ان المؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين...!!! / رجب معتوق *

اثار نشرنا لخبر استقبال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال سوريا السيد جمال القادري، واستقبالنا في الامانة العامة للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، للسيد علي رحيم الساعدي رئيس اتحاد عمال العراق والوفد المرافق له خلال الأيام الماضية ردود فعل متباينة لدى الأوساط النقابية العراقية.
فبعضهم رحب باللقاء، والبعض الاخر عبر عن اعتراضه وغضبه وسخطه، واخرون اتصلوا بِنَا عبر الهاتف والايميل ووسائط التواصل الاجتماعي مستفسرين، وذهب اخرون الى ابعد من ذلك حيث افرغوا ما بجوفهم من قيء، مهددين ومرغدين ومزبدين وكأننا موظفون في دوائرهم. وبعضُ اخر طار مستنجدا.
وعلى أية حال نحن احترمنا كل الآراء خاصة تلك التي لم تسء أدب الحوار، ايمانا منا بحق الجميع في التعبير.
ويهمنا هنا، في هذه المساحة ان نتحدث عما يخصنا في الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، اما ما يخص الاتحاد العام لنقابات عمال سوريا فهذا شأنهم لا نتدخل فيه.
فنحن في الامانة العامة نقول، والاخوة النقابيون العراقيون قبل غيرهم يعرفون ذلك، ان أبواب الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ما كانت ابوابه يوما الا مشرعة امام كل العمال العرب على مختلف الوانهم واطيافهم وانتماءاتهم ودياناتهم ومذاهبهم وجنسياتهم.
ونحن نقبل الحوار مع الجميع بقلوب صادقة وصافية ومنفتحة وخالية من أية عٰقد. لأننا نؤمن ان ذلك هو سبيلنا للتقريب بين وجهات نظر كافة المكونات النقابية العربية، ولأننا ننشد الوحدة النقابية المثالية وفقا لما يرشدنا اليه دستور الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، الذي يؤكد على الوحدة النقابية، والحريّة النقابية، والاستقلالية النقابية، والحوار النقابي.
عندما كان الاتحاد الذي يترأسه السيد علي رحيم الساعدي، عضوا بالاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، لم نقفل أبوابه أمام الآخرين بل استقبلناهم بكل الترحاب، وتحاورنا معهم بكل أدب وانفتاح، ولم نبخس حقهم في شيء. وهكذا كنّا مع بقية المكونات النقابية العراقية الاخرى التي استقبلناها مرارا وتكرارا. وفي كل المرات كان هدفنا في الحوار معهم هو وحدة الحركة النقابية العراقية، وبحث الاليات والوسائل التي تمكننا جميعا من تحقيق هذا الهدف. بما في ذلك الإخوة في اقليم كردستان العراق، لأننا نؤمن دائما بوحدة العراق أرضا وشعبا ومؤسسات. وهذا التزام منا بقرارات صادرة عن الهيآت الدستورية للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، والتزاما بأدبياته ودستوره.
لقد احترمنا قرار المجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب بقبول عضوية الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق الذي يترأسه الأخ ستار دنبوس. واقصاء الاتحاد العام لنقابات عمال العراق الذي يترأسه الأخ علي رحيم الساعدي. وهو القرار الذي ذكرتنا به دائرة الاعلام بالاتحاد العام لنقابات العمال في العراق، اعتقادا منها اننا نسيناه، او تجاوزناه، على اثر استقبالنا للسيد علي رحيم الساعدي والوفد المرافق له الذي قام بزيارة مجاملة لمقر الامانة العامة للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب.
