ترسخ في ذاكرتي عن المشؤوم 8 شباط 1963 / سلام القريني

في صبيحة ذلك اليوم الذي سمي في الادب الشفاهي شباط الاسود الدموي ..
حيث فزع الصبية وهم يسمعون طرقا شديدا على ابوابهم الخشبية وما ان تفتح الباب حتى يدخل نفر يشهرون أسلحة أوتوماتيكية, عبارة عن بندقية صغيرة بدون اخمص خفيفة النقل سريعة القتل تحمل اسم مدينة قاتل ابناؤها العدوان الثلاثي سنة 1956ببسالة، وكنا معهم متضامنين، اسمها بور سعيد جاءت الينا من بلد اخ لنا في العروبة ورابطة الدم صدرت الينا من مصر ام الدنيا جمهورية مصر العربية إلى العراق خصيصا لهذا اليوم الذي برع فيه المجرمون..وهم يسحلون الاب والزوجة والابن والبنت، المناضل والمناضلة دون استثناء من فراش دافئ وفرته ثورة كانت تنتصر للحياة، جاءوا ليقتلوا الثورة وثوارها الذين نقلوا العراق من حكم ملكي فاسد ربط البلد بمنظومة إسترلينييه مهمتها الأساس سرق البلد وافراغه من عقوله وخيراته الى نظام جمهوري مدني يطمح أن تسمو فيه قيم المساواة والعدالة الاجتماعية وتعلو فيه أيضا المواطنة هؤلاء القتلة يريدون العودة إلى الوراء لدياجير الظلام، والجهل والاستعباد والقهر والاستبداد.. وما اشبه الامس باليوم .
مهمتهم الأخرى:
الانقضاض على كل القوانين التي انتصرت للفقير الذي هو الفلاح الذي كان يرزح تحت نير الاقطاع والعامل والموظف والكاسب والمثقف وإبقاء المرأة أمية محرومة من ابسط حقوقها في الحياة.
أيضا كانت التوجيهات الصادرة من الدوائر ذات الأصابع الخفية ان يكون هناك حلف ثلاثي الاضلاع يتكون من رجل دين يفتي وشرطي بملابس مدنية يشد على زنده خرقة خضراء كتب عليها (الحرس القومي) اما الضلع الثالث والأخير هو تحالف بغيض ضم كل ايتام الاستعمار واذنابه القومجية والسراكيل والرجعيين ليفعلوا الاتي:
• نصب السيطرات في الازقة والمحلات
• القبض على الشيوعيين في كل مدن العراق وزجهم في زنزانات مظلمة باردة وتعذيبهم وانتزاع الاعتراف حد الموت
• فض بكارة العذارى في المكتبات العامة وفي الأسواق المركزية.
• ارسال من يعصى عليهم الى قصر النهاية.
• نشر البراءة المهينة علنا في جريدة المنار.
• الاعتداء على العلماء والمفكرين والادباء والكتاب.. أصحاب القلم الرفيع.
• تخصيص قطار لنقلهم الى نقرة السلمان في فاركونات حديدية في تموز اللاهب.
هل تعرف من أوكلت إليه هذه المهمة القذرة ؟
طبعا سيتبادر الى الذهن كل من السادي والشاذ واللص والمنحرف والشقاوة والذي ارتسمت في وجهه علامة فارق (ضربة مطوه, ضربة شومه, ضربة خنجر) .
واسماؤهم مازالت محفورة في الذاكرة الجمعية أمثال الشيخلي والونداوي وناظم كزار ومحسن الشيخ راضي وصدام وابن العورة .... الخ
بعد ان قتلوا الزعيم عبد الكريم قاسم وزملاءه من الضباط الاحرار المهداوي وماجد امين ووصفي طاهر وعبد الكريم الجدة انطلقوا مسرعين نحو :
• العالم عبد الجبار عبدالله
• العالم الماركسي إبراهيم كبه
• المفكرين الشعراء، الفنانين الكتاب، المعلمين المعلمات، والمحامين واخرين.
• السياسيين وابرزهم قادة الحزب الشيوعي وفي مقدمتهم الأسطورة الشهيد سلام عادل .
ونحن نستذكر هذا اليوم الذي كان وصمة عار في جبين من رسم وخطط ونفذ له علينا أن نأخذ العبرة والدرس، واعين تماما ان المؤمن لا يلدغ من ذات الجحر مرتين، وليعي ساسة اليوم الذين ساقوا البلد الى المتاهات، وليعودوا الى الرشد والحكمة والعلم لبناء وطن حر كريم ينعم الجميع فيه بالخير والامن والسلام.. وإلا لات ساعة مندم!