجميع ولا يسمح لمن لا يحصل عليها، بالعمل ثانية في اي تشكيلة من تشكيلات السلطات الثلاث .
واعتقد بهذه الطريقة البسيطة سيضبط الضابط اعصابه وسينام صديقي طيب الذكر قرير العين.