ونحن كنّا قد أكدنا ان هذه الزيارة، وهذا الاستقبال الذي قد يتكرر في اي وقت مستقبلا، لا يمس بأي حال من الأحوال بوضع الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق الذي يترأسه السيد ستار دنبوس، ولا يقلل من احترامنا وتقديرنا لهذا الاتحاد الذي اصبح عضوا أصيلا بالقرار المشار اليه والذي اتخذه المجلس المركزي في دورته التي انعقدت بالقاهرة خلال شهر ايلول من العام الماضي. ولكنه قد يخدم وحدة الحركة النقابية العراقية التي نسعى اليها جميعا بما في ذلك السيد ستار دنبوس نفسه. ويذكر السيد ستار دنبوس اننا بحثنا معه في هذا الامر خلال زيارتنا الاخيرة للعراق، وأننا اقترحنا عليه تقديم المبادرات التي يمكن ان تستوعب كل مكونات الحركة النقابية العراقية بما في ذلك الإخوة في اقليم كردستان العراق، ووضعنا أمامه تصورات مختلفة منها إمكانية الأخذ بتجارب دول عديدة في العالم تقبل بالتعددية النقابية. وقلنا له انه بالإمكان طرح فكرة إقامة كنفدرالية تضم كل المكونات القائمة حاليا والتي تعترف بها وزارة العمل العراقية وتتعامل معها.
يعني في المحصلة كان هدفنا مشتركاً وواحداً وهو وحدة الحركة النقابية العراقية، كما هي جهودنا في توحيد كل الاتحادات العمالية العربية، لأننا على قناعة انه ليس امام العمال العرب الا الوحدة، اما تفرقهم فلا يعكس الا مزيدا من الضعف والهوان.
وبالعودة لأولئك الذين يتخذون من إقصاء الاخر نهجا وثقافة لهم، ويعتقدون انهم وحدهم، او ينبغي ان يكونوا وحدهم على الساحة، فنقول ان هذا الأسلوب لا يبني الامم القوية والمتماسكة، ولا يحافظ على السلم الاجتماعي والأهلي.
وتعود بنا الذاكرة هنا اننا عندما سألنا معالي الاستاذ محمد شياع السوداني وزير العمل والشؤون الاجتماعية العراقي ذات يوم اثناء استقباله لنا بمكتبه في بغداد، عن موقف وزارته من بقية الاتحادات العمالية العراقية أجابنا بأن الوزارة تتعامل مع الجميع على قدر المساواة، وأنها بصدد اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحديد الأكثر تمثيلا منها !!
ولا ندري لماذا اشتط البعض بغضبهم علينا لمجرد استقبال وفد، بينما نراهم يتأرنبون امام موقف الحكومة ؟
في الميلة الاخرى، فأن تجربتنا مع بعض الاتحادات العمالية العربية دفعتنا الى ضرورة الانفتاح اكثر مع كل مكونات الحركة النقابية العربية، وبما لا يخالف دستور الاتحاد وأدبياته.
فمثلا... لعقود مضت كان الاتحاد العام المغربي للشغل يأبى علينا، بل ويرفض رفضا قاطعا، لقاءنا بأي من مكونات الحركة النقابية المغربية الاخرى، بل قاوم وببسالة قبول اي منها لعضوية الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، وكال لها الاتهامات بأنواعها. ولكنه اخيراً رأى من مصلحته ان يضع يده في يدها ويمضي معها بعيدا، بل ويترك هو الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، ونخرج نحن بسواد الوجه.
وهكذا كان الحال مع الإخوة في الاتحاد العام للعمال الموريتانيين..!
وأخيرا وليس بأخر، ها هو شيخ النقابيين العرب السيد حيدر ابراهيم " ابوسمير" الامين العام لاتحاد عمال فلسطين، يضع يده بيد زميله شاهر سعد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، بعد حروب داحس والغبراء التي استمرت بينهما لعقود، كان فيها السيد ابو سمير خصما شرسا لزميله شاهر سعد، ولكنه اخيراً ولدواعي المصلحة قبل ان يكون عضوا في وفد يترأسه شاهر سعد بمؤتمر العمل الدولي بجنيف، ويتناولان معا وجبة غداء شهية اقامها على شرفهما السفير الفلسطيني في جنيف، ويستمتعان ووفداهما معا بوصلات طربية للفنان الفلسطيني الشاب، محمد عساف، ولنخرج نحن بسواد الوجه للمرة الثالثة على التوالي!ان المؤمن لايلدغ من جحر واحد مرتين أيها الإخوة الرفاق!...
وفهمكم كفاية!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب