الخنوع (موهبة) / حميد حرّان

الإدارة الفاسدة، الفاشلة، في عراق اليوم أنتجت ردود أفعال شتى، بين عقول رصينة، تطرح بدائل، لغرض إصلاح ما أفسدته زمر (المتحاصصين)، تتوجه بخطابها لهم على أمل أن يكون هناك من يأخذ بالنصيحة، تارة، وتتوجه بخطابها التحريضي للشعب تارة أخرى، وبين من سحقتهم عجلة الشرذمة والتفتيت المتعمد والممنهج لكل مقومات الوحدة الوطنية، فنزح البعض، هربا من زمر الإرهاب، وأسلحة الطوائف الكاتمة، والصائتة، تاركاً ملاعب صباه، ومصدر رزقه، نادباً حظه العاثر، عاتباً على رب العزة لِمَ خلقه في هذه الأرض المسكونة بأسباب الموت؟ وهناك من عانى الأمرين بسبب المرض، وتدني مستوى الخدمات الصحية، الى مادون مثيلاتها في أكثر بلدان الله فقراً، وقد تسمع (بطران) مثلي! يتحرق على إنهيار المؤسسة التربوية، وفشل التعليم وإنتشار الأمية بأرقام غير مسبوقة!.
المهم (كسر بجمع) هناك تذمر عام، قد لا نحترم بعض تمظهراته لاسيما السلوكيات المنحرفة للبعض، لكن الطامة الكبرى إن بعض العراقيين – على قلة عددهم – يُظْهِرونَ ما يَشيبُ له رأس الرضيع، من تبريرات لمجريات الأمور، من التذلل والنفاق والتابعية لتيجان الرأس، والخطوط الحمراء.
أسألُ الله أن لايجمعكم بواحد من هؤلاء الذين يُقطعون نياط القلب، ويرفعون ضغط الدم ويُسببون الكآبة، لقد جمعتني الصدفة بأحد (إخوة رضيه) وهو يَذبُ عن المفسدين بإستسلام مَهين، ويُدافع عنهم بطريقة لا يُجيدها بعض ممتهني المحاماة، ممن يُفاخرون بقدرتهم على قلب الحقائق وتحويل القاتل الى بريء. هذا المسخ علق كل مكابدات الناس وأوجاعهم على سببين لاثالث لهما، أولهما هو: الآخر المختلف مذهبياً، والذي أحبط كل مساعي السلطة القائمة، لإسعاد الشعب، وتطوير بُنى العراق التحتية.
وثانيهما هو الشيطان الذي أغوى البعض من أبناء المسؤولين فمارسوا الموبقات والأنحراف الأخلاقي !.
هذا المُنحط، دافع عن الممارسات الشاذة لأحد أبناء مسؤولي هذا الزمان في مواخير دولة أخرى بقوله :
(يمعود هذا شاب وفلوسه هوايه والشيطان يغوي.. ليش تسوونها قضيه ماصايره الناس كلشي مسويه) ... إيهٍ أيها الوضيع زدنا مما تكتنز به ذخيرتك من أدوات الدفاع عن هؤلاء! هل سألت نفسك من أين جاءت (الفلوس الهوايه) ؟ ألم يكن والده الذي وظفت له نفسك عبداً بالمجان يعتاش على مساعدات دولة المهجر التي أوته؟
ثم هل إن مرافقة الشيطان لنجل تاج رأسك سرمدية؟ ماعرفناه إن الشيطان قد يُغوي أحدهم لحظة يعقبها إستغفار وتوبة .. لم أتوجه بأسألتي له لكني تذكرت ما حدث بين (عبود وصاحبه درويش وزوجته رضيه) .. بعد موت زوجة (عبود) طلب من صديقه تكليف (رضيه) بالقيام ببعض الأعمال المنزلية (تنظيف البيت وغسل الملابس وتحميم الطفلين اليتيمين... الخ)، ذهبت المسكينة بعد توصية زوجها (أريد تساعدين عبود ولا تقصرين وياه!).. نفذت ماطلب منها صاحب الدار، وكان يدور حولها فاتلا شاربيه مُستعرضاً فحولته، وهي في حالٍ من التوجس، بين الشك بنوايا الرجل، وتنفيذ أوامر (درويش).. حانت لعبود فرصة للأنقضاض على المسكينة، ففعل المنكر، رغم تمنعها ومحاولتها الأفلات من بين يديه، أشبع شهوته ومسح دموعها قائلا:
(خويه رضيه تره مو بيدي انا ماسويت شي هذا الشيطان غلبني).. خرجت من داره تجر أذيال الخيبة، وأخبرت زوجها بما حصل بالتفصيل، تنافح (درويش) غيضاً وهو يردد (أنا اخو رضيه اليوم يومك يعبود تخون بيه)... وأخذ يفتش عن خنجره، وهو يزبد ويرعد والتفت نحو زوجته سائلا :
(رضيه عبود سواها؟ معقوله تره عبود خوش زلمه، وصاحبي ومايخوني، بس الشيطان سواها يرضيه)...
ومنذ ذلك اليوم قررت (رضيه) أن تصاحب الشيطان مع (عبود وغيره)، لأن (درويش) أصبح في حل! وأحال هذا الملف الى الشيطان.