حرية التعبير عن الرأي/ سلام خماط

بدأت الدعوة للمطالبة  بحرية العبير مع الفيلسوف الصيني ( كونفيشيوس ) الذي رأى إن المعرفة والحرية تساعدان على حياة أفضل للفرد والمجتمع , واستمرت المناداة من بعده لفلاسفة آخرين منهم سقراط وافلاطون وأرسطو الذي ألقى على الفرد مسؤولية الاختيار الحر ,إلا ان مفهوم الحرية في العصر الحديث يرجع الى عام 1688 في انكلترا عندما اصدر البرلمان قانون " حرية الكلام في البرلمان " وبعدها بعشر سنوات تم إعلان حقوق الإنسان في فرنسا والذي نص على : ( حرية الرأي والتعبير جزء أساسي من حقوق المواطن ) وهكذا فقد تجسد تراكم الفكر الفلسفي عندما صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 والذي نص على حق الفرد في حرية التعبير والرأي واستقصاء المعلومات والأفكار ,أما فيما يتعلق بالدستور العراقي الدائم لسنة 2005  فقد نصت  المادة 38 :تكفل الدولة وبما لا يخل بالنظام العام والآداب : أولا: حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل  .ثانيا :حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر .ثالثا : حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وينظم بقانون .كما ونصت المادة 46: لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناء عليه , على ألا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحرية او الحرية .

تعد الصحافة من أهم أدواة التعبير عن حرية الرأي لكنها واجهت ضغوطات سياسية وفكرية شديدة من تأسيسها إلى ألان  حتى وصلت حد القتل والتهجير تارة من قبل الحركات المتطرفة وأخرى من قبل الحكومات الاستبدادية ,لكن الصحفي الحر والمستقل رفض كل أشكال الاحتواء السياسي والفكري الأمر الذي دفعه إلى الهجرة إلى الدول التي تبيح حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير ,فلا يمكن ان تسود حرية التعبير في أي بلد ما من دون وجود بيئة تتسم بالتسامح ,في العراق بعد عام 2003 برزت ظاهرتان هما الفساد والإرهاب وهما عبارة عن وجهين لعملة واحدة فأكثر العمليات الإرهابية إنما تمول من أموال الفساد المالي ومن واجب الصحافة ان تكشف عن هذه الظاهرة وتوضح صورتها للمجتمع  كون الصحافة والإعلام  ظهير للمجتمع يمنحه العين التي تبصر والأذن التي تسمع  ولابد للإعلام والصحافة ان تساهم في صنع رأي صائب بعيدا عن اللبس والغموض والتظليل وهذه المهمة لا يمكن ان يتبناها غير الإعلام  الصادق الذي يتحرى الحقيقة أينما وجدت وكيفما كانت ,انه الإعلام الموضوعي الهادف ,وعلى الطبقة السياسية والحكومة بشكل خاص إذا أرادت ان تبني دولة متطورة مدنية ينعم شعبها بالخير والأمان  عليها ان تغادر أي فكرة أو تصرف يمكن ان يحد من حرية الصحافة ,لان الصحافة من أدوات بناء الدولة ,يقول الرئيس الأمريكي (توماس جفرسون 1787م ): لو أنني خيرت بين ان تكون لدينا حكومة بدون صحافة ,أو صحافة بدون حكومة لما ترددت في تفضيل الخيار الأخير ).

فلا أهمية للصحافة إذا لم تساعد على تحريك الرأي العام وتغيره من حال إلى حال أفضل ,نتمنى ان تكون لدينا صحافة ( سلطة رابعة ) حقيقية مكملة للسلطات الثلاثة وليس تابعا لها كي لا تتمكن السلطة من ترويض الصحفي وإخضاعه ولي ذراعه  ,ونريد للصحفي ان يكون عونا في عملية بناء الدولة  وتقويم الاعوجاج ورعاية المجتمع .