شرطي جديد للاسلام السني المتطرف في الشرق الاوسط / حيدر سعيد

بعد صعود حزب العدالة والتنمية في تركيا العضو في حلف الناتو ، بدأ بنشر سياسة (اسلمة المجتمع) مما ادخله في صراع مع العسكر، حماة العلمانية التركية !! لكن الستراتيجية الجديدة للادارة الامريكية التي تريد للاسلاميين الجدد في تركيا لعب دور يتناسب وموقعهم في المنطقة كما كان دور ايران الشاه ، خاصة بعد الحراك الشعبي (والربيع العربي)، الذي اخاف مصالح الغرب واقلقهم. لذلك وقفت مع الحزب الاسلامي (العدالة والتنمية ) بقوة، ليكون حارساً ومرجعاً (للاسلام السني) ونداً وخصماً لدور ايران الشيعية في المنطقة، نافخة في احلام تركيا التوسعية القديمة (الدولة العثمانية)، التي اكدها وزير خارجية تركيا بقوله: (نعم نحن العثمانيون الجدد ، نجد انفسنا ملزمين بالاهتمام بالدول الواقعة في منطقتنا .....).
ولذلك وجدناها تهرع الى احتضان (الاخوان المسلمين) ودعمهم في كل من سوريا ومصر والعراق، بعد ان هيأ ت الادارة الامريكية الاجواء، انطلاقاً من الداخل للعب هذا الدور، وذلك بتقليص سلطة العسكر لفسح المجال امام مايسمى بالحكم المدني المغلف بالاسلام السني لحزب العدالة والتنمية، ليكون مستقبلاً نموذجاً يحتذى به في البلدان العربية. اي تعميم النسخة التركية على البلدان العربية وخاصة تلك التي حدث فيها (الربيع العربي) لتشويه الحراك الشعبي وايقاف (الحصان الجامح) !! وحرف مساراته بما يخدم الاجندة الخارجية، فكان ( الاخوان المسلمين ) خير من يقوم بهذا المشروع، (مشروع بايدن). فبعد ان كانت علاقة تركيا بالنظام السوري متميزة والزيارات والتنسيق بين النظامين تستفز اسرائيل وايران !! انقلب بين عشية وضحاها الى عداء سافر، تتبنى على اثره تركيا دعم ما يسمى بالمعارضة الاسلامية السنية (داعش وجبهة النصرة )!! وتفتح اراضيها لتدريب المتطوعين العرب والاجانب، وارسالهم الى الاراضي السورية، ليقوموا بتدميرها وسفك دماء الابرياء من ابناءها وخلق الفوضى لاضعاف الدولة. على الجانب الاخر اخذت تحرك بعض اطراف السنة بالعراق، باشارات منتخبة من الخارج كما جرى لطارق الهاشمي وغيره، بهدف زعزعة الوضع في داخل العراق مستغلة التخبط والارتجالية لنظام المحاصصة الطائفي القومي، الذي جاء به المتنفذون بعد الانتخابات، ليعرقل مسيرة الديمقراطية الوليدة وينهي العملية السياسية بالعراق بانتاج الازمات.
لم يقف دور تركيا (الشرطي الجديد) المكلف، بحدود العراق وسوريا، بل ذهبت بعيدأ الى ليبيا وتونس ومصر، لاضعاف الحراك الشعبي وخلق الفوضى، واسناد الاخوان المسلمين في هذه البلدان، ومدهم سياسيا ومادياً واعلاميأً، كذلك تسهيل عبور المتطوعين العرب والاجانب اليها.
ان سياسة الادارة الامريكية (الفوضى الخلاقة) تطبق اليوم عن طريق احزاب (اخوان المسلمين) في البلدان العربية، والشواهد على ذلك واضحة ابرزها موقفها مع (الاخوان المسلمين) في مصر، وامريكا تعترف به علناً. فدعمها (لداعش وجبهة النصرة وغيرهم من الحركات الارهابية) بالسلاح المتطور والايعاز الى اصدقاءها بالمنطقة من مساعدة هذه المنظمات الارهابية مادياً وبالمرتزقة ليس خافياً، بالوقت الذي تحجب السلاح عن العراق الذي يرتبط معها بمعاهدة استراتيجية بحجج واهية. يفند هذا كل ادعاءات الادارة الامريكية تلك، ويؤكد صحة القول بخلق الفوضى وتقوية الارهاب واضعاف الدولة العراقية.
ان محور الاسلام السني الامريكي الذي تقف على رأسه تركيا النظام ويضم السعودية وقطر، موجه ضد الديمقراطية اساساً وكل ما من شأنه ان لاينسجم مع السياسة الامريكية ، بتصعيد الخوف والذعر من تمدد الاسلام الايراني الشيعي. الذي يعرف القاصي والداني موقف ايران النظام من اسم الديمقراطية الوليدة بالعراق !!، التي لاتنفك عن اثارة المشاكل والعقبات وتحريك الاحداث بما ينسجم ومصالحها، تقف متفرجة تارة ومشجعة تارة اخرى على مايقوم به المتطرفون وإن اختلفت العناوين والمبررات.
ان نظام المحاصصة الطائفي القومي كان الاساس في اضعاف العراق داخلياً وادخاله في دوامة الازمات، هو من شجع بعض الدول على التجاوز والتطاول على الدولة العراقية وتسهيل دخول الارهابيين (داعش واخواتها).
لكن المعركة التي تدور رحاها اليوم في العراق هي بين الارهاب وحلفائهم من بقايا النظام الاستبدادي من جهة، والقوى الوطنية والديمقراطية التي تتوق الى الديمقراطية والعدالة الاجتماعية من جهة اخرى، هي معركة مفتوحة تتطلب الماماً بما يحيط بها والدوافع من ورائها والقوى المحركة لها، وكيفية التصدي لها، ومن هي القوى التي يؤتمن اليها في هذا المنعطف الخطير؟ فمن لا يدرك ذلك لا يدرك حجم الخطر، واي توجه خلاف وحدة العراقيين الوطنية جميعا، سيصب في مصلحة الاعداء الخارجيين والداخليين، الذين يتفقون اليوم بمختلف مناهجهم الفكرية الظلامية المتخلفة بنحر الديمقراطية والديمقراطيين، والاجهاز على العملية السياسية والعودة بالشعوب العربية الى عصور الجهل والانحطاط والاستبداد.