تحت الاربعين !/ قيس قاسم العجرش

لم يرتفع سعر خبزنا الأسود (النفط) الى حدود ما توقّعته الموازنة، أو لنسمّها قشّـة الهواء التي نتنفسها ونحن نغرق كشعب.
النحس المُتلازم يأبى أن يغادر بسهولة، لكن لنا أن نسأل: ما الفرق الحقيقي في حياة الناس لو افترضنا أن داعش لم تظهر وأن النفط لم تنكسر عينه في السوق العالمية؟
اليوم الذي كان فيه النفط يرقص فوق عتبة المائة دولار للبرميل ليس ببعيد ..مجرد 14 شهراً مضت عليه وهو الذي غطى موازنة عام 2013 بثلاثين بطانية إضافية. في الحقيقة وصل الى سعر قارب المائة وعشرين دولاراً للبرميل اي أكثر مما خُطط له آنذاك بثلاثين في المائة.
لكن باب السلع والخدمات في بنود حسابات الوزارات الوقحة في صرفياتها يفضح الكثير.
ومنذ أن بانت أوراق الحسابات الشهرية للعام الماضي (عام اللا موازنة!)، ظهرت معها عشرات التساؤلات ومئات البنود التي تحتاج الى إجابات من قبل الحكومة. طبعاً لا ينفع أن نحتال على أنفسنا ونقول:الحكومة «السابقة»! فالقوى السياسية التي شكلت»السابقة»، هي ذاتها من تفنن في إخراج «الحالية». ولا معنى أن نعلّق الأسئلة برقبة»سابقين»هم أنفسهم من صاروا «اللاحقين» ولكن بتغيير في المراكز. أما الأحزاب التي فازت في الإنتخابات وتقاسمت حصصها في السلطة فهي تتقاسمها اليوم أيضاً وبنفس القيادات والزعامات.
إذن، كيف نحاسب»السابقة» ونعفي»الحالية»؟! أمّا أن نتّجه لرمي»العتب» على كاهل رئيس الحكومة»السابقة» فهو نوع من تعمّد تكرار الوقوع في الأخطاء والسماح بتكرارها وصمّ الآذان وطلس العيون عن المُرتكبين الحقيقيين لفوضى إدارة الدولة التي نعيشها.
كانت القرارات تتخذ في مجلس وزراء الحكومة»السابقة»بالتصويت، وكانت أهم أحزاب الحكومة»الحالية»مُمثلة في تلك السابقة أيضاً ولم يعترض أحد من وزرائهم على آليّة اتخاذ القرار في مجلس الوزراء ولم ينقلوا هذا الإعتراض الى جمهورهم. فالحجّة عليهم قائمة بأنهم ساهموا في صنع القرار، الذي اتضح في ما بعد أن نتائجه أدّت الى فشل حكومي واسع ندفع ثمنه الآن على شكل خزينة خفيفة رشيقة! وجيش بحاجة الى تدريب! وتنظيم إرهابي لم ينتظر إستدعاء الجنود الفضائيين قبل أن يقضم ثلث العراق.
إذا كنا سنتعوّد على طقطقة العظام من القلق كلّما هبط سعر النفط تحت الأربعين دولاراً فإنها «عيشة تقصّر العُمر».
حتى نكون دولة بملء الفم، وجب ألا نتمسك بطريقة واحدة للحل وهي: إنتظار أن ترتفع اسعار النفط! هل نسينا الإستثمار في الإنسان نفسه؟! أم إن الحكومة لم يعد لديها إيمان بالإنسان إلا في موسم الإنتخاب؟