تلعفـر البداية / قيس قاسم العجرش

نحتاج الى بداية. بداية تختلف عن البدايات التقليدية التي درجت على سلوكها السلطات خلال 11 عاماً مضت. أقول بداية مختلفة لأن البدايات المتشابهة تنتج في العادة نتائج متشابهة وهو ما لا يرغب فيه العراقيون بمعظمهم على الأقل.
ما يجري في تلعفر هو نوع من محاولة تغيير البدايات لتنتج نهايات مختلفة، ورغم بعد المكان عن المناطق الآمنة التي تسيطر عليها القوات الأمنية إلا أن نوعاً مهماً من الصمود يجري هناك قوامه أهمية الارض ومنع إرهابيي داعش من التواصل الجغرافي المريح مع أعوانهم في سوريا.
القوات القليلة المتبقية هناك ضربت مثالاً لما يمكن أن تنفذه بندقية الجندي لوحدها إن كانت عاقدة العزم على البقاء وإن كانت تفهم أن الأرض التي تحتها هي جزء من عراق يحتوي الجميع. ادرك هؤلاء أن الأرض التي تحت أقدامهم لا يمكن التنازل عنها لأي سبب.
وهذا بالضبط ما ينبغي ان نراه بعد خطوة جمع المتطوعين التي ضلعت بها الأحزاب السياسية وبالغ البعض في التمظهر على حساب مشاعر الناس الحقيقية التي تحترق قلوبها فعلاً على ارض العراق.
رغم أن المتطوعين انفسهم غير معنيين بنفخ الهواء في أشرعة السياسيين، قدر حرصهم على أن يعيشوا في بلد ذي كرامة لا تسفكه عصابات داعش الإرهابية.
عامة الناس اليوم تشعر بالمرارة من إعتداء داعش وإرهابها، وتشعر بالمرارة أكثر من ضعف الرد والإستعداد، والخلل الذي تبين وجوده في بناء بعض القطعات العسكرية.
الأمم في العادة لا تقف طويلاً امام الإنكسار إلا وتتأهب بعزيمة أقوى لتجاوزه، لذلك فالفرصة اليوم أكبر بكثير لإنجاز ما تعسّر إنجازه في وقت»التراخي»والإنشغال بحرب الكراسي السياسية.
المتطوعون اليوم لا حاجة لهم بكيان سياسي يستغل شعلة إندفاعهم لخدمة بلدهم، بل هم بحاجة الى بداية جديدة تختلف في ما ستطرحه في النهاية على الواقع، فلم يعد الأفق يتحمل مزيداً من المغامرات والمزايدات والمزايدين.
جنود تلعفر وضباطها الصامدون يصلحون كبداية مهمة يحتذيها الراغبون في بناء جيش يحمي الوطن، بكل أبنائه وبكل أيامه، ويحمي الدستور قبل كل شيء